“لكل شخص قصة مختلفة”، كان هذا شعار إنستغرام حينما أطلق “إنستغرام ستوريز”، ليعلن إنستغرام بذلك حربًا إلكترونية وتجارية في نفس الوقت على سناب شات، ليدخل إنستغرام مجال التقليد، والذي يعتبره خبراء التكنولوجيا بأنه أفضل الطرق للإبداع، بل أصدقها على الإطلاق.
من المدهش أن إنستغرام قد قلّد المبدأ كليًا معتمدًا على نموذج سناب شات، فتظهر قصص إنستغرام بنفس الشكل تقريبًا في أعلى صفحة إنستغرام العادية، وهي ما كانت حركة عبقرية من التطبيق لجعل الامر مألوفًا بالنسبة للمستخدمين، ليقوموا بالاعتياد عليه فورًا، والتشجع على استخدامه، مما جعل التطبيق أكثر تميّزًا.
أعلن إنستغرام الحرب على سناب شات بتطبيقه “إنستغرام ستوريز”، فالآن يستطيع 300 مليون مستخدم للتطبيق استخدام ومشاهدة القصص يوميًا، مقارنة بـ 150 مليون مستخدم لسناب شات، وهو ما جعل تطبيق القصص على إنستغرام بمثابة إعلان للحرب في ألفية التكنولوجيا الحديثة.
كما أعلنت العديد من شركات التسويق العالمية بأن تطبيق إنستغرام ستوريز يمثل نهاية تطبيق سناب شات قريبًا، إلا أن سناب شات لن يستسلم عند هذا الحد بحسب تصريحاتهم على مختلف المنصات الإلكترونية، وسيقوم التطبيق بوضع المزيد من الأيقونات والرموز التي أغرت جمهوره في البداية لاستخدامه، وسيقوم بتطوير محتواه من أجل البقاء والمحافظة على وجوده في المنافسة.
بدأ سناب شات كموقع للمراسلة في البداية، وهذا ما كان ميزة في صف سناب شات وقت إعلانه عن انطلاق فكرة “ستوريز”، وهي عرض قصص لمستخدمي التطبيق “صور كانت أو فيديوهات” تستمر لمدة 24 ساعة، ومن ثم تختفي تمامًا، كذلك الرسائل، مع حماية لقصص كل مستخدم، فلا يمكن لمستخدم آخر حفظها، أو التقاط صورة لها بدون علم صاحبها، لذا اعتمد سناب شات على الخصوصية الكاملة للمستخدم، وهو ما ربط المستخدم عاطفيًا بالتطبيق.
اعتمد إنستغرام كذلك على ارتباط المستخدم العاطفي بالتطبيق، حيث يستخدم 300 مليون مستخدم التطبيق يوميًا بشكل نشط، وهو ما سهّل المهمة كثيرًا على إنستغرام بتجديد التطبيق وتقليده لسناب شات، مع كل التأكيد بأنه لن ينقلب جمهوره عليه ويتهمه بتقليد الأفكار، ليفرح مستخدمو إنستغرام بتطبيق إنستغرام ستوريز، بل ينجذب بعض من مستخدمي سناب شات إلى إنستغرام بسبب تطبيقه لإنستغرام ستوريز أيضًا، فهو منصة للصور العادية وللقصص كذلك.
لا يمكن الجزم بأن مستخدمي سناب شات سينخفض عددهم إلى النصف بعد انطلاق إنستغرام ستوريز، إلا أنه يمكن الجزم بأن التطبيق الوحيد الذي يشغل سناب شات، بل ويهابه الآن، هو تطبيق إنستغرام، فلم يستخدم الناس تطبيقين مختلفين واحد للصور الكلاسيكية والآخر لصور أو فيديوهات تختفي خلال اليوم على سناب شات، في حين يوفر إنستغرام الآن كل من الصور الكلاسيكية وكل ما يقدمه ويوفره سناب شات للمستخدمين في تطبيق واحد، بل وعلى نفس الصفحة الأصلية للتطبيق.
يعد إنستغرام هو الأنسب لمجال الإعلانات، فهو يقدم منصة لائقة بالإعلانات، فهي كلاسيكية لكنها متمدينة في ذات الوقت، وسينجذب إليها مقدمي الإعلانات أكثر من انجذابهم إلى طريقة سناب شات في العرض، فإنستغرام بالنسبة إليهم هو منصة إلكترونية تقليدية، بمميزات عرض لائقة بمجال الإعلان، لذا تعد هذه ميزة تجارية ضخمة بالنسبة لتطبيق إنستغرام في جنيه الملايين من الدولارات بسبب الإعلانات.
قالها الفنان “بيكاسو” ذات مرة، “الفنان الجيد هو من يقلد، أما الفنان العظيم هو من يسرق”، فعمليًا، هذا ليس اتهامًا فعليًا لشركات التكنولوجيا بالسرقة، كما أن إنستغرام عمل على تبسيط التطبيق ليناسب استخدام كل الأعمار وكل الأجيال، أما سناب شات فتواجهه مشكلة منذ أن تم إطلاقه، وهي صعوبة استخدام التطبيق لأغلب المستخدمين في البداية، حتى إن الكثير من المستخدمين يتركه بالفعل لعدم استطاعته فك ألغازه واستخدامه بسهولة، ففي حالة إنستغرام ستوريز، كان الأمر سهلًا للغاية على المستخدمين أن يبدأو في التعرف عليه، أسهل بكثير مما يحدث على سناب شات.
مقارنة ما بين إنستغرام وسناب شات توضح بأن إنستغرام يتمتع بعدد 300 مليون مستخدم نشط يستخدم التطبيق يوميًا، حيث يقوم 20% من المستخدمين برفع صور لهم يوميًا على التطبيق، ليحقق إنستغرام أرباحًا تصل إلى 2-3 بليون دولار، أما في حالة سناب شات، فيتمتع التطبيق بـ 150 مليون مستخدم نشط، تقوم نسبة 60% منهم باستخدام التطبيق يوميًا برفع صور وفيديوهات لهم، ليحقق سناب شات أرباحًا بقدر 350 مليون دولار.
رسم بياني يوضح عدم تأثر سناب شات بإنستغرام ستوريز، حيث مازال يتفوق على إنستغرام في عدد الزيارات اليومية وعدد الدقائق التي يقضيها كل مستخدم على كل تطبيق على حدا.
تعد “إنستغرام ستوريز” محاولة من إنستغرام لكسر حاجز الكمالية الوهمية التي تمتع به وتم انتقاده بسببها كثيرًا، فبعيدًا عن تصوير الواقع المزيف بوضع صورة مقتطعة من صورة أكبر، والتركيز عليها وتصويرها بأكثر الطرق المميزة من أجل أن تظهر بشكل كمالي جميل، ونسيان ما يكون حولها من واقع من الممكن أن يكون مزر، إلا أن إنستغرام ستوريز كسرت القاعدة، ووفرت طريقة جديدة للمستخدمين من نقل الواقع الحقيقي إلى شبكات التواصل الاجتماعي ومشاركته مع غيرهم من الأصدقاء، بدون تعديل يغير من شكل الصورة الأصلي.
لا يمكن نسيان نجاح سناب شات الساحق وتطبيقه لتكنولوجيا الصورة والفيديو الجديدة في عالم التواصل الاجتماعي، إلا أن هذا بالتأكيد لن يمنعه من المنافسة الشرسة، ولن يبرر له أن هناك من يستطيع سحب الأضواء تجاهه، إلا إذا حارب سناب شات في المقابل، والذي من الممكن أن نراه في الأيام القادمة.