منذ أن أعلنت المملكة العربية السعودية، في 2 يونيو 2015، تسمية ثامر بن سبهان السبهان، سفيرًا لها في العراق، أصبح هذا الرجل محط نظر واهتمام الجميع، فتحركاته الحثيثة على جهات سياسية وشخصيات دينية إلى جانب تصريحاته النارية ضد إيران والحشد الشعبي، وتّرت العلاقة بين البلدين وأوصلته هو شخصيًا إلى أن يكون بين مطرقة الاستبدال وسندان التهديد بالتصفية الجسدية.
البداية
بدأ السبهان بلفت الأنظار إليه بعد تصريحات جريئة أدلى بها بشأن دخول الحشد الشعبي في معارك تحرير مناطق الأنبار التي يسيطر عليها تنظيم داعش، ففي مقابلة تلفزيونية قال إن الحشد الشعبي، لا يحظى بقبول المجتمع العراقي، مشيرًا إلى رفض محافظة الأنبار والأكراد دخول الحشد إلى مناطقهم، خشية من مصير قد يلقونه أسوة بما حصل في المقدادية، وفيما اعتبر أن الحشد الشعبي المدعوم من إيران “يؤجج التوتر الطائفي في البلاد”، شدّد على ضرورة أن يُترك قتال المتشددين للجيش العراقي وقوات الأمن الرسمية “لتجنب تصعيد التوترات الطائفية”.
نيران تصريحات السبهان – التي تحاكي خلفيته العسكرية أكثر من محاكاتها لمنصبه الدبلوماسي الحالي – لم تقف عند الحشد الشعبي، بل إنها طالت إيران منذ الأيام الأولى لتوليه المنصب في العراق، إذ أعلن أن “إيران تريد تدمير الأمة الإسلامية والقومية العربية، من خلال بث سمومها، وتحريضها، وتدخلاتها السافرة في شأن بعض الدول العربية، ومن خلال أذنابها وفصائلها المسلحة”، لافتًا إلى أن وجود شخصيات “إرهابية إيرانية” قرب الفلوجة، دليل واضح بأنهم يريدون حرق العراقيين العرب بنيران الطائفية المقيتة، وتأكيد لتوجههم بتغيير ديموغرافي.
توتر سياسي
هذه التصريحات خلقت حالة من الجدل بين مكونات الطيف السياسي في العراق، حيث لفت ائتلاف دولة القانون – الشيعي – إلى أن وجود السفير السعودي ثامر السبهان في العراق “تهديد خطير”، ودعا إلى طرده وقطع العلاقات مع السعودية.
واعتبر وزير النقل باقر جبر الزبيدي، تصريحات السفير السعودي في العراق ثامر السبهان، ضد الحشد الشعبي “مخالفة” للأعراف الدبلوماسية و”تدخلًا سافرًا” في الشأن العراقي.
كتلة بدر النيابية في البرلمان العراقي طالبت الحكومة العراقية بإعلان السفير السعودي “شخصًا غير مرغوب فيه”، داعية إلى طرده من بغداد، فيما هاجمت النائبة عن ائتلاف دولة القانون فردوس العوادي، السفير السبهان، معتبرةً إياه بأنه تجاوز الخطوط الحمر، فيما دعت الحكومة إلى طرده.
وقال خالد الساعدي، عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي، إن قضية التدخل في الحشد الشعبي والحديث عن المقدادية أو عن قضايا أخرى، أمر ليس من شأنه، بالإشارة إلى السبهان.
وكشفت النائبة في مجلس النواب العراقي ابتسام الهلالي، عن قيام نواب بجمع تواقيع في البرلمان لطرد السفير السعودي في بغداد ثامر السبهان، ومطالبة السعودية بتقديم الاعتذار للعراق عن التصريح الذي أدلى به ضد الحشد الشعبي.
بينما لم يكتفِ الحشد الشعبي بالمطالبة بطرده من بغداد، إذ أعلن القيادي فيه (أوس الخفاجي) في تصريح متلفز أن السبهان مطلوب لديهم وأن اغتياله شرف لهم.
محاولة اغتيال
صحيفة الشرق الأوسط السعودية ذكرت أن هناك “مخططات دبرتها إيران لاغتيال السفير السعودي في بغداد وأوكلت تنفيذها إلى مليشيات عراقية تابعة لها”.
وقالت المصادر إن “المخططات لمليشيات عراقية بتدبير إيراني تجري من ثلاثة محاور لعملية اغتيال السبهان، وذلك باستهداف سيارته المصفحة بصواريخ آر بي جي 7”.
وأشارت إلى أن “هذه المليشيات على ارتباط مباشر بإيران، وأبرزها كتائب خراسان، ومجموعة تعمل مع أوس الخفاجي، الأمين العام لقوات أبو الفضل العباس، التي تعد مكونًا بارزًا في مليشيات الحشد الشعبي”، لكن الحكومة العراقية نفت هذه المعلومات.
العراق يطلب تغيير السبهان
وبعد الجدل المثار حول السبهان لأشهر طويلة، طلبت الحكومة العراقية وبشكل رسمي تغيير السبهان باعتباره تجاوز مهامه الدبلوماسية، ويتسبب في المشاكل بين البلدين.
وقال المتحدث باسم الخارجية العراقية أحمد جمال: “وجهت وزارة الخارجية طلبًا رسميًا إلى نظيرتها الخارجية السعودية يتضمن استبدال السفير لدى بغداد”.
السبهان يرد
السفير السبهان ردّ على طلب استبداله بتأكيده على أن سياسة المملكة العربية السعودية واضحة وصريحة في العراق ولن تتغير بتغير الأشخاص، لافتًا إلى أنه يحاول فقط أداء واجبه وحسب.
وفيما أكد أن العراقيين يعانون من ضغوط وأجندات معينة تفرض سياستها عليهم، أوضح السبهان أن السعودية تتفهم الضغوط التي يفرضها مستشارون عسكريون من دول أخرى على العراقيين، في إشارة إلى التدخل الإيراني.
عسكري بامتياز
– يحمل ثامر السبهان سفير السعودية في العراق رتبة عميد ركن، وهو من مواليد الرياض عام 1967.
– أنهى دراسته الثانوية في مدرسة الجزيرة في الرياض عام 1985، وتخرج حاملاً درجة البكالوريوس في العلوم العسكرية من كلية الملك عبدالعزيز الحربية عام 1988، ثم حصل على الماجستير في العلوم الشرطيـة بجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية عام 2007، والماجستير في العلوم العسكرية من الأردن عام 2008.
– وطوال مسيرة حياته المهنية، خدم في أكثر من موقع وتولى عدة مناصب منها قائد السرية الثانية للتدخل السريع في كتيبة الشرطة العسكرية الخاصة للأمن والحماية، قائد فصيل في السرية الرابعة في كتيبة الشرطة العسكرية الخاصة للأمن والحماية، قائد فصيل في سرية التدخل السريع في كتيبة الشرطة العسكرية الخاصة في الرياض، مساعد قائد السرية الرابعة في كتيبة الشرطة العسكرية في الرياض، قائد السرية الثانية للتدخل السريع في كتيبة الشرطة العسكرية الخاصة للأمن والحماية.
وصل بغداد بعد موافقة العراق عليه في سبتمبر 2015، قبل أن يبدأ عمله نهاية العام الماضي.
“غير المعلوم” هو: هل سترضخ الحكومة السعودية وتستبدل السبهان، وبذلك يُسَجَّل نصرٌ للحشد الشعبي – المدعوم إيرانيُا -، أم أنها سترفض وتُبقي عليه، وتكسب الجولة لصالحها؟ هذا ما ستكشف عنه الأيام المقبلة، لكن المعلوم والمؤكد هو أن حكومة العبادي اليوم في موقف لا تُحسَد عليه، فهي من جهةٍ لا تريد عودة القطيعة بين البلدين – خصوصًا وأنها فعلت المستحيل لإنهائها -، ومن جهة أخرى تُدرك جيدًا نفوذ الحشد الشعبي سياسيًا وعسكريًا ولا تريد الصِدام معه.