تحقق الطاقة المتجددة أهدافًا اقتصادية عديدة لعل أهمها كونها أحد وسائل حماية البيئة، مما دفع دولًا عديدة إلى الاهتمام بتطوير هذا المصدر من الطاقة، ووضعه هدفًا تسعى لتحقيقه، وعليه أصبح خيار التوجه نحو إنتاج الطاقة المتجددة بواسطة المصادر غير التقليدية حتميًا في ضوء نجاح العديد من التجارب العالمية.
كما يُشار إلى أن أهمية موضوع الطاقة المتجددة تكمن في بروزه كأحد المجالات المطروحة في القرن الحادي والعشرين لأسباب اقتصادية وبيئية، وفي أهمية الحصول على طاقة مستدامة ونظيفة كضمان للحاضر وأمان للمستقبل.
وعليه ظهرت التجارب التي تحاول أن تجعل من استخدام هذه الطاقة المتجددة لفترات طويلة أيسر من ذي قبل، لتقليل الاعتماد على الطاقة غير المتجددة التي تدمر البيئة بطول استخدامها.
البرتغال تعتمد على الطاقة المتجددة كليًا لأربعة أيام متتالية
تسعى البرتغال للاعتماد كليًا على الطاقة المتجددة بعد أن تمكنت من استمداد حاجتها من الطاقة من مصادر الطاقة المتجددة لمدة 107 ساعات متتالية من دون اعتماد أي من أنواع الوقود الأحفوري.
وذلك انطلاقًا من يوم السبت الموافق فيه 7 مايو، حين بدأت البلاد استخدام مصادر الطاقة المتجددة لتغطية استهلاكها من الكهرباء إلى يوم الأربعاء 11 مايو، أي لمدة أربعة أيام متتالية.
وقد بذلت البرتغال، التي كانت تعتمد بشكل كبير في السابق على الفحم والغاز الطبيعي، جهدًا كبيرًا لزيادة استخدام الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة المائية في السنوات الخيرة.
“لقد تم استثمار الأموال بشكل كبير في مجال الطاقة المتجددة في البرتغال، وخاصة في مجال الكهرباء، لأنها ستكون الطاقة الرئيسية خلال العقود المقبلة مع الانتقال من الوقود الأحفوري في النقل البري إلى الكهرباء”، يقول فرانسيسكو فيريرا، رئيس منظمة “NGO Zero” البرتغالية للطاقة المستدامة.
وتمكنت البرتغال من أن تستمد طاقتها بنسبة 100% من مصادر الطاقة المتجددة بعد أن حققت خلال عام 2013 نسبة 70% من الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة ثم كانت النسبة 64% خلال عام 2014.
الجدير بالذكر هنا أن مصادر الطاقة المتجددة الخاصة بالبرتغال تأتي غالبًا من الوقود الحيوي والنفايات، لكن ظروف الطقس المثالية في البلاد تساهم بشكل كبير في قدرة الدولة على حصد الطاقة المتجددة بشكل أكثر فعالية.
المميز في التجربة البرتغالية أنها قائمة على تعاونيات استثمارية من المواطنين الذين يسعون إلى حصول بلادهم على القدر الكافي من هذا النوع من الطاقة، حيث تم بناء محطات طاقة كبرى في البرتغال عن طريق الاكتتاب العام في شكل تعاونيات.
تمكنت البرتغال من أن تستمد طاقتها بنسبة 100% من مصادر الطاقة المتجددة بعد أن حقق خلال عام 2013 نسبة 70% من الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة ثم كانت النسبة 64% خلال عام 2014.
كوستاريكا: 75 يومًا منالاعتماد كليًا على مصادر الطاقة المتجددة
بالطبع لم تكن البرتغال الدولة الوحيدة التي تقوم بهذه التجربة على هذا النحو، فالتجربة الكوستاريكية في هذا الصدد أكثر صمودًا وإن اختلفت بعض الشيء.
فوفقًا لمؤسسة كوستاريكا للكهرباء، لم تقم دولة كوستاريكا باستخدام الوقود الأحفوري في التزود بالكهرباء لمدة 75 يومًا متتالية في العام 2015 وهذا ما لم يتم تحقيقه من قبل أي دولة حتى الآن، وبالطبع لاتزال الكثير من النشاطات معتمدة على الوقود الأحفوري في البلاد كالنقل باستخدام السيارات والوسائط الأخرى.
وتبعًا لمؤسسة الكهرباء في كوستاريكا فقد كان عام 2015 هناك صديقًا للبيئة بامتياز، من حيث استخدام الكهرباء ويعزى ذلك للأمطار الغزيرة التي تم تخزينها في أربعة من أهم محطات الطاقة الكهرومائية.
ولم يكن هناك حاجة لاستخدام الوقود الأحفوري لتوليد الكهرباء حيث تم استكمال الطاقة المطلوبة هذا العام من المصادر النظيفة كطاقة الرياح والشمس والطاقة الحيوية وطاقة الحرارة الأرضية.
فيما تطمح كوستاريكا للتخلص كليًا من انبعاثات الكربون على أراضيها بحلول عام 2021 وذلك يبدو هدفًا سهل المنال حاليًا آخذين بعين الاعتبار أن 94% من احتياجات البلاد الكهربائية مستندة إلى الطاقة المتجددة، حيث يتم تلبية 68% من محطات التوليد الكهرمائية تليها المحطات الحرارية الأرضية والتي تساهم بدورها بـ 15% من إنتاج الطاقة.
ليست كوستاريكا البلد الوحيد المهيأ للاعتماد على الطاقة المتجددة فبالرغم من أن الاتحاد الأوروبي كان قد حدد أهدافه لاستخدام الطاقة المتجددة لعام 2020، فقد تمكنت كل من السويد وبلغاريا وإستونيا من تلبية هذه الأهداف قبل الموعد المحدد بثماني سنوات.
تطمح كوستاريكا للتخلص كليًا من انبعاثات الكربون على أراضيها بحلول عام 2021
كذلك الأمر فإن الصين تستثمر أيضًا بشكل كبير في مصادر الطاقة المتجددة والتي تعد عاملًا رئيسيًا في حقيقة بقاء مستوى انبعاثات CO2 على حالها عالميًا.
ويذكر في هذا الصدد أن جزيرة بونير وهي جزيرة صغيرة في منطقة البحر الكاريبي قد تمكنت من الوصول إلى إنتاج كافة احتياجات الطاقة لديها تقريبًا من مصادر متجددة.
الأمر ليس بعيد المنال في المستقبل الذي ستحصل فيه البشرية على كل احتياجاتها الطاقوية من مصادر متجددة، والتكنولوجيا التي يمتلكها البشر حاليًا كافية جدًا لتحقيق هذا الهدف.
يموت نحو 7 ملايين شخص كل سنة من تلوث الهواء، وهذا يكلف العالم 3% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
وقد أكدت دراسة أجراها برنامج الغلاف الجوي والطاقة في جامعة ستانفورد الأمريكية أن العالم بأسره يمكن أن يكتفي كليًا بالطاقة من مصادر متجددة بحلول عام 2050، وحددت الدراسة المزيج المناسب لكل بلد.
كما يساعد في هذا انخفاض كلفة الطاقة المتجددة يومًا بعد يوم، إذ باتت طاقة الرياح أرخص كثيرًا من الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة بواقع 3.5 سنت لكل كيلوواط ساعة للرياح مقارنة بـ 6 إلى 8 سنتات لكل كيلوواط ساعة للغاز الطبيعي.
وقد حققت شركة “أكواباور” السعودية السعر الأدنى عالميًا للطاقة الكهرضوئية الشمسية المنتجة على نطاق مرفق عام، التي سيتم توليدها في محطة بقدرة 200 ميغاواط ضمن المرحلة الثانية من مجمع الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في دبي، وذلك بأقل من 6 سنتات للكيلوواط/ ساعة ومن دون دعم للأسعار.
وتشير دراسات إلى أن الفوائد الصحية للانتقال من أنواع الوقود الأحفوري الملوِّثة إلى طاقة نظيفة سوف تجلب توفيرات ضخمة بخفض تكاليف الرعاية الصحية، إذ يموت نحو 7 ملايين شخص كل سنة من تلوث الهواء، وهذا يكلف العالم 3% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.