بينما تعاني مناطق عديدة في سوريا من التجويع والحصار الممنهج المطبق من قبل النظام السوري لوأد الثورة وإعادة المناطق الخارجة عن سيطرته لحظيرة النظام ومن جهة أخرى يعاني الملايين من النزوح داخل سوريا بعد تهجيرهم من مدنهم وقراهم بفعل الصراع، وحيث تسعى الأمم المتحدة لتقديم يد العون لكل المتضررين على مساحة سوريا، يظهر بين الفينة والأخرى تقارير دولية حول حجم المساعدات المقدمة من قبل الأمم المتحدة وهيئاته التي لا تفتأ تطلب المزيد من الأموال لسد الاحتياجات المتزايدة في سوريا. وكثيرًا ما كانت تثار تساؤلات حول الجهة التي تمنح لها الأمم المتحدة المساعدات، فالمدن يزداد وضعها المعيشي سوءًا والمحاصرين والنازحين يفتقدون أدنى سبل الحياة، ومع ذلك تتكلم الأمم المتحدة أنها صرفت مئات الملايين على مساعدة المتضررين في سوريا!
أين تذهب أموال الأمم المتحدة؟ الغارديان تجيب
أوردت صحيفة الغاريان البريطانية أمس الإثنين تقريرًا حول برنامج المساعدات الإغاثية التي تقدمها الأمم المتحدة والمقدرة بعشرات ملايين الدولارات والتي من المفترض أنها تعطى لمستحقيها من اللاجئين والنازحيين والمتضررين في سوريا، تبين للغارديان انها تذهب لأشخاص ومؤسسات قريبة من النظام السوري وعلى صلة وثيقة ببشار الأسد بمن فيهم زوجته أسماء الأسد وابن خاله رامي مخلوف على الرغم أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أدرجتهم في قائمة العقوبات.
تقرير الغارديان كشف الكثير من التفاصيل التي تحيط بالمساعدات الإنسانية سواء العينية أو المالية التي تقدمها الأمم المتحدة، وطرحت أسئلة في الدور الذي تعلبه الأمم المتحدة في سوريا وتأثيرها على لاصراع الدائر هناك!.
تدعي الأمم المتحدة أنه لا يمكنها التعامل سوى مع بعض الشركاء الموثوقين من طرف بشار الأسد والتي تثبت أنها تقوم بإيصال المساعدات الإنسانية والإغاثية للمستحقين، بشكل مناسب. كما أن هناك العديد من المدنيين المعرضين للخطر والذي لا يمكن لهيئات المنظمة التابعة للأمم المتحدة أن تصل إليهم بسبب الظروف الأمنية المتوترة واحتدام الصراع في تلك المناطق، تقوم مؤسسات النظام بذلك.
وقد وجهت العديد من المنظمات السورية والعاملة في المجال الإغاثي من طرف المعارضة، انتقادات للأمم المتحدة في سوريا وكيف أنها تلعب دورًا في بقاء النظام قويًا من خلال المساعدات المالية والعينية التي تقدمها لمؤسسات تتبع للنظام في المحصلة. وهو ما من شأنه أن يساعد النظام السوري في البقاء أكثر والتغول في القتل والتدمير الممنهج الذي يمارسه ضد المدنيين منذ اندلاع الثورة في العام 2011.
ويسرد التقرير جملة من العقود خلال التحقيق الذي أجراه على مئات الوثائق والعقود الصادرة عن الأمم المتحدة والممنوحة منذ العام 2011 والتي تتضمن مساعدات مختلفة قدمت للسوريين:
حيث دفعت الأمم المتحدة أكثر من 13 مليون دولار للحكومة السورية لدعم الزراعة في سوريا، على الرغم من حظر الاتحاد الأوروبي للتبادل التجاري مع سوريا خشية من استخدام النظام السوري للأموال لأغراض الصراع. كما دفعت أيضًا ما لا يقل عن 4 مليون دولار كموارد مالية ووقود لمؤسسات مملوكة للدولة علمًا أنها على قائمة العقوبات في الاتحاد الأوروبي. وأنفقت منظمة الصحة العالمية أكثر من 5 مليون دولار لدعم بنك الدم الوطني السوري التابع لوزارة الدفاع السورية.
وقد ظهرت منظمتين شريكتين للأمم المتحدة داخل سوريا يناط لها معظم عقود الأمم المتحدة، وتبين أنهما شريكين للنظام وتربطها معه صلة وثيقة، أحدهما تسمى “جمعية الأمانة السورية” برئاسة أسماء الأسد زوجة الرئيس السوري، حيث تم إنفاق ما يقرب من 8.5 مليون دولار للجمعية من قبل مؤسسات الأمم المتحدة. علمًا أن أسماء الأسد مدرجة تحت قائمة العقوبات الدولية الأمريكية والأوروبية.
أما المؤسسة الأخرى تسمى “البستان” ويرأسها رامي مخلوف ابن خال الرئيس السوري، ويذكر التقرير أن الأمم المتحدة قدمت ما يقرب من 267.933 مليون دولار أي أكثر من ربع مليار دولار لصالح الجمعية والتي يعتقد أن الأموال تذهب لأطراف أخرى غير الجهات التي مفترض أن تذهب إليها، حيث يتم تمويل ميليشيات موالية للنظام السوري تستخدم في الصراع الدائر. ويذكر أن رامي مخلوف صاحب شركة سيريتل للاتصالات وأغنى رجل في سوريا وأحد أوائل المدرجين أيضًا على قائمة العقوبات الأوروبية والأمركية، دفعت الأمم المتحدة لشركة الاتصالات ما يناهز عن 700 ألف دولار في السنوات السابقة.
ومن الأمثلة التي ألقى تقرير الغارديان عليها الضوء، هي فندق “الفورسيزون” في قلب دمشق والأموال الذي صرفت فيه، إذ تعتبر الأمم المتحدة الفندق من أكثر المناطق أمانًا لموظفي الأمم المتحدة في دمشق، ويذكر أن ثلث الفندق تملكه وزارة السياحة السورية التي تم تطبيق عقوبات عليها من قبل الاتحاد الأوروبي، بينما دفعت الأمم المتحدة ما يقرب من 9,296,325.59 مليار دولار للفندق في العامين 2014 و 2015.
هناك هيئات تابعة للأمم المتحدة متواجدة في سوريا ممتعضة من القبضة التي تفرضها حكومة الأسد على الجهود الإغاثية والمساعدات الإنسانية في سوريا، وبحسب أحد المسئولين في الأمم المتحدة والعاملين في الإغاثة، أفاد أن ظروف تقديم المساعدة في مناطق الصراعات يشوبه صعوبات ومخاطر كثيرة، ولكن الظروف الموجودة في سوريا لا يوجد لها مثيل ولا يقارن بأي مكان آخر.
وفي النهاية يبدو أن الأمم المتحدة وهيئاتها العاملة في سوريا تساهم في ستمرار وحشية النظام السوري بشكل غير مباشر فبينما من المفترض أن تذهب الأموال للمحتاجين والمتضررين بسبب الصراع في مناطق عديدة في سوريا، تصب أموال الأمم المتحدة في خزينة النظام السوري لتساهم في تمويل الجيش السوري وآلته العسكرية مع ما يحويه ذلك من ميليشيات ومرتزقة وغيرها.