تزايدت حدة التراشق الكلامي بين الرياض وطهران بعدما وصف مفتي السعودية زعماء إيران بأنهم “ليسوا مسلمين”. وذلك بعدما مُنع الإيرانيون لأول مرة منذ ثلاثة عقود من أداء فريضة الحج في مكة لعدم اتفاق البلدين على مجريات تنظيم الحج.
كان مفتي عام المملكة العربية السعودية رئيس هيئة كبار العلماء، الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، قد رد على الهجوم الذي شنه المرشد الإيراني علي خامنئي على بلاده على مستوى الطبقة السياسية والدينية، فاتهم المرشد بـ”العداء للإسلام” والتحدث من منطلق الخلاف مع الطائفة السنية.
وقال آل الشيخ، في تعليق مع صحيفة “مكة” السعودية، إن تهجم خامنئي على السعودية وطعنه في إجراءاتها الخاصة بموسم الحج “أمر غير مستغرب على هؤلاء” على حد تعبيره، مضيفًا بقوله: “يجب أن نفهم أن هؤلاء ليسوا مسلمين، فهم أبناء المجوس، وعداؤهم مع المسلمين أمر قديم وتحديدًا مع أهل السنة والجماعة.”
وأعرب مفتي السعودية عن ثقته بأن من اتهمهم بـ”محاولة التشويش على خدمة السعودية للحج والحجيج وقاصدي الحرمين الشريفين” لن ينالوا مرادهم، معيدًا ذلك إلى قوله أن المسلمين “كلهم ثقة بما تقوم به حكومة هذه البلاد من خدمة للحرمين بناء وتشييدًا وتوسعة” وفق تعبيره.
جدير بالذكر أن خامنئي كان قد هاجم بشدة السعودية الاثنين، متهمًا المملكة بارتكاب تجاوزات خلال الحج، وحملها مسؤولية التدافع الدموي في مشعر منى العام الماضي، كما هاجم رجال الدين في المملكة والمفتين فيها.
مهاترات طائفية بين البلدين بدوافع سياسية
كان رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام الإيراني، علي أكبر هاشمي رفسنجاني، قد دخل على خط التراشق الدائر بين بلاده والمملكة العربية السعودية، إذ قال إن الرياض تعلم بأن المواجهة مع طهران “عديمة الجدوى” متوقعا عودتها إلى “رشدها” على حد تعبيره، بينما نددت هيئة كبار العلماء السعودية بتدخلات إيران قائلة إنها تمارس “مهاترات” تضر بالحج.
ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية عن رفسنجاني قوله إنه ليس من الصعب إقناع السعودية بأن طريقها خاطئ، ورأى بأنها “تدرك أن مواجهة إيران أمر عديم الجدوى.. وهي ستعود إلى رشدها في نهاية المطاف.”
وحول احتمال أن تبادر إيران لمد يد الصداقة إلى السعودية أجاب رفسنجاني: “إذا كان ضروريا، فما هي المشكلة في ذلك؟ فالسيد ظريف (وزير الخارجية) صرح مرارا بأننا مستعدون للتفاوض حيثما كان ذلك ضروريا.” وفق تعبيره.
من جانبها، ردت هيئة كبار العلماء في السعودية ضمنيا على بيان المرشد الإيراني، علي خامنئي، وهجومه على السياسيين ورجال الدين في المملكة ودعوته لتدويل الحج قائلة إن إيران تمارس ما وصفتها بـ”محاولات لاستغلال شعيرة الحج سياسيا؛ بما يخرجها عن سكينتها، ويتعارض مع ما أمر الله من احترامها.”
وتابعت الهيئة في سلسلة تغريدات لها بالقول إن “محاولات التشويش والمهاترات” التي يمارسها النظام الإيراني تجاه شعيرة الحج “لا يقرها الإسلام، بل هي عبث بمشاعر العبادة ومناسك الحج” معربة عن تأييدها لسياسة المملكة لجهة “عدم السماح لأي جهة بتعكير صفو الحج والعبث بأمن الحجيج، ومحاولة شق الصف الإسلامي.
تكفير متبادل
من جانبه رد وزير الخارجية الإيراني، جواد ظريف، على تصريحات مفتي المملكة العربية السعودية، الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، والتي وصف فيها المسؤولين الإيرانيين بأنهم “أبناء المجوس” ردا منه على هجوم للمرشد الإيراني، علي خامنئي، على بلاده. واعتبر الوزير الإيراني أن “دين الإيرانيين مختلف” بالفعل عن معتقدات المسؤولين الدينيين بالمملكة.
وقال ظريف، في تغريدة له عبر حسابه الرسمي بموقع تويتر: “بالفعل. ليس هناك من تشابه بين إسلام الإيرانيين ومعظم المسلمين وبين التطرف المتعصب الذي يبشر به كبير شيوخ الوهابية وقادة الإرهاب السعودي” على حد تعبيره.
هذا وقد تجدد هجوم خامنئي، القائد الأعلى بإيران، اليوم الأربعاء، على المملكة العربية السعودية بعدما اتهمها بمحاولات تأجيج صراع بين السنة والشيعة على حد تعبيره، لافتا إلى أن حادثة منى هي أكبر دليل على ما قال إنه “سوء إدارة الحج،” بحسب تعبيره.
ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية على لسان خامنئي قوله لدى استقبال ذوي ضحايا حادثة منى، إن السعودية “المدعومة من قبل أمريكا وقفت بصلافة بوجه المسلمين وأراقت الدماء في اليمن وسوريا والعراق والبحرين وعلى هذا يمكن القول إن أمريكا وحماة الرياض الآخرين هم شركاء بجرائم السعوديين.”
وأشار خامنئي في كلمته إلى ما وصفه مساع من قبل بعض وسائل الإعلام لـ”الإيحاء بأن جريمة منى هي نموذج للخلاف والصراع بين السنة والشيعة أو العرب وغير العرب،” قائلا: “إن هذه الأكاذيب تروج في الوقت الذي شكل فيه أهل السنة النسبة الأكبر من شهداء منى.”
وتطرق خامنئي للأوضاع في عدد من دول المنطقة، حيث اتهم السعودية وحلفائها في اليمن وسوريا والعراق بأنهم “أراقوا دماء العرب الأبرياء وخلافا لما تروج له وسائل الاعلام الغربية الخبيثة فإن السعوديين لا يدعمون العرب وأن حادثة منى لا علاقة لها بالخلاف المزيف الذي يروج له الإعلام الغربي والعربي.”
جدير بالذكر أن الإيرانيين منعوا لأول مرة منذ ثلاثة عقود من أداء فريضة الحج في مكة لعدم اتفاق البلدين على مجريات تنظيم الحج.
من جهتها اعتبرت دول مجلس التعاون الخليجي انتقادات آية الله علي خامنئي للسعودية “تحريضا مكشوف الأهداف”. وقال الأمين العام للمجلس عبداللطيف الزياني في بيان، إن دول المجلس “تعتبر ما ورد في بيان المرشد الأعلى للجمهورية الايرانية الاسلامية بشأن الحج محاولة يائسة لتسييس هذه الشعيرة الإسلامية العظمى التي تجمع الشعوب الإسلامية في هذه الأيام المباركة على أرض الحرمين الشريفين”. ورأى أن تصريحات خامنئي “اتهامات باطلة ومشينة”.