ترجمة وتحريرنون بوست
تراجعت قيمة العملة اليمنية أمام الدولار في الآونة الأخيرة، كما شهد احتياطي العملات الأجنبية انخفاضًا بـ 75% مقارنة بما كان عليه قبل الحرب، وبالتالي فإن مرضى السرطان هم الاكثر تضررًا نظرًا لغلاء العلاج، وأبرز دليل على ذلك حالة المعلم عبد اللطيف آل الصنعاني الذي يعاني من سرطان الحنجرة منذ عامين، ووفقًا لقوله فإن الدولة كانت تمول علاجه في مركز الأمل لعلاج الأورام في تعز، لكن بعد تضرر المركز الرئيسي بسبب الحرب، تم إنشاء مركز مؤقت، لكن هذا المركز لا يمكنه توفير الحقن له كل أسبوعين نظرًا لغلاء العلاج، وبالتالي، أصبح الآن يتلقى حقنة مرة واحدة في الشهر مما يعيق شفائه.
ويضيف الصنعاني أن راتبه كمعلم لا يتجاوز 336 دولارًا، وهو ما يكفي بالكاد لتوفير ضروريات العيش الأساسية لعائلته، وقال إنه لا يريد أن يضطر لطلب المساعدة ليتمكن من دفع ثمن الدواء، وأكد مدير المرفق الصحي مختار المخلافي أن الحكومة اليمنية قد توقفت عن تزويد المركز بالأدوية، لذلك فهم يعتمدون الآن على المساعدات التي تقدمها المنظمات، وذكر مختار المخلافي أنه منذ بداية الحرب، لم يتلق مرضى السرطان الأدوية اللازمة، بالرغم من الحاجة الماسة لعدة أنواع من الحقن والصور الشعاعية وغيرها، كما أكد المخلفاوي أنهم يعملون جاهدين للحصول على الأدوية من منظمات الإغاثة، وأضاف أن عدم وجود العلاج قد يعيق كثيرًا تعافي المرضى.
في آب/ أغسطس الفارط، قال منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في اليمن، جيمي ماكغولدريك إنه يوجد أربعة آلاف مريض بالسرطان في جميع أنحاء البلاد، ويعود النقص في الدواء إلى سبب واحد وهو أن البلاد لم تعد لديها العملة الأجنبية لشراء الأدوية الأساسية، لذلك تمت دعوة المنظمات الإنسانية مرة أخرى، لملء الفجوة في توفير الخدمات الاجتماعية الأساسية.
وتجدر الإشارة إلى أن الاستقرار الاقتصادي لأي بلد يعتمد على احتياطياتها من العملة الأجنبية، فاليمن يعتمد على صادرات الوقود لتتزود بالعملة الصعبة، وخصوصًا بعض العملات الأجنبية التي تأتي من خلال السفارات، لكن عندما نشب النزاع، توقف إنتاج النفط، وأغلقت معظم السفارات في العاصمة صنعاء أبوابها، كما أن اليمن يعتمد الآن على التحويلات المالية من الخارج، والتبرعات من منظمات الإغاثة الدولية واحتياطيات العملة الأجنبية لاستيراد المواد الغذائية وغيرها من السلع الأساسية.
وقال جيمي ماكغولدريك أيضًا إنه في منتصف شهر آب/ أغسطس تم استنزاف احتياطيات العملة الأجنبية في البنك المركزي مما أدى إلى صعوبة الحصول على خطوط الائتمان، وأصبح من المستحيل تقريبًا على الجهات الحكومية أن تحافظ على الخدمات الاجتماعية الأساسية، وحاليًا، يعمل البنك المركزي في صنعاء تحت سيطرة الحوثيين، الذين استولوا على العاصمة في أيلول/ سبتمبر 2014، وفي هذا السياق أعلنت مصادر مجهولة تابعة للبنك أن الدخل القومي قد توقف في اليمن منذ بداية الحرب في آذار/ مارس 2015، وأضاف أن المنظمات الدولية والبلدان الأخرى لا تمد المساعدة، وذلك قد يدفع اليمن إلى أزمة اقتصادية قد لا يتمكن من الخروج منها.
والجدير بالذكر أيضًا أنه قد تم إلغاء معظم المشاريع العامة في اليمن، فوفقًا لرئيس الوزراء أحمد عبيد بن داغر فإن احتياطات العملات الأجنبية انخفضت من 4.2 مليار دولار إلى 1.3 مليار دولار في نيسان/ أبريل 2016 بسبب استيلاء الحوثيين عليها، كما أن البنك المركزي كان قد أنفق احتياطياته من العملة الأجنبية خلال الستة عشر شهرًا الماضية على السلع الأساسية، بما في ذلك القمح والأرز والسكر، فضلاً عن سداد ديونه الخارجية، أضف إلى ذلك أن اليمن يستورد أكثر من 90% من احتياجاته الغذائية، فحوالي 25 مليون نسمة هم الآن في حاجة إلى مساعدات إنسانية، ووفقًا لتقارير الأمم المتحدة فإن أكثر من نصف الشعب يعاني من سوء التغذية.
ووفقًا لما صرحت به مصادر عن البنك فإن الوضع يزداد سوءًا يوميًا، نتيجة لتوقف البنك المركزي عن دعم الدواء والوقود العام الماضي كما أن البنك المركزي لن يتمكن من دعم السلع للسنة القادمة، وقال نفس المصدر أيضًا إن الحوثيين لا يتحملون مسؤولية الأزمة الاقتصادية، ولا يستطيعون حلها بمفردهم، على الرغم من أنهم يسيطرون على معظم البلاد، كما أنهم مسؤولون عن دفع رواتب موظفي القطاع العام حاليًا، كما أن بعث معظم المشاريع العامة مثل بناء المكاتب والطرق والمدارس، قد توقف لأنه لم يكن هناك أي ميزانية سنوية لعام 2015 و2016.
وتجدر الإشارة إلى أن اليمن كان قد تلقى مساعدات من السعودية سنة 2012، لكنه لا يزال بحاجة إلى مساعدات أخرى من أي بلد لإنعاش الاقتصاد، كما قال مسؤول في رئاسة الحكومة اليمنية لوكالة الأنباء اليمنية سبأ إن رئيس الوزراء لديه معلومات معينة من مصادر محلية ودولية حول إدارة البنك المركزي التي لجأت إلى استخدام احتياطيات العملة الأجنبية في البنوك العالمية في أمريكا وأوروبا، وكان هذا بعد استنزافها لاحتياطيات العملة الأجنبية في البنك المركزي بصنعاء، حيث طلب بن داغر من صندوق النقد الدولي إيقاف التعامل مع البنك المركزي وتجميد أمواله حتى إشعار آخر، آخذًا بعين الاعتبار أن البنك المركزي اليمني يستخدم احتياطيات العملة الأجنبية للبلاد بطريقة غير مسؤولة.
إلى جانب كل هذا بدأ تراجع العملة يؤثر في الشارع اليمني، حيث تراجعت قيمة الريال اليمني أمام الدولار، وذلك كنتيجة لتراجع احتياطي العملات الأجنبية في البلاد، كما أعلن البنك المركزي اليمني أن الريال اليمني كان قد انخفض بنسبة 16.3% في أبريل/ نيسان الفارط، وبما أن البنك المركزي لا يمكنه توفير الدولارات للبنوك اليمنية فإن التجار والمستوردين سيلجأون من المؤكد إلى السوق السوداء لشراء العملة الأمريكية، أين يعادل الدولار الواحد حوالي 300 ريال يمني.
وأشار المصرفي تامر أحمد سعيد إلى أن المشكلة ستستمر حتى يوفر البنك المركزي الأمريكي العملة الصعبة لليمن، كما حاول البنك المركزي التصدي للسوق السوداء إلا أن ذلك لم يجد نفعًا، في المقابل، سمح البنك المركزي للبنوك الأخرى بالدفع بالدولار من أجل تشجيع المهاجرين على إرسال الأموال إلى اليمن، وذكر أحمد سعيد أن السوق السوداء قد تحل محل البنوك عندما يتعلق الأمر بتغيير دولار، مضيفًا أن هذه علامة مؤكدة للأزمة الاقتصادية عندما لا يتمكن البنك المركزي من إدارة الاقتصاد.
ويعتبر نقص العملة في اليمن مسألة حياة أو موت، وفي هذا الإطار قال عبد الهادي السميع وهو أحد التجار اليمنيين أن ارتفاع الدولار هو السبب الرئيسي للزيادة في الأسعار، وأضاف أن بعض رجال الأعمال قد أفلسوا، جراء شراء السلع بأسعار رخيصة، وبالتالي فإنهم لا يستطيعون استيراد السلع الجديدة بسبب ارتفاع الدولار في السوق السوداء.
المصدر: ميدل إيست آي