تدرس الكويت فرض إجراءات عديدة بغرض سد العجز في الموازنة المالية في العام المالي 2016 – 2017 (السنة المالية في الكويت تبدأ في نيسان/ أبريل وتنتهي في مارس/ آذار من العام التالي)، إذ من المتوقع أن تواجه الكويت عجزًا ماليًا يقدر بنحو 9.5 مليار دينار ما يعادل 31.5 مليار دولار (الدينار يساوي 3.31 دولارًا)، جراء تراجع أسعار النفط التي أدت لانخفاض المداخيل على الخزانة المالية العامة للدولة، علمًا أن العام المالي الماضي 2015 – 2016 سجلت الكويت عجزًا في الميزانية بلغ نحو 5.5 مليارات دينار كويتي ما يعادل نحو 18 مليار دولار.
وتقرر بحسب وزير المالية الكويتي في الشهر الماضي أن العجز سيتم تمويله عبر اقتراض نحو ملياري دينار من السوق المحلية واقتراض نحو 3 مليارات دينار من الأسواق العالمية والباقي سيتم سحبه من الاحتياطي العام للدولة.
لذا تعمل الكويت على برنامج إصلاحي للتعامل مع تراجع المداخيل من خلال ضبط النفقات وإقرار الترشيد ومكافحة الهدر وخصخصة شركات حكومية وفرض ضرائب جديدة والتوسع في استثمارات تورد للبلاد مصادر دخل بديلة، كما بدأت الحكومة بتقليص فاتورة الدعم على السلع والخدمات الأساسية التي تتحملها الحكومة لتدعيم إيرادات الميزانية، إذ عمدت الحكومة لرفع أسعار البنزين في البلاد للمرة الأولى منذ تسعينات القرن الماضي، ولاقت الخطوة امتعاضًا من المواطنين الذين رفضوا إجراءات الحكومة الإصلاحية والتي تفضي في النهاية لارتفاع عام في أسعار السلع والخدمات.
تسهم إيرادات النفط بتمويل 90% من الميزانية في الكويت
الاستفادة من الوافدين
يناقش البرلمان الكويتي مقترحًا قدم من قِبل مجموعة من النواب في البرلمان يقضي بفرض ضريبة تدريجية على تحويلات الوافدين الخارجية إلى بلدانهم بمقدار 5% على كل عملية تحويل مالية للخارج، فبحسب أحد النواب فإن هذه النسبة تعد بسيطة بالنسبة للخدمات التي تقدمها الحكومة للوافدين من مرافق وسلع غذائية ومواد أساسية مدعمة من الحكومة، ويفيد مقدمو مشروع القانون أنه تم الأخذ في الاعتبار شرائح العمال التي تتقاضى مرتبات متدنية لذا أقرت الضريبة بشكل تصاعدي حتى لا يتضرر الأشخاص ذوي الدخل المتدني.
وبحسب مشروع القانون سيتم تحصيل 2% من التحويلات للمبالغ دون الـ 100 دينار كويتي أي ما يعادل 332 دولارًا، و4% للمبالغ المحولة بين 100 و500 دينارًا و5% للمبالغ التي تكون فوق 500 دينار، وسيم تحصيل الضريبة من خلال طوابع مالية تصدرها وزارة المالية وتقوم شركات الصرافة والبنوك بإرفاقها بإيصال الحوالة المالية وإرسالها للوزارة للتدقيق والحصر، كما ويقر القانون عقوبة بالسجن لكل من لا يلتزم بالقانون مدة لا تزيد عن 6 أشهر أو غرامة مالية لا تتجاوز 10 آلاف دينار.
يذكر أن ثلثي سكان الكويت يعتبرون من الوافدين من بينهم ما يقرب من 1.5 مليون عامل وافد غير العمالة المنزلية والعاملين في قطاعات وشركات حكومية، وهم بالمجمل ينتمون إلى 164 جنسية مختلفة، علمًا أن الحكومة ممثلة بوزارة شؤون التخطيط والتنمية سبق وأعلنت نيتها عن تعديل التركيبة السكانية في البلاد وتقليص العمالة الوافدة إلى حدود 50% من إجمالي عدد السكان البالغ 1.2 مليون مواطن يشكلون 39% بينما يبلغ عدد الوافدين 2.8 مليون وافد يشكلون نسبة 61% من إجمالي عدد السكان في البلاد.
يبلغ عدد سكان الكويت 1.2 مليون مواطن بينما يبلغ عدد الوافدين 2.8 مليون يشكلون نسبة 61% من إجمالي عدد السكان في البلاد
غير أن الوافدين في الكويت من ذوي المرتبات المتدنية والذين يحولون مبالغ مالية إلى بلدانهم، أبدوا تخوفهم من الضريبة على تحويلاتهم المالية، فحسب ما ورد في صحيفة العربي الجديد، فإن العديد من العمال رأوا أن الضريبة ستضاف إلى جملة الالتزامات التي يتحملها العامل، بدءًا من مصاريف السكن والمأكل ورسوم الإقامات والمدراس والحاجات الأساسية بينما يحول ما تبقى منه للعائلة، وفي حال فرض الضريبة على الحوالة فإنها ستؤثر و”تخل” بميزانية العامل وميزانية أسرته في البلد المحول لها.
حتى أصحاب الدخل المتوسط ممن يعملون في شركات حكومية أو في القطاع الخاص رأوا أن الضريبة ليست في مكانها، فدخولهم مبرمجة ضمن ميزانية معينة يكون تحويل جزء من المال للخارج جزء لا يتجزء من المصاريف والالتزامات الشهرية والسنوية من إقامات وأقساط الأولاد في المدارس والجامعات ومصاريف القروض المسحوبة من البنوك عن السيارات والمستلزمات الأخرى، لذا فإن الضريبة على الحوالة المالية تمثل خللًا في الميزانية الشهرية.
قانون الضريبة على الحوالات المالية لازال مشروعًا يتم مناقشته في البرلمان، وفي حال إقراراه فإن الحكومة تكون أضافت عبئًا على العامل الوافد بذريعة سد العجز في الموازنة العامة وقررت اللجوء إلى أسهل طريقة في سد العجز وهي فرض الضرائب على الوافدين دون النظر في المشكلة الرئيسية في العجز الذي يتطلب حلًا جذريًا يتمخض من التوقف عن اعتماد الحكومة على إيرادات النفط بشكل مفرط وإصلاح الخلل في الاقتصاد من أساساته لا من فروعه.