طرحت المعارضة السورية اليوم الأربعاء في لندن ضمن مؤتمر مجموعة دول الاتصال بشأن سورية، رؤية المعارضة للحل السياسي في المرحلة الانتقالية للبلاد، إذ تم إقرار الرؤية بعد إجرائها تعديلات بناء على ملاحظات تلقتها من شرائح المجتمع السوري والفصائل المقاتلة وهيئات المجتمع المدني، وتم إقرار الرؤية بصيغتها النهائية بالإجماع، رغم معارضة بعض أعضاء الهيئة العليا للمفاوضات المشاركين في اجتماعات الرياض.
هل تعتقد أن توقيت عرض المعارضة السورية لرؤية الحل السياسي في #سوريا مناسبة في هذا الوقت بالذات؟
— نون بوست (@NoonPost) September 7, 2016
ماذا تتضمن الرؤية؟
قسمت المعارضة في رؤيتها عملية الانتقال السياسي إلى ثلاث مراحل رئيسية، تبدأ بعملية تفاوضية تمتد لستة أشهر يتم خلالها إقرار هدنة مؤقتة وإلزام الأطراف بقرارات مجلس الأمن الصادرة 21218 و 2254 والمبادئ العامة الواردة في بيان جنيف.
وتشمل هذه المرحلة أيضًا وقف كافة العمليات العسكرية والقصف والسماح بإيصال المساعدات الإنسانية والإفراج عن المعتقلين ووقف عمليات التهجير القسري وأحكام الإعدام وعودة النازحين واللاجئين إلى ديارهم.
قسمت المعارضة رؤيتها في ثلاثة مراحل تبدأ بالهدنة ووقف القتال وتنتهي بإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية
فيما تشمل المرحلة الثانية من العملية فترة انتقالية تمتد لـ 18 شهرًا (سنة ونصف) تبدأ بتوافق بين طرفي التفاوض على المبادئ الأساسية للعملية الانتقالية، وتوقيع اتفاق يجعل هذه المرحلة في إطار دستوري جامع، يتضمن وقفًا شاملًا لإطلاق النار، وتشكيل هيئة الحكم الانتقالي كاملة الصلاحيات يُصاغ خلالها دستور جديد للبلاد ويتم إصدار القوانين اللازمة لإجراء انتخابات إدارية محلية وتشريعية ورئاسية ويتم تشكيل مجلس عسكري مشترك وهيئة حكم انتقالي وحكومة لتصريف الأعمال ومحكمة دستورية عليا وهيئة لإعادة الإعمار وهيئة للمصالحة الوطنية وعقد مؤتمر وطني جامع وإعادة هيكلة القطاع الأمني ومكافحة الإرهاب، وتقر المعارضة في هذه المرحلة برحيل بشار الأسد والمتورطين في جرائم بحق الشعب السوري.
الهيئة العليا للمفاوضات تدشن اليوم رؤيتها للعملية التفاوضية والمرحلة الانتقالية وفق بيان جنيف 2012 pic.twitter.com/Lx3nIE0tWW
— د.رياض حجاب (@MediaPmoffice) September 7, 2016
وأكدت المعارضة في رؤيتها أن المرحلة الثانية ستشمل تأسيس نظام سياسي يقوم على مجموعة من المبادئ الأساسية منها سيادة سورية واستقلالها وسلامة أراضيها في دولة متعددة الأحزاب مبنية على الحرية والممارسة الديمقراطية والشمول والتمثيل والمواطنة وسيادة القانون وحقوق الإنسان والمساءلة وإطلاق حوار شامل لا يستثني أحدًا.
في حين أن المرحلة النهائية وهي نتاج المرحلتين السابقتين تدشن مرحلة انتقال نهائي عبر تطبيق مخرجات الحوار الوطني والمراجعة الدستورية وإجراء الانتخابات المحلية والتشريعية والرئاسية تحت إشراف الأمم المتحدة ودعمها الفني.
الرؤية لا تمثل وجهة نظر أعضائها وسائر مكوناتها فحسب، بل تعكس تطلعات الشعب السوري للمرحلة المقبلة. pic.twitter.com/auW7XpKvVb
— د.رياض حجاب (@MediaPmoffice) September 7, 2016
وستبقى المبادئ الأساسية في الرؤية سارية المفعول باعتبارها جزء لا يتجزء من الدستور الجديد للبلاد والذي يقوم على مبدأ المواطنة والفصل بين السلطات واستقلال القضاء وحرية الإعلام والحياد السياسي للجيش والقوات المسلحة وخضوعها للحكومة الشرعية وإنشاء منظومة اقتصادية تراعي العدالة الاجتماعية.
بشار الأسد غير موجود في المرحلة الانتقالية
وثيقة المعارضة السورية ورؤيتها في عملية الانتقال السياسي، لم تجعل لرئيس النظام بشار الأسد أي دور في المرحلة الانتقالية، وصرح منذر ماخوس المتحدث باسم الهيئة العليا للمفاوضات، أنه لا يمكن القبول ببشار الأسد حتى ليوم واحد.
وحول هذه النقطة أفاد محمد سرميني المدير العام لمركز جسور للدراسات لنون بوست أن مطلب عدم وجود الأسد هو مطلب أساسي وثابت للثورة لا يمكن العدول عنه في أي وثيقة تصدر عن المعارضة، فالأسد طاغية قتل وهجر السوريين طوال الست سنوات الماضية لعمر الثورة.
عملية الانتقال السياسي في سورية قد لا تبدأ إلا بعد الانتخابات الأمريكية
وقال أيضًا إن حلفاء المعارضة السورية من الدول الخليجية وتركيا، لديهم هذ الثابت أيضًا، ففي آخر تصريح لأردوغان على هامش مؤتمر العشرين في الصين قال فيه “لا يمكن القبول ببشار الأسد أن يبقى في منصبه، فعدد القتلى في سوريا تجاوز 600 ألف قتيل، والدفاع عن فكرة بقاء الأسد القاتل في منصبه رغم مقتل هذا العدد، مدعاة للخجل”.
ويرى محمد سرميني أنه لن يجري تغييرًا في إطار العملية السياسية في سورية، حتى منتصف العام 2017 أي حتى استلام الإدارة الأمريكية الجديدة، وذكر لنون بوست أن الوثيقة حملت المبادئ العامة للثورة وفندت نقاط كثيرة كالجيش والأمن والدستور والانتخابات وغيرها وهي أمور بالغة الأهمية.
ولكن إعلانها جاء في موعد غير مناسب، ويعود هذا برأيه إلى أمرين: الأول يتعلق بعدم التوافق الحاصل بين روسيا وأمريكا فيما يخص إعلان الهدنة وشكل الحل لإنهاء الصراع وهذا التوافق يعد أمرًا أساسيًا في تحريك عملية الانتقال السياسي في سورية وبدونه لن يحدث شيء وستبقى روسيا تقدم دعمها للنظام لقلب موازين القوى لصالحها بهدف إجبار المعارضة للذهاب إلى مفاوضات تكون لها اليد العليا فيها.
أما الأمر الآخر فيتعلق بالمجريات العسكرية على الأرض، فمن غير الوارد للنظام أن يذهب إلى مفاوضات وهو مسيطر على الأرض ويوسع من دائرة سيطرته على حساب المعارضة، لذا في هذا الصعيد تحتاج المعارضة وأصدقاؤها، دعم الجيش الحر لتحقيق انتصارات تسهم في تغيير موازين القوى على الأرض لصالح المعارضة، بعدها يُجبر النظام للذهاب للمفاوضات والقبول بعملية انتقال سياسية، وبدون هاتين المقاربتين لا يمكن إيذان قرب عملية الانتقال السياسي.