أفاقت لبنان واللبنانيون يوم أمس الجمعة على خبر اغتيال الوزير اللبناني السابق، محمد شطح، المعروف بمناهضته للرئيس السوري بشار الأسد، في انفجار ضخم في العاصمة بيروت راح ضحيته خمسة أشخاص آخرون، مؤديا إلى مزيد من الاحتقان الطائفي الذي غذته طيلة السنة الماضية سلسلة من التفجيرات الطائفية التي استهدفت الشيعة والسنة على حد سواء.
ووجه بعض حلفاء الوزير السياسيين الاتهامات إلى تنظيم حزب الله بالوقوف خلف عملية الاغتيال، حيث أشار رئيس الوزراء اللبناني السابق، سعد الحريري، إلى حزب الله متهما إياه ضمنيا بالوقوف خلف اغتيال مستشاره السياسي البالغ من العمر 62 عاما قائلا: “إنها رسالة إرهابية جديدة لنا”، مضيفا في بيانه الذي نقلته رويترز: “المتهمون بالنسبة لنا وحتى إشعار آخر هم أنفسهم الذين يتهربون من وجه العدالة الدولية ويرفضون المثول أمام المحكمة الدولية إنهم أنفسهم الذين يفتحون نوافذ الشر والفوضى على لبنان واللبنانيين ويستدرجون الحرائق الإقليمية إلى البيت الوطني”.
وبينما قال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري: “هذه خسارة رهيبة للبنان وللشعب اللبناني والولايات المتحدة”، ندد الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي بانفجار يوم الجمعة، وقال بان كي مون في بيان خاص: “الدكتور شطح كان صوتا لا يكل للتسامح والتنوع والاعتدال… وفاته خسارة فادحة للبنان وتذكرة بالحاجة إلى وضع نهاية للإفلات من العقاب”.
ويرجح محللون أن يكون اغتيال شطح مرتبطا بالصراع على السلطة في لبنان، والذي اندلع منذ اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري سنة 2005، وسلسلة الاغتيالات التي أعقبته واستهدفت سياسيين ومسؤولين وصحفيين مناهضين للنظام السوري برئاسة بشار الأسد، وكان أهمها في أكتوبر تشرين الأول من العام الماضي والذي راح ضحية له وسام الحسن، رئيس شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي، المدعوم من الحريري في انفجار سيارة مفخخة في بيروت.
كما يشير آخرون، تحدثوا لرويترز، إلى أن مقتل شطح قد يكون مرتبطا ببدء فعاليات المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في يناير كانون الثاني والتي من المقرر أن تحاكم، في غضون أسبوعين خمسة أشخاص مشتبه بهم في اغتيال الحريري والد سعد الحريري و21 شخصا آخرين، وذلك في المحكمة الدولية في لاهاي، مع العلم بأن المتهمين الخمسة مختفون عن الأنظار ويرفضون تسليم أنفسهم.
ونشر شطح قبل أقل من ساعة من مقتله على حسابه على تويتر اتهامه للحزب الشيعي بمحاولة السيطرة على البلاد، قائلا: “حزب الله يهول ويضغط ليصل إلى ما كان النظام السوري قد فرضه لمدة ١٥ عاما: تخلي الدولة له عن دورها وقرارها السيادي في الأمن والسياسة الخارجية.”
وأما الوزير السابق، مروان حمادة، الذي كان قد نجا من تفجير سيارة في عام 2004، فقد توجه بالاتهام مباشرة إلى حزب الله وقال لقناة العربية: “لن يمر حزب الله إلى الحكم في لبنان مهما حاول بالدم وبالدمار”.
كذلك أدان الرئيس اللبناني ميشال سليمان ورئيس وزرائه نجيب ميقاتي ومسؤولون من مختلف الأطياف في البلاد قتل شطح، وذكر ميقاتي في بيانه أن الانفجار استهدف “شخصية سياسية وأكاديمية معتدلة وراقية آمنت بالحوار ولغة العقل والمنطق وحق الاختلاف في الرأي.”
وأما الموقف الرسمي لحزب الله، فقد أدان ما أسماه “الجريمة البشعة” التي استهدفت شطح، قائلا في بيان بأن عملية الاغتيال “تأتي في إطار سلسلة الجرائم والتفجيرات التي تهدف إلى تخريب البلاد ومحاولة آثمة لاستهداف الاستقرار وضرب الوحدة الوطنية ولا يستفيد منها إلا أعداء لبنان”.