تتركز المشاريع والمناطق الصناعية في تركيا في ولايات معينة تحظى بكثافة استثمارية عالية في مختلف المجالات، مثل المناطق التي تطل على بحر إيجة والبحر المتوسط كبورصة وأزمير وأنطاليا وأنطاكيا وإسطنبول، في حين أن الولايات الجنوبية الشرقية لا تحظى بهذا القدر من الاهتمام لدى المستثمر الأجنبي، ولا تمتلك قاعدة إنتاجية متنوعة سواء من حيث الصناعات أو الخدمات أو الاستثمارات المختلفة، وهذا انعكس على نسب البطالة في تلك المناطق حيث ترتفع نسبة غير العاملين بشكل ملحوظ، دونًا عن بقية المناطق في تركيا، ومن تلك الولايات، محافظة أديامان وديار بكر وغازي عنتاب وماردين وسيرت وشانلي أورفا وكيليس وشرناق.
الأسباب الظاهرة لتركز الاستثمارات في مناطق دون أخرى، هي الاستقرار الأمني، إذ شهدت بعض مناطق جنوب شرق تركيا طوال الأعوام الماضية حروبًا بين الحكومة وحزب العمال الكردستاني الذي تصنفه الحكومة التركية منظمة إرهابية.
بلغت إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة في العام 2014 نحو 12.5 مليار دولار
الجدير بالذكر أن الاستثمارات الأجنبية تضاعفت في الـ 13 عامًا الأخيرة عشرة أضعاف، حيث بلغت إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة في العام 2014 نحو 12.5 مليار دولار وتم تسجيل أكثر من 39,100 شركة أجنبية في العام نفسه تعمل برأس مال أجنبي في تركيا.
خطوات فعالة لجذب الاستثمارات
تنوي الحكومة التركية فرض توازن في توزع الاستثمارات بين الولايات من خلال طرح حزمة خطوات تهدف لجذب المستثمرين لتلك المناطق وتوعيتهم بمدى أهميتها وشأنها الذي لا يقل شأنًا عن غيرها من المحافظات الأخرى.
حيث أعلن رئيس الوزراء التركي، بن علي يلدريم، اليوم الإثنين، خلال كلمته في برنامج التعريف بحملة دعم الاستثمارات جنوب شرق وشرق البلاد بولاية ديار بكر، عن حزمة اقتصادية تهدف لتشجيع الاستثمارات في 23 ولاية بشرقي وجنوب شرقي البلاد، وأشار أن الحكومة اتخذت خطوات كبيرة في هذا الشأن من شأنها تحويل تلك الولايات إلى مركز جذب للاستثمارات، حيث ستتكفل الحكومة ببناء المصنع وتأجيره للراغبين بالاستثمار في الولايات المذكورة بأسعار رمزية، فالقطاع الخاص بحسب ما ذكر يلدريم لن ينفق أموالاً على الاستثمارات الثابتة التي تشمل الأموال التي تنفق في إنشاء البناء وشراء الآلات والتي تستهلك جزءًا لا يستهان به من رأس المال.
وبحسب خطة الحكومة ستقوم ببناء 10 مصانع سنويًا في كل 8 ولايات، أي ستوفر ما يقرب من 80 مصنعًا في العام الواحد، بحيث تتمكن تلك المصانع من توظيف بين 200 و800 شخص في المصنع الواحد، أي توظيف نحو 40 ألف شخص وسطيًا، وستقوم الحكومة كذلك بعمل معارض في كل ولاية تنشأ فيها المصانع وتشجيعًا للحركة الإنتاجية ستقوم الدولة ممثلة بمؤسساتها بشراء كل ما تحتاجه من تلك المصانع.
كما أشار يلدريم إلى النقطة الجوهرية التي تمنع المستثمرون للاستثمار في تلك المناطق، وهي الإرهاب، وأشار أن أولوية الحكومة الآن هي القضاء على الإرهاب الذي لا يهدد أمن وسلامة السكان فحسب بل أيضًا تنميتها وجذب الاستثمارات إليها.
تنوي الحكومة التركية بناء ما يقرب من 80 مصنعًا في العام الواحد في كل 8 ولايات قادرة على توظيف 40 ألف شخص وسطيًا
وأشار وزير البيئة والعمران التركي أن الحكومة ستقدم قروضًا بقيمة 50 ألف ليرة تركية بدون فوائد وبأقساط تمتد إلى سنتين مع إعفاء أصحابها من الدفع أول ستة أشهر، لكل حرفي وتاجر في منطقة سور بولاية ديار بكر، إذ شهدت هذه المنطقة بالذات أعمالاً إرهابية قامت منظمة البي كي كي ألحقت أضرارًا جسيمة في المحال التجارية والمساكن.
القضاء على الإرهاب
شنت القوات التركية منذ حوالي أسبوعين تقريبًا حملة للقضاء على الإرهاب المتمركز على الحدود السورية التركية باسم درع الفرات لطرد قوات تنظيم الدولة الإسلامية داعش ومنع إنشاء أي كيان كردي في المنطقة، ومن خلال التعاون مع فصائل الجيش الحر على الأرض الذي تولى مهمة الاقتحامات وتحرير البلدان والمدن بدعم من الدبابات والطائرات التركية.
وبحسب وكالة الأناضول، نقلت عن يلدريم قوله، إن مسافة 91 كم على طول المنطقة الحدودية مع سوريا الممتدة بين جرابلس وأعزاز باتت آمنة وتم دحر كل المنظمات الإرهابية منها، حيث استطاع الجيش الحر أمس الأحد من وصل جرابلس باعزاز وعزل تنظيم داعش عن الحدود التركية، وذكر أن الدور الآن لتطهير الحدود والبلاد من المنظمة الانفصالية البي كي كي، بعدما تم تطهير مؤسسات الدولة من عناصر منظمة غولن على إثر المحاولة الانقلابية الفاشلة في منتصف شهر يوليو/ تموز الماضي.