ابتدأ الرئيس السيسي زيارة إلى الهند مدتها ثلاثة أيام، بغية اجتذاب رجال أعمال للاستثمار في مصر، ورسم صورة جميلة عن الاقتصاد المصري، واعدًا كما في كل زيارة بتسهيل القوانين والإجراءات التي من شأنها تذليل الصعوبات عليهم، وضمان تدفق أموالهم بسهولة وتحقيق عوائد كبيرة. إلا أن جهود الرئيس في زيارات مماثلة سابقة إلى بلدان عديدة قلمّا تأتي أكلها، حيث سبق وأن زار الصين واليابان وغيرها وعقد اتفاقيات والتقى برجال أعمال ومستثمرين، ولكن شيئًا لم يحدث ومستثمرين لم يأتوا.
فالمستثمر الأجنبي أيًا كانت جنسيته عندما يقرأ التقرير الأخير الصادر عن البنك المركزي، أن إجمالي المساعدات المالية الذي حصلت عليه مصر خلال ست سنوات بلغت 31 مليار دولار من الدول العربية الداعمة، ومع ذلك لم تُسهم في رفع مستوى الاقتصاد في شيء، بل على العكس فالبلاد ومنذ فترة تعاني من أزمات اقتصادية حادة لجأت بسببها إلى صندوق النقد، وفرضت إجراءات تقشفية ورفعت الدعم عن السلع الأساسية، لذا عندها لن يكون المستثمر متحمسًا للاستثمار في مصر.
بلغ إجمالي المساعدات المالية التي حصلت عليه مصر خلال ست سنوات 31 مليار دولار من الدول العربية الداعمة لمصر
الاقتصاد الهندي الأعلى نموًا عالميًا في 2015
يسعى الرئيس في زيارته إلى الهند لتحويل مصر لوجهة جاذبة للاستثمارات الهندية من خلال تسهيل تدفق رؤوس الأموال الهندية إلى مصر، مدركًا وزن الاقتصاد الهندي في العالم وحجم التطور الذي حققته البلاد في الأعوام السابقة.
حيث عُد الاقتصاد الهندي الأسرع نموًا في العام الماضي 2015 والذي بات يعتبره البعض أنه قوة الدفع الجديدة للاقتصاد العالمي ومحفزًا للتجارة الدولية في الوقت الذي تشهد فيه الصين تراجعًا ملحوظًا عن قيادة النمو العالمي.
كما حققت الهند أعلى معدل نمو في العالم في العام الماضي 2015 بلغ نحو 7.4% ويذكر أن الاقتصاد الهندي هو أحد الاقتصادات الناشئة ومصنف بأنه السابع عالميًا بإجمالي ناتج محلي بلغ قرابة 2 ترليون دولار وخمسين مليار دولار في العام 2015، وتعد رابع أكبر مستهلك للنفط الخام في العالم. كما انعكس النمو المرتفع على مستوى المعيشة وزاد من معدلات الاستهلاك وتم تسجيل خروج ملايين السكان من مستوى الفقر حيث هبط عدد الفقراء إلى 137 مليون هبوطًا من 400 مليون في العام 2005، كما بلغت صادرات الهند في العام الماضي 465 مليار دولار شكلت صادرات البرمجيات منها نحو 155 مليار دولار.
توجه الرئيس السيسي إلى الهند، جاء أيضًا حسبما اأفادت مصادر حكومية لتصحيح الصوة السلبية عند المستثمرين الهنود بعد تعثر العديد منهم في استثمارات قاموا بها في تسعينيات القرن الماضي.
حققت الهند أعلى معدل نمو في العالم في العام الماضي بلغ نحو 7.4% ويصنف الاقتصاد الهندي السابع عالميًا
ويعول نواب وسياسيون مصريون على زيارة الهند في زيادة الاستثمارات الأجنبية مؤكدين أنها ستزيد لـ10 مليار دولار وستفتح مجالا اقتصاديًا جديدًا بين البلدين. ويحمل جدول الزيارة توقيع عقود بـ 100 مليون دولار بين رجال الأعمال المصريين والهنود علاوة على مشاركة نحو 14 شركة مصرية في المجلس المصري _ الهندي في العاصمة نيودلهي والإعلان عن مشاريع مشتركة بين الجانبين كإنشاء العديد من الصناعات مثل صناعة الأدوية ومصنع للجرارات الزراعية وإنشاء جامعة ومشفى في مصر.
فضلا عن رغبة كلا البلدين لزيادة حجم التبادل التجاري إلى 8 مليارات دولار وزيادة حجم الاستثمارات الهندية في مصر إلى نحو 10 مليارات دولار بحلول العام القادم بحسب ما يؤكده أحد النواب المصريين.
وفي المحصلة سيحتفي الهنود بزيارة السيسي إلى بلدهم، ويوقعوا معه الاتفاقيات المدرجة في جدول الزيارة، وسيلقي السيسي كلمات عديدة لإقناع المستثمرين الهنود للقدوم إلى مصر والاستثمار فيها. ولكن، كل هذا سيكون بمثابة معلومات نظرية مغرية بالنسبة للهنود، فالواقع بالنسبة لهم يتحدث العكس، مدركين أن الزيارة نابعة من شدة الأزمة الاقتصادية التي وقعت فيها مصر، والتي أرغمت الحكومة على الاقتراض واتخاذ إجراءات تعسفية للحؤول دون حصول الأسوأ. وضمن هذه الظروف فإنه من المتوقع ألا تحظى زيارات السيسي بالفائدة المرجوة، ليس قصورًا في مصر بل في الطاقم الذي يدير اقتصادها وأدخلها إلى نفق مظلم.