حذّرت العديد من الأطراف العمالية في تونس من عواقب اتباع سياسة التقشف في البلاد، في وقت أكّدت فيه المركزية النقابية أن الأجراء وعامة الشعب لن يقبلوا تحمل تبعات وأعباء ما وصفته بإخفاقات الحكومات السابقة في حلحلة الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تمر بها البلاد.
الشاهد مسؤول عن اختياراته
حذر الاتحاد العام التونسي للشغل وإن كان مشاركًا في الحكومة التونسية الجديدة، من تبعات سياسة التقشف حال اعتمادها في تونس، معتبرًا أنّ “رئيس الحكومة يوسف الشاهد مسؤول عن اختياراته”.
وأكد الاتحاد في بيان له على أنه “ليس للعاملين يد في الفشل الذي طبع الحكومات السابقة، وأنه لن يقبل أن يتحمل عامة الشعب تبعات وأعباء إخفاقات السياسات المتبعة لعقود التي كان الشعب دومًا ضحيتها والخاسر الأكبر من انتهاجها”.
وأعلن رئيس الحكومة التونسية الجديد “يوسف الشاهد”، فيه خطابه الجمعة الماضية أمام البرلمان خلال الجلسة العامة لمنح الثقة لحكومته، أن الدولة قد تعتمد سياسة التقشف وتسريح آلاف الموظفين، إضافة إلى رفع الإتاوات والضرائب على الأشخاص والشركات والتقليص من النفقات في حال لم يتم إيجاد حلول بديلة لإنهاء الأزمة الاقتصادية التي تشهدها تونس.
بلغ حجم المديونية في تونس 56 مليار دينار (22 مليار يورو) سنة 2016، مقابل 25 مليار (10 مليارات يورو) في 2010
وقال الشاهد أمام البرلمان “وضعنا في 2017، إذا لم نفعل شيئًا، سيكون أصعب بكثير من 2016، سنكون مجبرين على اتباع سياسة التقشف، الدولة ستكون مجبرة على تقليص مصاريفها (..) وستكون مجبرة على تسريح آلاف الموظفين، وستكون مجبرة على رفع الضرائب المفروضة على المواطنين والشركات، وستكون مجبرة على إيقاف الاستثمار في التنمية والبنية التحتية، هذا هو التقشف الذي سنذهب إليه إذا لم نفعل أي شيء لتدارك الأوضاع في 2016 .”
وبلغ حجم المديونية في تونس 56 مليار دينار (22 مليار يورو) سنة 2016، مقابل 25 مليار (10 مليارات يورو) في 2010.
وشهدت تونس في السنوات الخمس الأخيرة تراجع إنتاج الفوسفات بنسبة 60% بينما ارتفعت كتلة الأجور إلى 13.4 مليار دينار حاليًا من 6.7 مليار في 2010؛ ما تسبب في ارتفاع نسبة المديونية حيث بلغت 60% من الناتج الوطني الخام، حسب ما أعلن عنه الشاهد في كلمته أمام البرلمان أمس، وبلغ حجم المديونية في تونس 56 مليار دينار (22 مليار يورو) سنة 2016، مقابل 25 مليار (10 مليارات يورو) في 2010.
ومن المتوقع أن يصل إجمالي العجز في الموازنة العامة للدولة التونسية إلى 6.5 مليار دينار في 2016، نتيجة تراجع الإنتاج والإضرابات وتضرر قطاع السياحة، فيما تراجعت نسبة نمو الاقتصاد التونسي بصفة كبيرة خلال السنوات الخمس الأخيرة لتبلغ 1.5%.
أكّد الاتحاد تمسكه بالمؤسسات الوطنية العمومية، محذرًا من المساس بها أو التفويت فيها إلى أية جهة كانت
وتؤكّد المركزية النقابية في تونس أن عملية طرد العمّال إن حصلت ستكون وراء فشل حكومة الشاهد الجديدة وإعلانًا مباشرًا لوفاتها.
وأكد الاتحاد تمسكه بالمؤسسات الوطنية العمومية، محذرًا من المساس بها أو التفويت فيها إلى أية جهة كانت.
وتشكل أجور القطاع العام نحو 13.5%من الناتج المحلي الإجمالي لتأتي بين أعلى المعدلات في العالم، وقال البنك المركزي إن الحكومة ستحتاج للسعي وراء الحصول على مزيد من التمويل الخارجي في العام المقبل وإلا ستعجز عن تغطية تلك النفقات.
تسريح ألف موظف عامل بالشركة الخطوط الجوية التونسية
وفي مؤشر على بدء سياسة التقشف في تونس، أعلن وزير النقل التونسي أنيس غديرة في تصريحات صحفية أمس الإثنين أن شركة الخطوط الجوية التونسية المملوكة للدولة تعتزم تسريح ألف موظف أو ما يزيد على 12% من قوتها العاملة بدوام كامل (وتشغل الشركة حوالي 8200 موظف بدوام كامل في الوقت الحالي) في إطار خطط رامية للإصلاح وتعزيز القدرة التنافسية للشركة.
في مرحلة أولى سيتم قريبًا تسريح 400 موظف اختاروا الخروج طوعا وسينالوا تعويضات
وأوضح غديرة أن تسريح الموظفين كان مخططًا منذ أشهر في إطار خطة لإصلاح الشركة الوطنية وهو قرار جاء بعد اتفاق مع النقابات لخفض التكاليف وتعزيز التنافسية.
وأضاف “في مرحلة أولى سيتم قريبًا تسريح 400 موظف اختاروا الخروج طوعًا وسينالوا تعويضات”، مضيفًا أن إجمالي عدد المسرحين سيبلغ 1000 موظف من الشركة.
اتهامات تطال صندوق النقد الدولي
وتتهم أطراف تونسية صندوق النقد الدولي بفرض “إصلاحات” لها عواقب وخيمة على تونس، معتبرين أن حكومة الشاهد الجديدة هي نتاج إكراهات الصندوق.
في هذا السياق كشف القيادي في حزب حراك تونس الإرادة (حزب الرئيس السابق المنصف المرزوقي) طارق الكحلاوي عن وثيقة لصندوق النقد الدولي مصنفة“Strictly Confidential” تم كتابتها آخر شهر جويلية/ يوليو بعنوان “الخلاصات الأولية لمهمة زيارة 12-19 جويلية 2016” وفق تعبيره.
تنتظر تونس إفراج صندوق النقد الدولي عن القسط الأول من قرض مالي مخصص لها خلال سنة 2016 مقدر بـ 319.5 مليون دولار
وذكر الكحلاوي أن إجراءات هذه الوثيقة تشمل رفع أسعار الكهرباء وتجميد أي ترقيات ومنح وإجراءات منذ أواخر سنة 2016 وبداية 2017 ومن بينها إعادة التفاوض مع اتحاد الشغل لتجميد أي منح أو ترقيات والتأخير في سن التقاعد والتقليص من الخدمات التي توفرها الصناديق الاجتماعية حتى تواجه الدولة المشاكل المالية في ميزانية السنة القادمة.
وتنتظر تونس إفراج صندوق النقد الدولي عن القسط الأول من قرض مالي مخصص لها خلال سنة 2016 مقدر بـ 319.5 مليون دولار، ويعود هذا التأخير إلى عدم التزام تونس بتعهداتها تجاه الصندوق وأبرزها الحفاظ على الأجور في حدود 13.3% من الناتج المحلي الإجمالي مع توقعات ببلوغه 14.9%.
منح مجلس نواب الشعب التونسي (البرلمان)، مساء الجمعة 26 أغسطس/ آب 2016، في جلسة عامة، ثقته لحكومة وحدة وطنية برئاسة يوسف الشاهد، ستخلف حكومة الحبيب الصيد التي سحب منها البرلمان الثقة في 30 تموز/ يوليو الماضي إثر انتقادات كبيرة بعدم الفاعلية في إنعاش الاقتصاد ومكافحة الفساد.