في الوقت الذي يحاول فيه الروس والأمريكان التفاهم لفرض هدنة إنسانية في حلب تقود لاتفاق أوسع يشمل البلاد كلها وتكون قاعدة أساسية لعملية انتقال سياسية، يرى أعضاء الائتلاف السوري المعارض أن عودة الحصار على مدينة حلب من قبل قوات الأسد وداعميه يقوّض فرص التوصل لأي اتفاق بين روسيا والولايات المتحدة، وذهب عضو الهيئة السياسية عبد الأحد إسطيفو أن هناك طرف لا يريد أن يعيد الهدنة ولا الوصول إلى أي اتفاق من شأنه أن يكون سبيلاً للحل في سوريا، وهذا اتضح مؤخرًا بعد عودة حصار حلب من قبل النظام والميليشيات المقاتلة معه.
نقل عن أوباما بشأن المحدثات قوله “هناك خلافات كبيرة، وتتعامل واشطن مع المحادثات ببعض من التشكيك لكن الأمر يستحق المحاولة”
كاد الاتفاق أن يرى النور
كاد الاتفاق أن يعلن ويرى النور اليوم الإثنين، بعد تصريحات عديدة منالجانبين الروسي والأمريكي حول قرب إعلان الاتفاق، خلال المفاوضات بين روسيا وأمريكا على هامش قمة العشرين في الصين، حيث دام اللقاء لمدة ساعة ونصف بين الزعيمين الأمريكي والروسي جرى فيه بحث ملفي سورية وأوكرانيا بشكل رئيسي، إلا أنها باءت بالفشل حيث بقيت بعض القضايا بدون حل، وكان أوضح من عبر عن هذا الخلاف الرئيس الأمريكي كما نقلت عنه وكالة رويترز قوله، هناك “خلافات كبيرة وواشطن تتعامل مع المحادثات ببعض من التشكيك لكن الأمر يستحق المحاولة”.
وعلى حد وصف مسؤول بارز في وزارة الخارجية الأمريكية فإن روسيا تراجعت عن بعض القضايا التي اعتقد الأمريكان أنهم اتفقوا عليها، بينما ترك وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الباب مفتوحًا أمام جولة جديدة من المحادثات، وعلق على فشلها أن الولايات المتحدة لن تتعجل في إبرام اتفاقية مع روسيا لمحاولة إنهاء الحرب في سورية.
والظاهر من خلال مجريات الأحداث والتطورات على الأرض في حلب، أن روسيا تحاول استثمار تبدل موازين القوى بعد بسط النظام سيطرته على منطقة الكليات، وبالتالي حصار حلب مرة أخرى، إذ ترى روسيا فرصة لفرض أمر واقع على المعارضة بشكل لا يتوافق مع مواقفها الثابتة وتسير لصالح النظام وروسيا.
ولعل هذا يفسر تأخر روسيا لفرض حل سياسي وفقًا لرؤيتها مع الولايات المتحدة، أو تراجعها عن بعض المواقف التي تم الاتفاق عليها مسبقًا، بهدف تحقيق اختراق عسكري ضد مناطق سيطرة المعارضة.
في موازاة ذلك كانت المعارضة السورية تعلن انتصارها في جبهة درع الفرات حيث قطعت صلة تنظيم داعش بتركيا من خلال وصل مدينة جرابلس بالراعي، لتكون داعش قد خسرت آخر معاقلها على الحدود السورية التركية.
الاتفاق الروسي الأمريكي تأكد تأجيله بعد لقاء مطول جمع كل من جون كيري مع نظيره لافروف خرجا دون التوصل لاتفاق بدعوى استمرار عراقيل روسية تحول دون الإعلان عن الاتفاق، وقال كيري: جرى التوصل لحل بعض النقاط الفنية المخيفة في الاتفاق الأمريكي الروسي بشأن سورية لكن لا تزال هناك نقطتين صعبتين، هما آلية الرد على انتهاكات النظام السوري وضبط جبهة فتح الشام (النصرة سابقًا).
فصائل المعارضة السورية لا تزال تدرس الاتفاق الأمريكي الروسي الأخير والذي تلقت بنوده في رسالة مايكل رانتي
وفي خضم عراك المحاثات السياسية في الصين بين روسيا وأمريكا لمحاولة التوصل لاتفاق كشفت مصادر عديدة عن رسالة المبعوث الأمريكي إلى سورية مايكل راتني تضمنت نقاط الاتفاق الجديد بين روسيا وأمريكا حول سورية.
حيث أبلغ المبعوث الأمريكي كبرى فصائل المعارضة السورية مثل حركة أحرار الشام الإسلامية وجيش الإسلام والجبهة الشامية تفاصيل الاتفاق الجديد، منوهًا في نص الرسالة أن تصل لباقي فصائل المعارضة السورية للاطلاع عليها.
وبحسب ما نقلته صحيفة العربي الجديد فإن الولايات المتحدة وروسيا اتفقتا على نقاط وبقيت نقاط أخرى عالقة، حيث تم الاتفاق على إجبار النظام السوري على إيقاف الطلعات الجوية وفي حال أراد استهداف أية منطقة فعليه أخذ الإذن من موسكو وإعلامها عن الهدف الذي يريد ضربه، بالإضافة إلى انسحاب النظام من طريق الكاستيلو شمال حلب وإنهاء القتال حول طريق الراموسة، بينما لا تزال بنود الاتفاق الأمريكي الروسي قيد الدراسة من قبل فصائل المعارضة السورية.
رسالة مايكل راتني للفصائل السورية
وبحسب ما جاء في نص رسالة راتني للفصائل فإن ما تم الاتفاق عليه بين روسيا وأمريكا، هو أن تقوم روسيا بمنع طيران النظام من التحليق، وبالتالي عدم قصف النظام لمناطق المعارضة بغض النظر عمن يتواجد فيها، في إشارة إلى جبهة فتح الشام (النصرة سابقًا)، وفي المقابل تعرض الولايات المتحدة على روسيا التنسيق لإضعاف القاعدة في سورية، ويتضمن أيضًا، تفاهمًا يقضي بأن لا تكون هناك عمليات قصف من قبل النظام بالإضافة إلى ذلك لن يكون هناك قصف روسيعشوائي.
وبحسب الرسالة أيضًا فإن تسلسل الخطوات المطلوبة من قبل المعارضة والنظام ستكون بالشكل التالي: في البداية بعد إعلان موعد الهدنة ودخولها حيز التنفيذ على جميع الأطراف أن تلتزم بها والتي تتضمن وقفًا كاملاً للعمليات العسكرية في منطقة طريق الراموسة واعتبار طريق الكاستيلو منطقة منزوعة السلاح بعد سحب النظام قواته منه، ثانيًا، ستدخل المساعدات الإنسانية عبر الكاستيلو ولاحقًا ستدخل من خلال طريق الراموسة، ثالثًا، سيتم تمديد الهدنة بعد 48 ساعة من نجاحها، ورابعًا، بعد أسبوع من الالتزام الموثوق بالهدنة، ستبدأ الولايات المتحدة وروسيا خطوات لمنع تحليق طيران النظام بشكل كامل والعمل معًا لإضعاف القاعدة في سوريا.
على حد وصف أحد المسؤولين نقل عن أوباما أنه لن يتم البدء في العملية السياسية قبل الانتهاء من العملية العسكرية، وهذا الاتفاق مهم للعملية السياسية كما يقول راتني في الرسالة: “نعتقد أن تحديد الالتزام بالهدنة يمكن أن يفتح الباب لعملية سياسية منتجة، أما في ظل الظروف الراهنة، حيث الوضع على الأرض في غاية السوء، فإنه ليس من الممكن عودة الأطراف إلى جنيف”.