أساس وعماد قوة اقتصاد الدولة هو شركاتها والسياسات الاستثمارية في البلد التي تتيح للمستثمرين تأسيس شركات والبدء في الإنتاج في سوق العمل والتوزيع في السوق المحلي والتصدير إلى الخارج، وقد تتميز دولة عن أخرى بما تمنحه من تسهيلات استثمارية وتجارية وقانونية للشركات المحلية واستقطاب شركات أجنبية للعمل في السوق المحلية والتمتع بمزايا التنافسية مع باقي الشركات حول العالم.
كما وأن لكل دولة نموذجًا خاصًا واستراتيجية تطورها تبعًا للظروف التي تمر بها ونوع وتنوع الكفاءات الوطنية فيها، فالنموذج الكوري على سبيل المثال، انتقل منذ ستينات القرن الماضي في مراحل عديدة أوصل كوريا واقتصادها إلى عتبة الدول المزدهرة والمرفهة، فمنذ العام 1960 قامت التنمية الاقتصادية في كوريا على أساس التنمية الإنتاجية للصناعات الخفيفة ومن ثم انتقلت لإنتاج المواد الكيميائية والثقيلة كالحديد والصلب، لتصبح بهذا قادرة على إنتاج السفن والمعدات الثقيلة.
ومن خلال تأسيس هذه القاعدة الإنتاجية الثابتة التي ارتكزت على تطوير أدوات وأساليب التعليم بشكل أساسي، استطاعت عبرها تأهيل جامعاتها والخريجين فيها لمواكبة تطور البلد والتأقلم مع حركة الحداثة العالمية التي تسير نحو استخدام التقنية والتكنولوجيا في شتى مجالات الحياة، لتنطلق كوريا في عالم الإلكترونيات وصناعات القيمة المضافة التي تعتمد على المعرفة والإبداع بشكل مطلق، وتصبح الدولة بعد هذا قادرة على إيجاد حلول خلاقة للمشاكل التي يواجهها الاقتصاد والمجتمع بالعموم.
كوريا الجنوبية
إن النموذج المتبع كمثال في كوريا، طبق أيضًا في اليابان وألمانيا ودول عديدة على اختلاف توجهاتها، وساهم في رفع مستوى اقتصادياتها لتصبح متقدمة، وتلك النماذج ليست حكرًا على دولة دون أخرى، بل إرادة وطنية ووعي سياسي اجتمع مع بعضهما وأنتج استراتيجية طويلة المدى، شغلت كل قطاعات الدولة بهدف تنفيذها على أفضل وجه.
تركيا نحو مزيد من التطور
تركيا ليست من هذا ببعيد، وهي تسير منذ بداية الألفية الثانية، وضعت لنفسها مسارًا نحو التقدم والازدهار، وهي وإن كانت في بداية الطريق فهي حققت ولا تزال تحقق أهدافًا في خطة التنمية الخاصة بها، وعلى الرغم من الشوائب والصعوبات التي تؤخر تطور تركيا بسبب المشاكل والأزمات التي تواجهها في عدة ملفات سياسية وأمنية واقتصادية محليًا وخارجيًا، فهي تمشي بخطى ثابتة تجاه تحقيق خطط التنمية في الأعوام القادمة والمحددة وفق رؤية تركيا في العام 2023 وما بعدها حتى العام 2070.
ومع كل تلك المشاكل إلا أن الشركات التركية استطاعت أن تخط طريقها نحو التطور والتميز وأن تطمح للعالمية، وفي هذا السياق هناك العديد من الشركات التركية الرائدة وأحدها شركة فيستل لإنتاج الإلكترونيات.
وفي مجال النقل البري والبحري، أصبحت تركيا وخلال مدة وجيزة قادرة على تصنيع سيارات ومركبات النقل العام، حيث استطاع مصنع “أكيا” لإنتاج الحافلات في ولاية بورصة من تصنيع أول عربة مترو وأول عربة ترامواي محلية الصنع في مدينة بورصة، ويذكر أن الحافلات تتميز بجودة عالية وتنافسية مرتفعة تضاهي الماركات العالمية، حيث تنوي دولة الاحتلال الإسرائيلي الاستعانة بشركات تركية لإكمال مشروع خط المترو الذي بدأ العمل به في العاصمة خاصتهم.
أما فيستل فقد انتقلت من إنتاج التلفزيونات إلى إنتاج الهواتف الذكية وهي خطوة تحسب للشركة أولًا في الدخول في هذا الباب وللاقتصاد التركي ثانيًا، ولعل الهاتف لم يأخذ نفس شهرة الهواتف الأخرى، إلا أن الشركة تحقق مبيعات جيدة وتسعى إلى تطوير المنتج وتحسين تنافسيته مع المنتجات الأخرى، فبعدما أصبحت قادرة على إنتاج الهاتف بأيد تركية وتوزعه في السوق المحلي تتجه الآن لتصديره إلى دول أخرى.
فبحسب المدير التنفيذي للشركة، أفاد أن الشركة بدأت بتصدير الهواتف الذكية محلية الصنع، وأنها أرسلت عيّنات إلى دول الجمهوريات التركية بالإضافة إلى كل من جورجيا وبولونيا وبعض الدول الأوروبية، وقال أيضًا إن الشركة وضعت استثمارات كبيرة حيز التنفيذ من أجل رفع القدرة التنافسية للشركة في سوق الهواتف الذكية التركية، حيث وصلت المبيعات السنوية للهواتف الذكية فيها إلى 12 مليون هاتف سنويًا.
تخطط الشركة لإنتاج 4 ملايين هاتف سنويًا، بحيث يخصص للتصدير للخارج 3 ملايين ومليون جهاز يكون من نصيب الأسواق المحلية.
فالنمو الحاصل في سوق الهواتف الذكية فاق النمو الحاصل في سوق التلفزيونات بأربعة أضعاف بحسب مدير الشركة، وشركة فيستل تتصدّر قائمة الشركات التي تنتج التلفزيون، حيث يستحوذ إنتاج الشركة على 30% من الحصة السوقية لأجهزة التلفزيونات في السوق التركية، وبات قطاع تطوير إنتاج الهواتف الذكية في تركيا، أحد أهم محركات النمو.
فينوس هاتف شركة فيستل
بالنسبة للهواتف الذكية التي تنتجها الشركة فإنها استطاعت الاستحواذ على 5% من السوق المحلية، وتهدف الشركة في المرحلة المقبلة رفع هذه النسبة إلى 10% خلال المرحلة الأولى من التطوير، وتخطط الشركة لإنتاج 4 ملايين هاتف سنويًا، بحيث يخصص للتصدير للخارج 3 ملايين ومليون جهاز يكون من نصيب الأسواق المحلية.
وعن مشاركات الشركة في المعارض العالمية وسعيها الحثيث في نشر الجهاز أكد الرئيس التنفيذي أن الشركة تستعد في الوقت الحالي للمشاركة في المؤتمر والمعرض العالميين للجوال الذي سيقام في مدينة برشلونة الإسبانية في شباط/ فبراير في العام القادم، مبينًا أن الشركة تنوي عرض ثلاثة نماذج من الجيل الجديد للهواتف الذكية الخاص بالشركة.
وأعرب عن اعتقاده بأنّ النماذج الجديدة التي ستعرض في معرض برشلونة المنتظر ستكون وسيلة لنقل الشركة خطوة نحو الأمام، لما لهذه الهواتف الجديدة من خصائص مختلفة تميزها عن باقي الهواتف الذكية، مضيفًا أنّ المعرض سيساهم أيضًا في نمو صادرات الشركة من هذه الهواتف.