خاض الشباب المغربي على مواقع التواصل الاجتماعي حملة شرسة ضد مشروع قانون “المدونة الرقمية” الذي طرحته الحكومة المغربية في الأسبوع الماضي علنا قبل طرحه على البرلمان للمصادقة عليه، مما دفع الحكومة إلى التراجع عن طرح المدونة.
وكان وزير التجارة والصناعة المغربي ، قد أعلن في خطوة غير متوقعة، عن مسودة مشروع قانون المدونة الرقمية، الذي تضمن عقوبات حبسية وجنائية صارمة، ضد مسؤولي ومدراء ومالكي المواقع الالكترونية ووسائل الاتصال الرقمية.
القانون يضيق الخناق على الصحافة الإلكترونية، ويؤكد أن عقوبة السجن تصل إلى 5 سنوات وغرامة مالية تصل إلى 100 ألف درهم، ضد كل شخص يرتكب “جرائم” عبر مواقع الأنترنت أو وسيلة اتصال رقمية فيما سمحت مسودة القانون لضباط الشرطة بالولوج بأسماء مستعارة لمراقبة المواقع.
ورأى الكثير من الصحافيين في المغرب أن تمرير المدونة سيضعهم “أمام خطر داهم”، خصوصا بعد الاطلاع على المادة 73 من مشروع القانون الذي يمنع نشر “المحتويات المسيئة التي تظهر صراحة وضمنيا سواء بالصور أو بالكلمات مشاهد عنيفة أو مخالفة للأخلاق الحميدة وللنظام العام أو عناصر يمكن أن تشجع على التعسف أو عدم الاحتياط أو الاهمال أو يمكن أن تتعارض مع الدين الاسلامي أو المعتقدات السياسية للعموم أو الحياة الخاصة للأفراد..”
لكن الناشطون المغاربة أعلنوا رفضهم القاطع لأية ممارسة رقابة على أنشطتهم داخل الفضاء الإلكتروني، حيث كثف الناشطون من تعليقاتهم وانتقاداتهم لنصوص المدونة. وأطلق الشباب حملات إلكترونية على غرار “المدونة الإلكترونية لن تمر” والتي ما زالت مستمرة رغم الإعلان عن سحب المدونة بشكلها الحالي.
وقال عدد من النشطاء أنهم أطلقوا صفحات ‘‘العصيان الالكتروني’’ ضد مشروع المدونة الذي يستهدف التضييق على حريات التعبير والتعدي على الخصوصية، معتبرين أن مواد المشروع ” تقنين لفاشية جديدة “، كما تداولوا فيديوهات ترويجية للحملة وأخرى توضيحية، فيما انتشرت أغنية ‘‘سيدي الرئيس’’ التي تروج لحرية الأنترنت، باعتبارها النشيد العالمي ضد قمع التعبير على الإنترنيت.
وتداول النشطاء إضافة إلى فيديو يتضمن نداء حملة العصيان الالكتروني، تصريحا سابقا للوزير المغربي، يقول فيه ‘‘لو كانت الديكتاتورية تطبق في عدد من المجالات، لتطور المغرب بسرعة أكبر’’
وأشار الموقع الرسمي للحملة على فيسبوك “لقد تم إقرار قانون بخصوص المنشورات الإلكترونية بالأردن العام الماضي جعل العديد من المواقع الإخبارية تصبح خارجة عن القانون، وهذه وسائل رقابة جديدة لتقييد المعارضة ومخالفة الأفكار السائدة… تجب التعبئة لكي لا يحدث هذا في المغرب..
هذا سيكلف البلاد في التصنيفات الدولية وسيفقدها إمكانيات في ميادين الاستثمار والابتكار وخسارة في التكنولوجيات الحديثة للمعلومات”.
حملة #عصيان_الكتروني على الفيسبوك ضد مشروع المدونة الرقمية.
Poke @Boubker_Badr @MyHafidElalamy pic.twitter.com/XNAoChwSZX
— Laarabi (@nawfal) December 15, 2013
وسخر مغرد على “احذروا وضع صور غيفارا ولينين وماركس وفرويد. فهم ضد المشاعر الدينية والسياسية للعموم”.
لاباقيش تحطو الصور ديال غيفارا و لينين و ماركس و فريد.هدوك ضد المشاعر الدينية و السياسية للعموم.#المدونة_الالكترونية_لن_تمر #عصيان_الكتروني
— Ikkyū-san ايكوسان 🥑 🇲🇦 (@HBenzalla) December 15, 2013
وأمام هذا الضغط، خرج وزير الصناعة حفيظ العلمي، ليوضح في وسائل الإعلام الإلكترونية أن المدونة هي “مجرد مشروع قانون قابل للمناقشة”.
وفي منتصف الشهر الجاري واحتجاجا على القانون أعلن الممثل والمؤلف والمخرج المغربي شفيق السحيمي، في شريط فيديو بث عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أنه “قبل أن يخرج قانون المدونة الرقمية الذي يبشرنا بمستثبل فيه خمس سنوات من السجن و100 ألف درهم غرامة، لمن لا يتفق مع سياسة البلاد، أستغل هذه الفرصة لأعلن اليوم توقفي عن الإبداع الفني في المغرب ونهائيا”.
وطالب مغردون بالتشاور وتنظيم أيام دراسية يتم فيها إشراك المجتمع المدني للتوصل إلى مدونة توازن بين احترام حرية التعبير وحقوق الإنسان وضمان الأمن الداخلي.
ويقول مراقبون إن “القضايا التي خلقت جدلا واسعا في المغرب في الأشهر الأخيرة أظهرت قوة نشطاء الإنترنت في مقابل عجز الإعلام التقليدي على مواكبة النقاش حول المدونة الإلكترونية”