يعد موسم الحج من أهم المواسم التي تدر على السعودية مليارات الدولارات لترفد الخزانة العامة بالأموال، ففي هذا الوقت من العام تتأهب الدولة بكل قطاعاتها في الأماكن المقدسة وما حولها لاستقبال ملايين الحجاج القادمين من كل أصقاع الأرض من خلال المطارات والموانئ البحرية والطرق البرية.
ففي خلال شهر أو أقل قليلًا تغص كل من مكة والمدينة والطرق المؤدية إليها بملايين الحجاج، وقد بدأت وفود الحجاج لهذا العام بالتوافد إلى مكة لتادية مناسك الحج. سنحاول من خلال سلسة من التقارير تغطية موسم الحج اقتصاديًا، نتعرف فيه حجم الإيرادات المتأتية من الحج ونعرج على وضع القطاعات والمرافق في الدولة أثناء الموسم.
ونتحدث عن التجارات الرائجة والسلع الأساسية والواردات والصادرات التي تسبق وتعقب موسم الحج، والعمالة الوطنية والأجنبية التي تتوافد على السعودية لاستغلال العمل في هذا الموسم، وحجم إنفاق الحاج في الأماكن المقدسة من مأكل ومنامة وهدايا ومستلزمات الحج الأخرى، والفنادق والإسكان ونسبة الإشغال فيها، والعملة المحلية الريال وحجم الطلب الذي تشهده ووضع محلات الصرافة سواء في السعودية أو في البلدان التي يأتي منها الحجاج، وحركة الأسواق التجارية وذبح الأضاحي وأعدادها وطريقة تصريفها.
قدر إنفاق الحجاج في اليوم الواحد في أسواق مكة المكرمة بنحو 189.2 مليون دولار في العام 2010
ومن ثم الحديث عن التوسعة التي تقوم بها السعودية في المطارات والموانئ والحرم المكي والقيام بمشاريع قطارات وجسور لخدمة الحجاج والتخفيف من حالات الازدحام من جهة وزيادة أعداد الحجاج والمعتمرين من جهة أخرى، إلى جانب المقارنة بين موسم الحج لهذا العام والمواسم الأخرى في الماضي.
اقتصاد الحج
يُحدث موسم الحج انتعاشًا في جميع القطاعات الاقتصادية في السعودية، وخصوصًا في مكة المكرمة، وليس الحاضر ببعيد عمّا كان يحدث في الماضي مع اختلاف الزمن والتطور والحداثة التي جرت، ففي الماضي كان الحجاج يحملون معهم تجارتهم من سلع ينتجونها في بلدانهم بغية بيعها في أسواق مكة وفي الطريق إليها. حيث ينفق الحجاج سنويًا مليارات الدولارات على الإقامة والمأكل وفي شراء مختلف السلع والهدايا. لذا يعد موسم الحج بالنسبة للتجارعامة، وتجار مكة خاصة موسمًا مهمًا يحقق لهم أعلى دخل بعد موسم رمضان.
وقد قدر إنفاق الحجاج في اليوم الواحد في أسواق مكة المكرمة بنحو 189.2 مليون دولار في العام 2010 بحسب درسات منشورة في الصحف السعودية، ويبلغ إنفاق الحاج الواحد وسطيًا خلال المدة التي يقضيها في الحج والبالغة 18 يومًا _ إجمالي المدة التي يقضيها الحجاج في عموم البقاع المقدسة_ 5 آلاف ريال ليتجاوز الإنفاق العام لجميع الحجاج ما يقرب من 3.25 مليارات دولار علمًا أن متوسط إنفاق الحاج القادم من الخارج يفوق إنفاق الحاج القادم من الداخل.
يستحوذ قطاع الفنادق والإسكان على نحو 40% من مداخيل الحج.
كما يختلف إنفاق الحاج تبعًا لعدة ظروف وعوامل تتعلق بعمر الحاج وجنسه والحالة المادية للحاج فضلًا عن مؤشرات الأسعار في الأسواق. ويعد قطاع الإسكان في مقدمة القطاعات الاقتصادية المستفيدة في الموسم حيث تحظى بنصيب الأسد من نسبة الإنفاق تليه قطاعات الهدايا والتذكارات بنسبة 14% والمواد الغذائية بنسبة 10% ثم تأتي بعد ذلك المواصلات والخدمات الصحية ومحال المجوهرات بنسب متفاوتة بحسب تقرير على صحيفة اليوم السعودية.
وبحسب الإحصائيات المنشورة في الصحيفة ذكرت أنه في سبتمبر/أيلول من العام 2014 متوسط التكلفة التي ينفقها الحاج في بلده قبل وصوله للسعودية تبلغ 36% من تكاليف رحلة الحج الكلية، ونسبة 65% في المتوسط تنفق داخل السعودية بعد وصوله.
ومن المتوقع كما تشير الصحيفة أن ترتفع معدلات عوائد الحج والعمرة بحلول العام 2020 إلى أكثر من 47 مليار ريال سعودي أي نحو 12.9 مليار دولار، بعد انتهاء مشاريع التوسعة في الحرمين والمشاعر المقدسة. حيث من المتوقع أن يرتفع أعداد الحجاج والمعتمرين بحلول عام 2020 إلى ما بين 5 – 6 ملايين حاج في حين ستزيد أعداد المعتمرين لتصل إلى 20 مليونًا طوال العام.
مشاريع التوسعة في مكة المكرمة
يُذكر أن موسم الحج للعام الماضي 2015 كان آخر موسم تخفض فيه السعودية نسب الحجاج القادمين من الخارج بعد أن تم تقليصها لكل دولة بنسبة 20% بسبب أشغال التوسعة في الحرم المكي وأماكن الشعائر، علمًا أن موسم الحج لهذا العام سيكون بداية تشغيل أجزاء كبيرة من التوسعة في شعائر الحج. ويذكر أن إجمالي عدد الحجاج في العام الماضي 2015 بلغ 1,355,210 مليون حاج قدموا برًا وبحرًا وجوًا.
خبراء اقتصاديون أعطوا موسم الحج أهمية بالغة لمشاركته في رفد الخزانة العامة للدولة، حيث بلغت إيرادات السعودية من الحج والعمرة في العام 2012 أكثر من 62 مليار ريال أي ما يعادل 16.5 مليار دولار مع زيارة أكثر من 12 مليون حاج ومعتمر للسعودية في ذلك العام، ولفت البعض أنه لو تم استغلال المورد الاقتصاد للحج أفضل استغلال ووجد تنظيما أكثر مما هو عليه الآن فإن الدخل الاقتصادي للحج والعمرة سيوازي دخل البترول.
إجمالي عدد الحجاج في العام الماضي 2015 بلغ 1,355,210 مليون حاج قدموا برًا وبحرًا وجوًا.
وقد أدركت الحكومة السعودية هذه الحقيقة حديثًا ووضعت موسم الحج والعمرة من ضمن أجندتها في رؤية السعودية 2030 التي أشرف عليها الأمير محمد بن سلمان، والتي تقتضي تخلي الميزانية عن إدمان النفط الذي تعتمد عليه بشكل كبير، والذي خلف آثارًا سيئة وأزمات اقتصادية متلاحقة للسعودية بعد انخفاض أسعار الطاقة العالمية.