تنطلق اليوم الأحد قمة مجموعة العشرين الاقتصادية في مدنية هانجو في الصين، يناقش فيها أكبر عشرين اقتصاد في العالم، المشاكل الاقتصادية التي يعاني منها العالم وسبل حلها وطرق تحقيق نمو اقتصاد عالمي قوي ومستدام، وعلى الرغم من أن القمة مخصصة لمناقشة المسائل الاقتصادية وسبل حلها، وهي كثيرة، إلا أن المشاكل السياسية بين الدول أكثر، ويعد أبرزها الملف السوري.
أمريكا – روسيا خلافات خطيرة
لا بد للملف السوري أن يكون حاضرًا ويحتل محور اللقاء في أغلب القمم العالمية التي يناقش فيها الزعماء المشاكل السياسية بينهم، وحتى في القمم الاقتصادية فإن الملف لم يغب، ليثبت أهميته ومدى الخلاف الموجود بين الدول على حل النزاع وإنهاء الأزمة هناك.
ففي أول تصريح للرئيس الأمريكي باراك أوباما على هامش القمة، قال فيه إنه لا تزال توجد خلافات خطيرة مع روسيا حول الملف السوري والمحادثات هي السبيل الوحيد للتوصل إلى اتفاق لوقف العمليات القتالية.
على أن الخارجية الأمريكية أكدت اليوم الأحد على قرب التوصل لاتفاق مع الجانب الروسي بشأن سورية، مع تأكيدها أنه لازال هناك بعض القضايا التي من المتعين التوصل لحلها بين الجانبين، ومن الجانب الروسي كانت تصريحات بوتين يوم الجمعة الماضي تدل على قرب التوصل لاتفاق، عندما ذكر أنه لا يستبعد أن تتوصل بلاده والولايات المتحدة الأمريكية إلى اتفاق قريب بخصوص سورية.
أوباما صرح أنه لا تزال توجد خلافات خطيرة مع روسيا حول الملف السوري وأن المحادثات هي السبيل الوحيد للتوصل إلى اتفاق لوقف العمليات القتالية.
وتحرص الولايات المتحدة لإيجاد وسيلة لتقليص العنف في سورية وتحسين المساعدات الإنسانية هناك، بحسب ما نقل عن أوباما في المؤتمر الصحفي الأول في مدنية هانجو الصينية، وذكر أنه سيكون من الصعب الانتقال إلى المرحلة التالية إذا لم تكن هناك موافقة من روسيا.
وفيما إذا ستشهد القمة لقاءً بين الزعيمين الأمريكي والروسي أكد ديمتري بيسكوف السكرتير الصحفي للرئيس الروسي أنه ليس من المقرر عقد اجتماع كامل ومنفصل بين الرئيسين.
وحول ذلك الاتفاق الذي تسعى موسكو وواشنطن للتوصل إليه والذي يشهد اللمسات الأخيرة، أشارت تقارير أن الاتفاق يهدف بالدرجة الأولى لوقف إطلاق النار لمدة 48 ساعة في حلب ويسمح بوصول المساعدات الإنسانية عبر طريق الكاستيلو (يسيطر عليه النظام السوري حاليًا) من الأمم المتحدة ويحد من الطلعات الجوية لقوات بشار الأسد.
أردوغان – أوباما
شهد صباح اليوم الأحد لقاءً جمع كلًا من الرئيس الأمريكي بالرئيس التركي أردوغان على هامش القمة، وحظي الملف السوري بجزء من المحادثات، ويعد هذا اللقاء هو الأول بين الرئيسين منذ محاولة الانقلاب الفاشلة منتصف يوليو/ تموز الماضي.
وأكد أوباما في اللقاء لأردوغان أن الإدارة الأمريكية ستقدم المساعدة لتركيا بخصوص ضمان تقديم المسؤولين عن الانقلاب للعدالة، في إشارة إلى فتح الله غولن الذي تتهمة أنقرة أنه من دبر محاولة الانقلاب الفاشلة، وذكر أردوغان أن أنقرة ستقدم المزيد من المعلومات للولايات المتحدة لإدانة غولن، كما اتفق الرئيسين على العمل بشأن سورية وتخفيف المعاناة الإنسانية هناك.
وسبق لقاء الزعيمين مقابلة لأوباما أمس السبت مع شبكة “سي إن إن” الأمريكية قال فيها إن تركيا تمثل حليفًا مهمًا لحلف الناتو وإن التعاون معها بشأن المسائل الأمنية لم يتأثر رغم التطورات الأخيرة في المنطقة.
يأتي هذا اللقاء في خضم عملية عسكرية تقوم بها القوات التركية على الحدود السورية التركية بالاشتراك مع فصائل المعارضة السورية وبدعم بري واسع من الجيش التركي، حيث شهد أمس السبت دخول المزيد من الدبابات التركية باتجاه بلدة الراعي السورية تزامنًا مع حشود لفصائل المعارضة، حيث تهدف العملية تحرير المنطقة الواصلة بين جرابلس والراعي من تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وقطع الطريق على القوات الكردية لإنشاء إقليم كردي مستقل.
بوتين – أردوغان
التقى الرئيس أردوغان على هامش القمة أيضًا أمس السبت الرئيس الروسي بوتين في لقاء دام لمدة ساعتين، علمًا أنه اللقاء الثاني للزعيمين بعد اللقاء الأخير في مدينة سان بطرسبورغ الروسية في 9 أغسطس/ آب الماضي، والذي شهد تطبيعًا للعلاقات بين البلدين عقب الأزمة التي اندلعت بينهما على إثر إسقاط تركيا لطائرة السوخوي نهاية العام الماضي.
ويذكر أن روسيا رفعت الحظر عن رحلات الشارتر إلى تركيا بعد اللقاء الأخير، وحول هذا أشار بوتين في لقائه مع أردوغان في الصين، لاستقبال تركيا للسياح الروس بحفاوة أول أمس الجمعة بعد وصول أولى الرحلات عقب رفع الحظر عنها، وقال بوتين إنه ينبغي العمل من أجل إعادة العلاقات بين البلدين بشكل متكامل، حيث أشار أن هناك إنجازات حول مسألة إعادة الوضع في تركيا إلى سابق عهده وسنكون قادرين بشكل أسرع على المضي قدمًا نحو المستقبل بعد عودة الوضع إلى طبيعته بشكل تام، علمًا أن الكرملين كشف مسبقًا أن الجانب الروسي يدرس مسألة رفع القيود الفروضة على مشاركة رجال الأعمال الأتراك في مشاريع البناء في روسيا.
ذكر أردوغان في لقائه ببوتين أن الخطوات التي سيتم اتخاذها في مجال الطاقة ستعزز عملية تطبيع العلاقات بين البلدين بشكل كبير
أما أردوغان فقال إن اللقاء مثّل فرصة لكلا الجانبين لتناول الكثير من القضايا الهامة سواء السياسية أو الاقتصادية إلى جانب تناول المباحثات السابقة في مدينة سان بطرسبورغ، وذكر أردوغان أن الخطوات التي سيتم اتخاذها في مجال الطاقة ستعزز عملية تطبيع العلاقات بشكل كبير.
تمويل البنى التحتية لتحفيز النمو
بعد الفشل الذي حققته سياسات التحفيز النقدي في دفع عجلة الاقتصادات العالمية للنمو وخلق فرص جديدة لكبح جماح معدلات البطالة المرتفعة والتي تهدد الاستقرار العالمي بالمجمل، من المتوقع أن تتبنى قمة الصين مجموعة من السياسات النقدية وسياسات الإنفاق المباشر على البنى التحتية لتحفيز النمو الاقتصادي العالمي.
حيث تم التواصل إلى توافق بين محافظي البنوك المركزية ووزراء المالية لمجموعة العشرين والذين تعهدوا في اجتماعهم الذي يسبق اجتماع القادة، بالجمع بين تدابير السياسة المالية والنقدية والإصلاح الهيكلي لتعزيز النمو الاقتصادي، ومن التحديات العالمية التي تواجه القمة وتستدعي الزعماء لحلها، مشكلة الطاقة الإنتاجية وفائض الإنتاج في الأسواق العالمية، والتي نتجت عن ضعف الطلب العالمي.
ومن المتوقع أن تحظى القمة بإثارة موضوع إصلاح صندوق النقد والبنك الدوليين اللذين يتعرضان لانتقادات من قِبل الاقتصادات الناشئة، التي ترى أن الاقتصادات المتقدمة لا تزال تحتفظ بحق التصويت بشكل غير متناسب مع باقي دول العالم، فضلاً عن مناقشة حق الولايات المتحدة في استخدام حق النقض “الفيتو” في الصندوق، والتقليد المتبع في أن يرأس إدارة البنك الدولي مواطن أمريكي، ومواطن أوروبي إدارة صندوق النقد الدولي.
حيث يعتقد خبراء أن هذا الوضع عكس قوة الولايات المتحدة وأوروبا في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، إلا أن المشهد الاقتصادي شهد تقلبات وتطورات كبيرة خلال العقود الماضية، لذا فمن الجدير إجراء إصلاحات هيكلية في إدارة الصندوق والحصص وغيرها.
دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة
تسهم الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم في استيعاب أعداد كبيرة من الفرص الوظيفية في الاقتصاد العالمي، حيث اقتراح مؤسس عملاق التجارة الإلكترونية مجموعة علي بابا، ورئيس اللجنة الخاصة المعنية بتطوير الشركات الخاصة ومتوسطة الحجم في قمة الـ 20 مع رجال أعمال آخرين حول العالم، إنشاء منصة تجارة إلكترونية عالمية تدار بالقواعد التجارية لتسهيل التجارة العالمية، تكون منصة مفتوحة للشركات الخاصة، وللتنسيق بين المنظمات الدولية والحكومات والمجموعات الاجتماعية التي تركز على تطوير الشركات الخاصة ومتوسطة الحجم، حيث ستساعد هذه المنصة تلك الشركات والأفراد على المشاركة في الاقتصاد العالمي عبر الإنترنت.