ترجمة وتحرير نون بوست
عادة ما يساء فهم السخرية على الإنترنت، ولا توجد في الوقت القريب تكنولوجيا قادرة على حل هذا الأمر، منذ أن بدأ الناس في الدردشة على الواب أسيء فهم السخرية عند التواصل، إلا إذا انسجمت مع شخصية الطرف المقابل، ومن الصعب أن تطلق السخرية دون بعض التردد في المسبق، ونتيجة لهذا فإن المحادثات التي يساء فهمها منتشرة وخالية من المزاح والمتصيدون تعلموا توظيفها لصالحهم العديد من المرات.
في عام 2015 استكشف اللغوي غراتشن ماككولاو الأساليب المختلفة التي نحاول بها ترجمة الأعين الساخرة بين الكلمات على الواب من خلال استخدام هاشتاغ والعلامات النجمية والكلمات التي تنطق بالخطأ عمدًا وحتى الرموز المشفرة مثل “/سخرية”، كما تشاركنا جميعًا في استخدام الوجه المبتسم و”لول“.
ولكن مشكل إساءة ترجمة السخرية ما زال موجودًا، وبسبب هذا قال مجموعة من الباحثين في جامعة تورن إنهم طوروا خوارزمية تقوم بتحليل المزاح على الواب وترصد السخرية بدقة تتراوح بين 80 و90%.
ليست هذه المحاولة الأولى لفهم الكلام الطريف، وليست الأخيرة، منذ عقود حاولت العديد من الشركات والمعاهد علاج ما يبدو أنه مشكل لا حل له، في عام 2006 أصدر مختبر تحليل الإشارات وترجمتها في جامعة ساوذرن كاليفورنيا راصدًا آليًا للسخرية وباستخدام تسجيلات كلامية بشرية ومن خلال اختبار ترددات الصوت والمدة والطاقة.
في عام 2011 طور باحثون في الجامعة العبرية في القدس طريقة لرصد السخرية عبر تحليل 6 مليون تغريدة وأكثر من 60 ألف ملاحظة على أمازون وكانت دقة النتيجة 91%.
في بداية 2016 شارك طلاب من جامعة كورنيل في تحدٍ تقني لمعرفة السخرية في ملاحظات على منتج ما، وطوروا برمجية بدقة 71 %، وفي شهر آب/ أغسطس الماضي طور سيلفيو أمير من جامعة ليسبون طريقة في رصد السخرية على تويتر وفق طلب من الشرطة السرية.
قد تبدو كل هذه الدراسات تافهة ولكن عندما يساء فهم السخرية فهي ستتحول إلى عملية اعتداء وغضب كامن وينعدم الشعور بالأمن، وهو ما قد يساهم في مشاكل جديدة داخل مجتمع نشط.
حتى قبل الإنترنت، بحث اللغويون عن حل يساعدنا على انتقاء كلماتنا أثناء الكتابة، فكانت فكرة التنقيط للإشارة إلى تنقل الشخص مثلاً من السؤال إلى التعجب وكان ذلك في القرنين السادس عشر والسابع عشر.
من الواضح أن السخرية لم تتراجع على الواب على الرغم من أنها تمثل تحديًا في التواصل، إذا لماذا لا يمكن فهمها بمستوى دلالي عالي بأكبر قدر ممكن؟
تقول دراسات جديدة أن للسخرية على الإنترنت فوائد عدة، مثل تعزيز الروابط ودعم الإبداعية، إذا ما تخاطب طرفين بهذا الأسلوب ووثق كل منهما في الطرف الآخر، في الوقت الذي بدأ غالبية الناس يفهمون السخرية بشكل حدسي وهم في سن السادسة، ما زال البعض يخطئ فهمها، في موقع ريدتور يسأل رواد الموقع المتابعين بجدية كيف يمكنهم معرفة أن شخص ما كان ساخرًا.
حتى ولو كانت الحواسيب قادرة على فهم السخرية أكثر منا، ثم ماذا؟ أشار عالم أمريكي إلى أن الجزء الأكبر من الدراسة على السخرية على الواب تسبق الجدية، ويمكن أن يكون لها في الواقع عددًا من السيناريوهات المحتملة المفيدة.
قد يساعد هذا السلطات الأمنية على معرفة إن كان أحدهم يسخر أو جادًا في كلامه، قد تساعد مراكز خدمات الزبائن، من خلال تحديد هل الزبون غير راض أو هو يمزح فحسب، كما قد تساعد الوجوه السياسية في معرفة هل رسالتهم وصلت بالفعل أم لا، فيما أشار باحثون آخرون أن تلك البيانات قد تساعد في تعقب المشاعر وتوقع توجهات سوق المال أو تحسين الخدمات، مثل “أبل سيري” لتعلم أنك تعبث فحسب.
ولكن هذا ما يريده أرباب الأسواق والشركات، أن يضعوا أيدهم على البحوث التي تحدد سخريتنا منهم أو إعجابنا بهم، لإقناعنا أنهم جيدون، إذا حصل هذا فسنمنحهم المزيد من الثقة وسنعطيهم المزيد من أموالنا، أليس هذا هو الاستخدام الأروع للسخرية منا؟
المصدر: فوكاتيف