كما يحفل عالم الرياضة بأسماء العديد من الأبطال، الذين استثمروا شهرتهم ونجوميتهم كما يجب ليصبحوا من أصحاب الوجاهة والثروة، يحفل بأسماء أخرى لم تحصد من نجومية الرياضة وأموالها إلا خزي الإجرام والفضائح!
وفي معرض حديثنا التالي، سنفتح ملف بعض من أشهر الأبطال الرياضيين الذين تحولوا إلى سلك الإجرام، سواءً كان ذلك عن سبق إصرار وترصد، أم حدث نتيجة حماقة عابرة أو ثورة غضب عارمة دفعوا ثمنها غاليًا.
ونبدأ حديثنا بواحد من أشهر رياضيي عصره في رياضة كرة القدم، بل هو أسطورتها الأولى عبر الأزمان، النجم الأرجنتيني الشهير دييغو أرماندو مارادونا، الذي عوقب عدة مرات عندما كان لاعبًا نتيجة تعاطيه المخدرات والمنشطات، قبل أن يسخر شهرته العالمية بعد اعتزاله، في سبيل الخوض عميقًا في عالم الإجرام، حيث حال نفوذه وعلاقاته العامة دون اعتقاله في عدة قضايا، تورط خلالها بعلاقاته مع عصابات المافيا وتجارة المخدرات، قبل أن يطفح الكيل في إحدى المرات، عندما قام عام 1994 قرب منزله ببوينس آيرس، بإطلاق النار من بندقية صيد على مجموعة من الصحفيين الذين كانوا يلاحقونه لتغطية أخبار جرائمه، فأصاب 4 منهم بجروح خطيرة، ليتم اعتقاله حينها والحكم عليه بالسجن لمدة عامين و10 أشهر، ولكن نفوذه لدى السلطات الأرجنتينية تدخل مرةً أخرى ليوقف تنفيذ العقوبة!
وإذا كان نفوذ مارادونا قد أنقذه، فإنه غزارة صفحات الملف الإجرامي للملاكم الأمريكي الشهير مايك تايسون حال دون إنقاذه! فقد بلغ عدد مرات دخوله السجن 38 مرة، أشهرها عام 1992 عندما حوكم بالسجن لمدة 3 سنوات بتهمة اغتصاب فتاة قاصر، كما يضم تاريخه الإجرامي تهمًا أخرى عديدة، كالاعتداء على مصور، والقيادة تحت تأثير الكحول، ولكن يبقى أغربها على الإطلاق ما قام به عام 1997، عقب أحد نزالات الملاكمة مع خصمه إيفاندر هوليفيلد، عندما قضم بوحشية أذن منافسه وهو على الحلبة!
وبتاريخ إجرامي أشد دمويةً وسوادًا، واجه لاعب كرة القدم الأمريكية الشهير في السبعينات، أو جي سيمبسون، تهمة التورط في قتل زوجته وصديقها عام 1994، ولكن القضاء برأه حينها لعدم كفاية الأدلة، قبل أن يفتح ملف القضية مجددًا عام 2008، بعد إصدار القاتل كتابًا يعترف فيه بجريمته، ضمن سلسلة جرائم أخرى تتضمن الخطف والتهديد والسطو المسلح، ليحكم عليه بالسجن مدة 33 عامًا، وتأخذ العدالة مجراها ولو بعد حين!
ولم تمنع الإعاقة الجسدية، العداء الجنوب إفريقي أوسكار بيستوريوس، الذي لفت الأنظار إليه خلال أوليمبياد لندن عام 2012، حين بات أول رياضي بساقين اصطناعيتين يشارك في الألعاب الأوليمبية، من القيام بجريمته المروعة، عندما أردى صديقته ريفا ستينكامب برصاصة في رأسها، عشية احتفاله معها بعيد الحب (الفالنتين) عام 2013، مدعيًا بأنه ظنها لصًا اقتحم منزله! ولكن إفادات الجيران بسماعهم صوت مشاجرة بينهما قبيل دقائق من الجريمة أثبتت إدانته، حيث حكم عليه بالسجن لمدة 6 سنوات.
وكما كان الشجار سببًا في قتل العداء لصديقته، كان السبب في دخول بطل الملاكم العالمي البورتوريكي استيبان دي خيسوس عالم الجريمة عام 1980، بعدما أردى أحد الشبان قتيلًا برصاصة من مسدسه، إثر شجار دار بسبب مشكلة مرورية تافهة! ليتلقى حكمًا بالسجن مدى الحياة، ويقضي نحبه في السجن بعد 9 سنوات، بسبب إصابته بفيروس الإيدز!
ونبقى في عالم جرائم القتل، حيث قام بطل التزلج الأمريكي الشهير مارك روجوسكي، الذي تحول إلى مدمن خمر بعد اعتزاله، بارتكاب جريمته النكراء عام 1992، عندما قام باصطحاب إحدى الفتيات في جولة بسيارته، قبل أن يقوم باغتصابها وقتلها ودفن جثتها في منطقة نائية، لتكتشف الشرطة فعلته بعد فترة وجيزة، ويحكم عليه بالسجن لمدة 33 عامًا.
وعلى ذكر الجرائم المروعة، نذكر جريمةً هزت العالم جرت عام 2007، وكان بطلها أحد نجوم المصارعة الحرة WWE، ويدعى كريس بنوا، الذي قام بقتل زوجته وابنه البالغ من العمر 7 سنوات قبل أن ينتحر، وقد رجح الأطباء بأن المجرم كان يعاني من حالة اكتئاب خطيرة نتيجة مشاكله العائلية، سببت له ما يشبه الهيستيريا، ليفقد عقله ويقدم على جريمته البشعة.
وإذا وجد البعض عذرًا للمصارع المجنون، فإن أحدًا لم يدافع عن لاعب كرة القدم الأمريكية راي كاروت، الذي أراد التخلص من الجنين غير الشرعي الذي حملت به إحدى صديقاته، فاستدرجها إلى منطقة نائية وقام بإطلاق النار على بطنها، ولكن لسوء حظه لم تقتل الفتاة واستطاعت التقدم بإفادتها للشرطة، ليلاحَق المجرم ويقبض عليه عام 1999، ويحكم عليه بالسجن مدة 24 عامًا، بعدما فارقت ضحيته الحياة بعد حوالي الشهر متأثرةً بإصابتها.
وبنفس الدم البارد والوحشية، قام حارس مرمى فريق فلامينجو البرازيلي لكرة القدم برونو فيرنانديز عام 2010، بخطف عشيقته السابقة عارضة الأزياء أليزا ساموديو، بمساعدة زوجته وبعض أقربائه، ومارس عليها ضروبًا من التعذيب والتنكيل، قبل أن يقتلها خنقًا ويترك جثتها لتنهشها الكلاب! وقد أظهرت التحقيقات سبب الجريمة وهو مطالبة ساموديو لبرونو بالاعتراف بأبوته لرضيعها، والذي حملت به نتيجة علاقتهما غير الشرعية، ليحكم عليه بالسجن لمدة 22 عامًا.
وغير بعيد عن الجرائم المقززة، تورط مدرب الجودو الوطني الياباني ماساتو يوتشيشيبا، بجريمة لا تقل همجيةً عن جرائم القتل، عندما أدين عام 2011 بجريمة اغتصاب مهينة، كانت ضحيتها إحدى اللاعبات اللاتي يشرف على تدريبهن ضمن منتخب الجودو الوطني! لتحكم عليه السلطات بالسجن لمدة 5 سنوات، دون أن تساعده الميداليتان الذهبيتان اللتان أحرزهما لبلاده خلال أوليمبيادي: أثينا 2004 وبكين 2008، في الإفلات من العقاب.
وفي معرض الحديث عن الجرائم الأخلاقية، لابد من التطرق إلى نجم كرة القدم الفرنسي كريم بنزيمة، الذي اعترف العام الماضي بضلوعه في جريمة ابتزاز عبر شريط إباحي، كان ضحيتها زميله في المنتخب الفرنسي ماتيو فالبوينا، مدعيًا بأنه قام بذلك بغرض المساعدة، وقد حرم اللاعب على إثر هذه القضية من تمثيل المنتخب الفرنسي خلال بطولة اليورو الماضية، علمًا بأن القضية لا تزال قيد التحقيقات حتى الآن، وقد يواجه اللاعب حكمًا بالسجن لمدة 5 سنوات في حال ثبتت إدانته.
يذكر أن اللاعب ذاته كان قد تورط بقضية أخلاقية سابقة عام 2010، عندما واجه، إلى جانب زميليه في المنتخب الفرنسي: فرانك ريبيري وسيدني غوفو، اتهامًا بإقامة علاقة جنسية مع إحدى الفتيات القاصرات، دون أن تثبت إدانتهم.
وبتهمة أخلاقية أيضًا، أدين مدافع منتخب إنجلترا السابق لكرة القدم بيتر ستوري، الذي حكم عليه بالسجن لمدة 9 أشهر عام 1990، إثر ثبوت إدارته لإحدى بيوت الدعارة غير المرخصة، علمًا بأنها لم تكن القضية الجنائية الأولى ولا الأخيرة في سجل اللاعب، الذي يتضمن تهمًا بتزوير العملات والمصوغات الذهبية وسرقة السيارات!
وفي جريمة عنوانها قلة الوفاء، تورط حارس مرمى فريق يوفنتوس البرازيلي لكرة القدم سيزار أبارسيدو، بتهمة السرقة، حين قام مع مجموعة من أصدقائه، بسرقة خزينة ناديه البرازيلي الذي كان يحتفل بصعوده إلى الدرجة الأولى عام 1994، ليتم اكتشاف فعلته سريعًا بعد أن أثار الشبهات باقتنائه سيارةً جديدة، ليحكم عليه بالسجن لمدة 4 أعوام، فضلًا عن التسريح من ناديه بالطبع، ولكن المثير في الأمر أن اللاعب عاد بعد إيقافه لممارسة كرة القدم، بل وانتقل إلى مستويات احترافية جديدة، فقد لعب لعدة أندية عالمية كلاتسيو وإنتر ميلانو الإيطاليين، إضافةً إلى تمثيله المنتخب البرازيلي في مناسبتين عام 2001!
باولو روسي: من السجن إلى كأس العالم!
وعلى سيرة العودة بعد السجن، نختتم حديثنا مع نجم الثمانينات الإيطالي الشهير باولو روسي، الذي تورط عام 1980 في واحدة من أكبر قضايا الفساد والتلاعب التي طالت الدوري الإيطالي عبر تاريخه، حيث واجه تهمًا بترتيب نتائج المباريات مقابل مبالغ مادية، ليحكم عليه بالسجن لمدة 3 أعوام، تم تخفيفها إلى عامين بعد الاستئناف، ولكن المثير في الموضوع أن اللاعب عاد بقوة إلى ميادين المستديرة بعد خروجه من السجن مباشرةً، حيث قاد منتخب إيطاليا للفوز بكأس العالم عام 1982، بعدما توج كهداف للبطولة! ليمحو بتألقه الرياضي آثار هفوته الإجرامية السابقة، ويتحول إلى أسطورة للكرة الإيطالية ومعشوق لجماهيرها عبر العصور.