لم تكن بداية الطريق سهلة، ولكن بقدر ما تكون البدايات صعبة، بقدر ما تكون الرحلة ملهمة والنهاية عظيمة، والبداية ليست فقط أصعب مرحلة في أي مشروع، بل وأكثرها حساسية وخطورة، فالإحصائيات تقول إن 50%من المشاريع تفشل في سنتها الأولى، وهنا تأتي قدرة الرياديين على تحمل الفشل ثم النهوض من جديد، والتأكد بأن نقطة الوصول ليست أهم ما في الرحلة، فالرحلة طويلة، الأهم من ذلك هو المسار الذي تأخذه خلالها، متنقلاً بين فشل ونجاح.
منار قصة نجاح مهندسة معمارية فلسطينية، مبدعة أبهرت الجميع بمهارتها وإبداعها، عندما اتجهت إلى فن تصميم الأزياء بمقاييس عالمية، وعملت على مواكبة خطوط الموضة العريضة في عالم الفاشون لتتحول إلى عالم الأعمال وتفتتح مشروعًا رياديًا لاقى نجاحًا كبيرًا، إذ أصبح مشروعها MIX FASHION لتصميم الأزياء واحدًا من أشهر المحلات في مدينة غزة المتخصصة في هذا المجال.
تقول منار “بدأت موضوع التصميم كهواية رسم فقط على الورق في أواخر الفترة الابتدائية واستمريت بالرسم وابتكار تصاميم وأفكار جديدة، حيث لاقت تشجيعًا كبيرًا وتحفيزًا من الأهل والأصدقاء، ومما ساعدنى أيضًا على تنمية هوايتي هو دراستي لمجال الهندسية المعمارية فكلاهما يعتمد على الأفكار المبتكرة والتصاميم الجديدة”.
وتتابع منار كنت أمارس هوايتي فى رسم وتصميم الأزياء من وقت لآخر، فقد كنت أرسم أي فكرة تراودنى على الورق المخصص لرسم خرائط المشاريع أو (ورق الكلك)، حتى أثناء المحاضرات النظرية عندما أشعر بالملل، كنت أقوم بالرسم والتصميم وابتكار أفكار جديدة.
وتضيف منار عندما كنت طالبة فى سنة رابعة، شاركت بمعرض لنقابة المهندسين بزاوية أطلق عليها (المهندسة المبدعة) وهي عبارة عن زاوية تضم مشغولات ومهارات يدوية وكان لي نصيب بعرض رسوماتي كأفكار مبتكرة للتصمايم.
وتواصل منار حديثها قائلة ساعدني إعجاب الجميع برسوماتي، إلى ولادة فكرة افتتاح مشروع متخصص في تصميم الأزياء، ولكن كانت مجرد فكرة، حيث إنه كنت دائمًا أقول لنفسي أنني بعد التخرج سأعمل في مجالي، لكن واقع غزة لا يسمح بتقديم الوظائف الشاغرة لكافة الخريجين على طبق من فضة، حيث يعاني مجتمعنا من البطالة المفرطة، فبعد تخرجي استنفذت طاقتي ووقتي وجهدي ما بين عقود تدريب وبطالة وتطوع لدى المؤسسات المحلية براتب متدنٍ جدًا وأحيانًا بدون أي عائد مادي، مما دفعني بقوة إلى الرغبة في استقلالى ماديًا، وأكون سيدة نفسي.
وتشير منار إلى أنها في بداية مشوارها، قدمت فكرة مشروعها لإحدى المؤسسات الداعمة التي تقدم تمويلاً للمشاريع الصغيرة، وفي ذلك الوقت التحقت بعدة دورات للخياطة والتفصيل حتى أتمكن من تطبيق رسوماتي والتصاميم على أرض الواقع، إلى جانب متابعتي المستمرة للقنوات الفضائية المتخصصة في عالم الأزياء وأتابع على اليوتيوب كل ما يتعلق بالخياطة والتفصيل، إضافة إلى أنني كنت قد اكتسبت خبرة في مهارات الرسم المتطورة أثناء فترة عملي في المؤسسات المحلية، فلقد عملت في صناعة أفلام الكارتون واستخدام برامج التصميم المختلفة.
وتضيف منار بعد ذلك حصلت على تمويل للمشروع، ومن ثم افتتحت مشروعًا خاصًا بي، وبدأت بالترويج لمشروعي وتسويق أعمالي من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، حتى لاقى إعجاب وإقبال كثير من الزبائن، والآن يدخل المشروع في عامه الرابع، واستطعت بفضل الله بناء اسم لمشروعي وعملت جاهدة على كسب ثقة الزبائن، إضافة إلى أنني أعمل كمدرسة بقسم تصميم الأزياء لتدريب الطالبات بالكلية الجامعية للعلوم التطبيقة.
وتنصح منار غيرها من الفتيات والسيدات أن يكن رياديات ومبادرات، قائلة “كل فتاة وسيدة يجب أن تقتنع أن لديها طاقات داخلها، ويمكن لكل واحدة منا بالتخطيط والمثابرة والاجتهاد أن تنجح مشروعها الشخصي”.