1924 هو العام الذي الذى استولى فيه آل سعود على أرض الحجاز من الملك “الشريف حسين” ملك الحجاز في ذلك الوقت وهو من وصف نفسه بملك العرب في التاريخ، والذى نادى بالاستقلال العربي والتمرد على الحكم العثماني، بتحالفه مع البريطانيين، ضد الخلافة العثمانية، ليستطيع حكم الحجاز في ذلك الوقت وإعلان نفسه خليفة منذ عام 1916 وحتى عام 1924، حتى ظهور حركة الإخوان.
“الإخوان” وحروب توحيد السعودية
الإخوان هي حركة وهابية أصلها من قبائل بدوية، تعد الجيش الأساسي لقوات الملك عبدالعزيز بن سعود، بدأ ظهورهم في عام 1913، بدأوا كقبائل بدوية، ومن ثم هجروا حياة البدو وتوزعوا على أغلب مناطق شبه الجزيرة العربية، ليتحولوا من غزاة بدويين إلى جنود يصفون أنفسهم بجنود الإسلام.
استمر الإخوان في التقدم في سلب المدن، حتى استولوا على مكة ونهبوها كليًا، واستطاعوا تخليصها من الحكم الهاشمي وجعلها تحت سيطرة حكم آل سعود، ولم يجعل استمرارهم في النهب والسلب من أجل سيطرة آل سعود على كل المدن المملكة إلا أكثر ضعفًا اقتصاديًا وعسكريًا.
صورة للملك علي بن حسين الهاشمي
الفترة ما بين 1924-1925
على الرغم من أن حركة الإخوان كانت من القوى المهمة والمركزية الذي اعتمد عليها الملك عبد العزيز بن سعود في السيطرة على أرض الحجاز في الحرب الحجازية النجدية، والتي استمرت ما بين عام 1924 وعام 1925، والتي باءت بالقضاء على المملكة الحجازية الهاشمية، إلا أنه بدأ هنا تمرد “حركة الإخوان” الوهابية على الملك عبد العزيز، ليستمروا في قتالهم وشن غاراتهم على باديات العراق والكويت تمردًا على أوامر الملك عبد العزيز بوقف تلك الهجمات، وهو ما كان شرارة بدء المعارك بين الملك وحركة الإخوان.
شعار حركة الإخوان الوهابية في السعودية
الطيار المخمور
كان الطيار المخمور حلًا بالنسبة للملك عبد العزيز بن سعود لمحاربة تمرد حركة الإخوان في ذلك الوقت، فكل ما كان يتلقاه كمقابل هو زجاجة من الويسكي و60 جنيهًا إسترلينيًا تعادل بالذهب، كما كان يوصف بالروسي الأبيض، وهو تعبير كان يستخدم حينها لكل لاجئ مناهض للشيوعية في ذلك الوقت.
استطاع الملك عبد العزيز الحصول على طائرات انضمت إلى جيش المملكة حينها، إلا أنه لم يجد طيارين يستطيعون قيادتها في ذلك الوقت بتلك السهولة والقوة التي يتمتع بها أسطول السعودية الجوي الآن، فكان الحل في الطيار المخمور، وهو ما أطلق عليه آل سعود في ذلك الوقت اللاجئ “شريكوف” ، فكانت مهمته أن يقوم برحلات استكشافية أو استطلاعية يستطلع بها أماكن تواجد حركة الإخوان، إلا أنه كان يرفض الطيران على ارتفاع يقل عن 10000 قدم، كما كان مراقبه ضابطًا أعور يرتدي النظارات السوداء أغلب الوقت، وهو ما يجعل التقارير التي يرسلها محلًا للتشكيك والسخرية في صحتها ودقتها عن رحلات “شريكوف” الاستطلاعية.
“كيف كان من الممكن أن يكون تاريخ المملكة السعودية، إن كان تم بالفعل تدمير مكة بأمر من الملك على يد طيّار غير مسلم”
لم يتوقف الأمر عند الرحلات الاستطلاعية فحسب بالنسبة لـ “شريكوف”، بل تطوّرت العملية إلى أمره من قِبل آل سعود بأن يرمي قنابل يدوية على الأماكن التي يتجمع فيها الإخوان، حتى ولو تم إيجادها في مكة، وهو الأمر الذى عاند فيه “شريكوف” بسبب عدم فعالية سلاح القنابل اليدوية، فكان عذره بأن القنابل إما ستفجر الطائرة قبل رميها، وإما ستنفجر في الهواء قبل هبوطها على الأرض.
كان لتدمير مكة على يد طيار غير مسلم حقق دعاية وتسبب في هالة من البروباجندا حول الملك عبدالعزيز، ولكان “شريكوف” يحتسي جرعات مضاعفة من الويسكي مُقدمة من قبل المعجبين به، حيث تحدث بذلك “ويليام بولارد” ضابط إنجليزي في جدة نقلًا عن موقع “سكرول إن” في تقرير عن ذلك الطيار المخمور في تاريخ المملكة السعودية، وتابع بولارد بأن كان من الممكن لهذا الطيار، أن يصل في لحظة من النشوة والسُكر، أن يلقي بالمتفجرات فعلًا على الكعبة، ويقوم بتدميرها كليًا، وهو ما كان متوقعًا تمامًا بحسب تصريحات بولارد، وهي التصريحات التي أعقبها لحسن الحظ مقتل الطيار الروسي في ذلك الوقت قبل أن يرتكب جريمة مثل هذه.
تعد ظروف تفجير الطائرة التي كانت تحمل الطيار الروسي في ذلك الوقت غير واضحة، ففي يناير 1925، تم تدمير طائرة “شريكوف” في نفس اليوم الذي قام “عمر شاكر” الطيار السوري بتولي مهمة الطيران وقذف المتفجرات على مواقع الإخوان.
“عمر شاكر” هو طيّار سوري مناهض للخلافة العثمانية، وهو مفكر بالإضافة إلى عمله بالصحافة، كما كان صديقًا للضابط المراقب لـ “شريكوف”، كان مكلفًا هو الآخر بقذف المتفجرات، إلا أن تصريحات بولادر تشير إلى محاولة عمر التخلص من “شريكوف” بإلقائه قنبلة داخل طائرته لتنفجر وتقتل كل من كان بداخلها.
لم يكن موقف غارات الطيارين الأجانب بالقنابل على مكة غير مبرر في المملكة في ذلك الوقت، فقد لجأت السلطة الحاكمة إلى الحل الديني، باختراع فتوى تقوم بتبرير استخدام طيارين أجانب لقذف المتفجرات على مواقع أعضاء حركة الإخوان، وهو لا يدل على شيء إلا على الموقف شديد البؤس التي كانت المملكة فيه في ذلك الحين.
بحلول شهر ديسمبر من عام 1925، كانت أرض الحجاز ملكًا لآل سعود منذ ذلك الوقت وحتى الآن، لتصبح جزءًا من المملكة العربية السعودية عام 1932.
تعد العلاقة بين السعودية والاتحاد السوفيتي في الفترة ما بين 1920- 1930 من أكثر الفترات المهضوم حقها في الدراسات الأكاديمية، على الرغم من كونها ذات تأثير محوري على الشرق الأوسط والعالم الإسلامي، حيث تحالفت السعودية مع الاتحاد السوفيتي في أغلب المجالات في ذلك الوقت، وهو ما اعتبرته القوى الغربية تحالفًا أدى إلى تغير في سياسات الشرق الأوسط، وهو ما دفع البلدين لخسارة تعزيز العلاقات الدبلوماسية بينهما، وتم استبدالها بالعلاقات الأمريكية السعودية، التي لم تحد فقط من التدخل السوفيتي للعالم العربي، بل ومنعت أيضًا التقارب ما بين مسلمي الاتحاد السوفيتي وارتباطهم بالعالم الإسلامي.