السؤال الذي يدور الآن في المشهد الفلسطيني هل ستؤجل الانتخابات المحلية، أم ستجرى بموعدها في الثامن من أكتوبر 2016م؟
الإجابة عن هذا السؤال مرتبطة بمن يمتلك قرار الانعقاد والتأجيل، فحكومة الحمد الله هي من أصدرت قرار إجراء الانتخابات بالتوافق مع الرئيس محمود عباس، وهذا ما أكده رئيس الحكومة رامي الحمد الله، وعليه فإن قرار التأجيل مرتبط بالحكومة والرئيس محمود عباس، أي بيد حركة فتح وليس حركة حماس، وننتقل للسؤال التالي: ما الدوافع المنطقية لتأجيل أو إلغاء الانتخابات؟ وهل ثمة مؤشرات موجودة على الأرض تدعم سيناريو الإلغاء أو التأجيل؟
ليس من السهل اتخاذ حركة فتح قرار إلغاء أو تأجيل الانتخابات، كون هذا القرار سيحرج الحركة والسلطة أمام الرأي العام المحلي والدولي وستظهر وكأنها تخشى الانتخابات، وأنها تمتلك مؤشرات قوية بفوز حركة حماس وما يحمله ذلك من رسائل ضمنية للعالم بأن كل محاولات عزل وتشويه وحصار حركة حماس باءت بالفشل، وهذا سيدفع العالم لتغيير استراتيجياته للتعاطي الإيجابي مع حماس، ولكن في المقابل لو أدركت السلطة وحركة فتح أن فرص فوز حركة حماس كبيرة فعقد الانتخابات بمثابة انتحار لها ولمستقبلها السياسي، وسيمنح حماس قوة وشرعية وحضور أكبر في التعاطي مع الملف الفلسطيني ومع المجتمع الدولي.
هنا تكمن المعضلة، ومن هنا تكثر تقديرات الموقف التي تنهال على مؤسسة الرئاسة وأغلبها تنصح الرئيس بضرورة إلغاء الانتخابات المحلية، وأصبح لدى البعض قناعات بضرورة إلغائها ولكن مع إحسان سيناريو الإخراج، والمتمثل في بعض المؤشرات وأهمها:
1- تقديم نقابة المحامين التي تقودها حركة فتح طلبًا بإلغاء الانتخابات المحلية كونها تعزز الانقسام.
2- أحد المحامين تقدم بطلب يطعن في الإشراف القضائي والأمني على الانتخابات في قطاع غزة ما يخالف ميثاق الشرف.
3- ضغوط هائلة وتهديدات مباشرة وغير مباشرة في الضفة الغربية على القوائم والمرشحين لدفعهم نحو الانسحاب من الانتخابات، وهذا ما أكدته حركة حماس في بيانها، وأعلنت مؤسسات حقوق الإنسان ولجنة الانتخابات المركزية أنها تحقق في شكاوى قدمت من مرشحين.
4- سلوك الاحتلال الإسرائيلي بقيامه باعتقال ممثل حركة حماس في لجنة الانتخابات المركزية حسين أبو كويك وآخرين يدلل على خشية إسرائيل من عقد الانتخابات، وهذا ما يؤكده العديد من المحللين الصهاينة.
ما سبق يهدف لدفع حركة حماس للانسحاب فإن انسحبت سيتم تحميلها المسؤولية وخصوصًا لو قررت حماس منع الانتخابات بقطاع غزة، وبذلك يكون مخرجًا مشرفًا للسلطة في رام الله، ولو لم تنسحب فإن سيناريو حسم أكبر قدر ممكن من المجالس البلدية بالتزكية هو سيناريو مهم سيرجح ويدعم فرص فوز حركة فتح في الانتخابات المحلية، ولكن هنا ما لا تعلمه السلطة الفلسطينية وحركة فتح أن العالم يعرف الديمقراطية بأدواتها المختلفة الترشيح والانتخاب والدعاية الانتخابية، وعليه فإن أي مجلس يحسم بدون انتخابات فلن يدخل ضمن حسابات مراكز صنع القرار الذي يعنيها بالانتخابات فحص أثر الحصار على السلوك التصويتي للناخب الفلسطيني وهل ما زال بعد كل هذه الضغوط يحتضن فصائل المقاومة؟
المشهد مرتبك وسلوك السلطة في الضفة الغربية يعكس حالة الإرباك، وكما كتبت في مقال سابق حماس هي الكاسب الأكبر من الانتخابات المحلية فازت أم خسرت.