من هم اللاجئون بالنسبة إليك، هل اختزلت صورة اللاجئين فقط في قوارب اللاجئين المحملة بالسوريين الهاربين إلى شواطيء أوروبا، أم في الجماهير المحتشدة على حدود بلاد أوروبا بين بلاد مستقبلة وبلاد تنهر وتمنع، أم هل اختزلت صورة اللاجئين في صورة الفقراء المحتاجين لمعونة حكومات الدول الغنية، هل فكرت من قبل أنك من الممكن جدًا أنك تحمل جينات للاجئين، قد هاجروا من بلادهم هربًا من الحروب الأهلية ليستقروا في البلد التي تعيش فيها الآن، وتشاء الأقدار أن تأتي أنت متصورًا أنك ابن أصيل لتلك البلد أب عن جد؟
ما هو العامل المشترك بين المغني البريطاني جايمي كولوم، والممثلة البريطانية ريتا أورا، وستيف جوبس مخترع الآيفون، وألبرت آينشتين، كارل ماركس و آنا فرانك صاحبة كتاب “مذكرات فتاة صغيرة” أحد الكتب المشهورة حول العالم؟، لقد كانوا كلهم لاجئين، ولكنهم مازالوا معروفين للعالم بأنهم أكثر المشاهير المؤثرين في مجالاتهم، ولكن لم يكن أحد منهم قد اختار أن يكون أمريكيًا أو بريطانيًا أو هولنديًا، فلقد كان كلهم لاجئين هرب ذويهم من ويلات الحرب العالمية إلى البلاد المختلفة بحثًا عن اللجوء.
أصدرت مؤسسة ” Help Refugees” الخيرية الخاصة بمساعدة اللاجئين في بريطانيا حملة إعلانية حديثة تقوم بتغيير وجهة نظر العالم للاجئين بعرضها إثني عشر من مشاهير الفن والأدباء البريطانيين، من يرون قصص ذويهم في الهروب من الصراعات والحروب الأهلية والحرب العالمية الثانية والسعي وراء طلب اللجوء في بريطانيا، لتنتشر الحملة انتشارًا واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي ويتبناها نشطاء ومستخدمي تلك المواقع لعرض قصصهم الشخصية في كونهم لاجئين كذلك أو كون ذويهم لاجئين منذ البداية.
تم تسمية الحملة بعنوان ” كلنا لدينا جينات لاجئين، فهل لديك أنت الآخر؟”، لينتشر هاشتاغ ” #Refugenes” أو جينات اللاجئين على تويتر انتشارًا واسعًا منذ إطلاق الحملة، لتحقق الحملة ما كانت تصبو إليه من تغيير وجهة نظر العالم، وخصوصُا البريطانيين للاجئين السوريين والعراقيين حول العالم الآن، في محاولة لتذكيرهم أن أي منا من الممكن أن يكون ابن أو حفيد لأجداد لاجئين في الأصل، وأننا نحمل جينات لاجئين في نهاية الأمر، فلا داع لمعاملة من هم لاجئين حول العالم الآن بقدر من القسوة والاحتقار.
https://twitter.com/jjohnstonmezzo/status/772466313906229248?ref_src=twsrc%5Etfw
كما هو الحال في مدينة ليفربول، التي تمتلأ بالمهاجرين، لدي أيضًل جينات اللاجئين، فوالدي من أصل ليتواني، كانوا يهود، وهربوا إلى بريطانيا من الإضطهاد الروسي.
هنا الفيديو الأصلي للحملة مصورًا 12 من المشاهير من مختلف الخلفيات الفنية، المغنيين والرسامين والممثلين والكتاب والعازفين، كلهم يرون قصصهم في حملهم لجينات اللاجئين وكونهم هم أو أجدادهم من اللاجئين، ليقوموا برواية قصص مشابهة لقصص اللاجئين السوريين حول العالم الآن، فمنهم من هرب في قارب نجاة، ومنهم من هرب بعد أن فقد ذويه في الحرب الأهلية، ومنهم من لم يرى موطنه قط وتمت ولادته في بلد اللجوء.
كان تأثير الحملة مدهشًا للقائمين عليها، فلم يتخيلوا أن يتفاعل جمهور مواقع التواصل الاجتماعي لدرجة كتابة قصصهم الشخصية وينشروها على هاشتاغ “أنا أحمل جينات لاجئين”، وهي الجملة التي كررها الشخصيات التي احتوى عليها الفيديو ليسئلوا المشاهد في النهاية عن كونه يحمل جينات لاجئين هو الآخر أم لا؟
تحاول الحملة إيصال رسالة إلى العالم مفادها أنه حتى من نعجب بهم في مجالات مختلفة حول العالم كانوا من اللاجئين، بل وقد غيروا وأثروا تأثيرًا عميقًا في العديد من المجالات من الصعب محوه، فكان لستيف جوبس تأثيرًا في التغيير الجذري في مجال التكنولوجيا والهواتف المحمولة، وكان لألبرت آينشتين تاُيرًا محوريًا في قوانين الفيزياء المستخدمة حتى الآن، فماذا كان من الممكن أن يكون، إن لم يستطيع هؤلاء الحصول على اللجوء والهروب من القمع والقتل؟
لا عجب أن هؤلاء كانت لهم يد في تغيير التاريخ، لذا من غير المنطقي اتهام لاجئي العالم اليوم بكونهم السبب في كل الكوارث البشرية والحوادث الإرهابية حول العالم، لا يمكن لأحد منا أن يتوقع ما الذي سيفعله أطفال اللاجئين في المستقبل.
https://twitter.com/SaldanaVidala/status/772618832653398016?ref_src=twsrc%5Etfw
لقد هاجر والدي من أسبانيا نتيجة الإضطهاد الديني منذ عقود ماضية
I'm proud to say I've got #refugenes. My family were forced out of Uganda in 1972. I was 4 years old at the time.
— Amit (@MrAmitKota) September 4, 2016
أنا فخور بكوني أحمل جينات اللاجئين، فقد أجبر والدي على هجرة أوغندا عام 1972، ذلك عندما كان عمري 4 سنوات.
لا يعني كون المرء لاجئًا أنه لا يمتلك شيئًا قيمًا ليقدمه للمجتمع، وهذا ما تطمح إليه الحملة في إيصاله للعالم، كما شجعت الحملة الناس على مشاركة قصصهم الحقيقية عبر فيديوهات قصيرة عبر إنستغرام ويوتيوب وفيسبوك من أجل الدفاع عن حقوق اللاجئين في الحصول على حق اللجوء والأمن خارج نطاق الحروب والصراعات، بالإضافة إلى تعزيز فكرة حقهم في العمل وأن يكونوا فردًا فعالًا في أي مجتمع ينضمون إليه.