كتب الإسرائيلي يرام سكوتزر تقريرًا نشر على موقع معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي “انس” تحدث فيه عن ضعف ولاية سيناء أو جماعة أنصار بيت المقدس، وهي منظمة مرتبطة بتنظيم الدولة، وكانت هذه المنظمة قد عانت من سلسة من الضربات التي وجهها الجيش المصري ضدها، أبرزها كانت غارة جوية في أوائل شهر آب/ أغسطس 2016 وقد قتل خلال هذه الغارة عشرات من كبار قادة المنظمة.
وكانت هذه الغارات ضمن الحملة التي أطلقتها مصر لمكافحة الإرهاب بشكل عام، وفي سيناء بشكل خاص، لكن، على الرغم من ضعف عمليات المنظمة في الأشهر القليلة الماضية، إلا أنه لا يزال من السابق لأوانه الجزم بأن مصر أصبحت قادرة على هزيمة ولاية سيناء وإزالة الخطر الذي تشكله على أمن سيناء ومصر ككل، وفي الواقع، فإن هزيمة ولاية سيناء يمكن أن يساهم بدرجة كبيرة في الحرب القائمة مع تنظيم الدولة؛ لذلك، فإن تقديم الدعم لمصر في حربها ضد ولاية سيناء أصبح أمرًا غاية في الأهمية، في هذا السياق، يجب إدراج ولاية سيناء ضمن الأطراف المستهدفة من قِبل التحالف الدولي، لكن ذلك لن يكون ممكنًا إلا بعد موافقة مصر.
وقد تراجع عدد الهجمات التي توجهها ولاية سيناء ضد الجيش المصري، كما لوحظ أيضًا تراجع نشاطها الإعلامي والدعائي، وهذا قد يكون دليلاً على تضرر المنظمة وتراجع قوتها، ومع ذلك، فإنه من السابق لأوانه أن نستنتج أن منظمة إرهابية تستمد قوتها من استياء مجموعة من السكان يشعرون بالحرمان اقتصاديًا واجتماعيًا، قد تتمكن من البقاء ومن مواجهة الضربات المكثفة الموجهة ضدها.
تنظيم أنصار بيت المقدس، والذي قام بتغيير اسمه ليصبح ولاية سيناء، تم إنشاؤه سنة 2011 كفرع تابع لتنظيم القاعدة، وتطورت ولاية سيناء لتصبح ذات قدرة إرهابية وإجرامية ولها العديد من الأسلحة المعقدة، وقد تمكنت المنظمة في الخمس سنوات الأخيرة من توجيه عديد الهجمات ضد النظام المصري خاصة في سيناء، لكنها قامت بهجمات أخرى في باقي المناطق في مصر.
وقد شملت هذه الهجمات عمليات ضد منشآت الطاقة وعمليات أخرى استهدفت البنية التحتية لسيناء، الأمر الذي عطل تدفق الغاز من مصر إلى إسرائيل والأردن، وتم أيضًا توجيه هجمات ضد مراكز الشرطة والقواعد العسكرية وغيرها، وقد أدت هذه الهجمات إلى مقتل العشرات من الشرطة والجنود المصريين.
وقامت ولاية سيناء باستهداف إسرائيل أيضًا، ففي سنة 2011، قامت بهجوم إرهابي على الطريق السريع 12 قرب إيلات، وتسبب هذا الهجوم في مقتل ثمانية إسرائيليين، ستة منهم من المدنيين كما أعلنت المنظمة مسؤوليتها عن محاولة تفجير منشأة تحتوي متفجرات على مقربة من معبر كرم أبو سالم وذلك سنة 2012، أما في سنة 2014 فقد قامت المنظمة بإرسال انتحاري ليقوم بعملية في مصر، إلا أن الشرطة المصرية نجحت في إحباط العملية، وفي سنة 2015، قامت المنظمة بتوجيه صاروخ باتجاه إيلات.
بعد الانضمام لتنظيم الدولة، أصبحت ولاية سيناء واحدة من أهم وأخطر شركاء التنظيم، وتشير التقارير الصادرة عن معهد التحرير لسياسة الشرق الأوسط أنه منذ مبايعة جماعة أنصار بيت المقدس لتنظيم الدولة وتولي دورها الجديد باسم “محافظة سيناء” في تشرين الثاني/ نوفمبر سنة 2014، ما يقارب 800 شخص قد قتلوا نتيجة العمليات التي قام بها هذا التنظيم، أكثر من نصفهم من رجال الأمن، وأبرز عمليات المنظمة كانت في تشرين الأول/ أكتوبر من سنة 2014، عندما نجح أحد أعضائها في إسقاط طائرة ركاب روسية باستخدام قنبلة قام بزرعها داخل الطائرة التي أقلعت من مطار شرم الشيخ، تسبب هذا الهجوم في مقتل جميع الركاب الذين بلغ عددهم 224 مع أفراد الطاقم أيضًا.
وقد اتخذت قوات الجيش والأمن المصري في سيناء العديد من الإجراءات ضد المنظمة، مما أسفر عن مقتل عدد من قادة ومقاتلي المنظمة في سلسلة من العمليات، ويبدو أن الحملة العسكرية للقوات المصرية ضد المنظمة لم تحقق نجاحًا إلا في الأشهر القليلة الماضية، وقد نشرت تقارير عن غارة جوية ضد قواعد المنظمة في جبل هلال منذ بضعة أشهر، ولم تكن تلك الغارة الوحيدة، فقد تم توجيه ضربات أخرى ضد ولاية سيناء في منطقة جنوب غرب العريش في شمال سيناء وقتل فيها 45 من أعضاء المنظمة بما في ذلك أبو دعاء الأنصاري، والذي يقال إنه قائد ولاية سيناء.
وعلى الرغم من أن المنظمة لا تزال تنفذ هجمات شبه يومية ضد مواقع الجيش والشرطة في مناطق العريش والشيخ زويد، ورفح، وتتسبب هذه الهجمات في مقتل وجرح عديد الجنود والقادة، لكن من الواضح أن العمليات لم تعد مخططة بشكل جيد كما كانت عليه في السابق، وقد شارك عدد كبير من المقاتلين في هذه الهجمات التي تعددت أنواعها من هجمات انتحارية إلى إطلاق صواريخ ضخمة ضد القواعد العسكرية ومراكز الشرطة، بما في ذلك صواريخ كورنيت المضادة للدبابات.
في المقابل، كانت عمليات المنظمة في الآونة الأخيرة محدودة نوعًا ما، وتعتمد أساسًا على الكمائن ونيران أسلحة خفيفة، واستخدام عبوات ناسفة، وبالتالي، يبدو أن عمليات الجيش المصري التي استهدفت أنفاق حماس كانت مجدية، وتجدر الإشارة إلى أن هذه الأنفاق بنيت على الحدود بين سيناء وقطاع غزة، وكانت بمثابة ممر مركزي لتهريب الأسلحة وإرسال المقاتلين للتدريب أو للحصول على الرعاية الطبية.
أما تنظيم الدولة فهو يواجه ضغطًا متزايدًا من قبل التحالف الغربي والتحالف الروسي الإيراني، ويواجه تنظيم الدولة، مثله مثل ولاية سيناء، تراجعًا في قوته، كما أنه خسر عددًا من أراضيه في العراق وسوريا وليبيا، وبالتالي، فإن تنظيم الدولة ليس له القدرة على مساعدة ولاية سيناء والمنظمات السلفية الجهادية الأخرى في غزة، وتجدر الإشارة إلى أن تراجع نجاحات سيناء وتراجع دوره كلاعب رئيسي في منطقة سيناء وفي مصر بصفة عامة، قد يؤدي إلى تراجع مكانتها في نظر تنظيم الدولة أيضًا.
وعلاوة على ذلك، أصبحت منظمة ولاية سيناء تشكل تهديدًا متزايدًا ضد إسرائيل، ففي تشرين الأول/ أكتوبر سنة 2015، وكانون الثاني/ يناير 2016 وآب/ أغسطس 2016، توعد متحدثون باسم المنظمة أنهم سيوجهون ضربات ضد إسرائيل وأن المنظمة لا زالت تعمل على تحقيق وعودها من أجل تحرير المسجد الأقصى.
وفي شريط فيديو نشر في 2 آب/ أغسطس سنة 2016، قالت المنظمة إن لها حساب طويل مع إسرائيل، وستجعلها تدفع الثمن قريبًا، وذكر زعيم تنظيم الدولة أبو بكر البغدادي في نفس الفيديو بأنهم لم ينسوا القدس وهدد اليهود أن أرضهم لن تكون لهم لفترة طويلة، بل ستكون مقبرة لهم، وهذا قد يشير إلى أن ولاية سيناء تعتبر إسرائيل شريكًا لمصر في حملتها ضد الإرهاب، وبالتالي فهي تسعى للانتقام من إسرائيل لجعلها تتراجع عن دعمها لمصر، كما تسعى ولاية سيناء لإثبات أنها شريك ناجح لتنظيم الدولة، وتأمل ولاية سيناء أيضًا في تلقي الدعم من قِبل المسلمين إذا ما استهدفت إسرائيل.
مع ذلك، من الواضح أن ولاية سيناء لا زالت تسعى لاستهداف الجيش المصري وقوات الأمن خاصة المتمركزين في سيناء، وتواصل في نفس الوقت تنفيذ هجمات في مدن مصرية أخرى، وخصوصًا في منطقة القاهرة والدلتا وقناة السويس، وعلى الرغم من انخفاض واضح في فعالية عملياتها خلال الأشهر القليلة الماضية، فمن السابق لأوانه القول بأن مصر على وشك التخلص من تنظيم ولاية سيناء وإزالة الخطر الذي تشكله على أمن سيناء وعلى مصر كلها، وتجدر الإشارة إلى أنه على مصر التعامل مع القاعدة الشعبية التي تدعم منظمة ولاية سيناء، وعلى مصر أيضًا العمل على تحسين البنية التحتية الاقتصادية في سيناء وتحسين ظروف عيش السكان هناك بعد أن تم إهمالهم لسنوات عديدة، فهذا من شأنه أن يحد من انضمامهم للجماعات الإرهابية.
خلص التقرير إلى أن إلحاق الهزيمة بمنظمة ولاية سيناء سيساهم بقدر كبير في الحرب ضد تنظيم الدولة وسيهز من مكانتها في العالم الإسلامي، وبالتالي، فإن تقديم الدعم لمصر خلال هذه الفترة أمر غاية في الأهمية، لذلك فإنه يجب جعل منظمة ولاية سيناء هدفًا آخر من أهداف التحالف الدولي ويجب توجيه هجمات ضده لتعزيز جهود مصر في حربها ضد الإرهاب، يمكن لإسرائيل أيضًا المساهمة في هذه الجهود وبالتالي في الحملة العالمية ضد الإرهاب، فبهزيمة منظمة ولاية سيناء فإن إسرائيل ستضمن أمن حدودها مع سيناء وغزة/ اتخاذ خطوات في هذا الاتجاه أمر مهم، فعلى الرغم من تراجع قوة منظمة ولاية سيناء، إلا أنه من الصعب أن تتخلي المنظمة عن مكانتها أو أن تتوقف عن مواصلة نشاطها الإرهابي، بما في ذلك نشاطها ضد إسرائيل.