الاتجاه نحو التقشف: كيف دخل المواطن السعودي لأول مرة في هذه الحالة؟

ltswq_fy_lryd

نشرت وكالة رويترز تحقيقًا يتعلق بحالة التقشف التي دخلها السعوديون قبيل قدوم عيد الأضحى، وهو مناسبة إنفاق سنوية ضخمة في السعودية، ولكنها هذا العام ستمر لأول مرة في حالة تقشف بعدما تضرر الاقتصاد السعودي بعد انخفاض إيرادات السعودية (أكبر مصدر للنفط في العالم) جراء هبوط أسعار الخام أكثر من النصف منذ 2014 لتنزل عن 50 دولارًا للبرميل، عقب ذلك سجلت المملكة عجزًا في الموازنة بلغ مستوى قياسيًا عند 98 مليار دولار العام الماضي.

وفي محاولة لتمويل عجز الموازنة تبنت الحكومة السعودية أواخر 2015 إجراءات شملت خفض الإنفاق الحكومي وخفض الدعم لأسعار الطاقة، وفي الفترة الأخيرة بدأت هذه الإجراءات تنتقل إلى عدد من قطاعات الاقتصاد وأدت لانخفاض الدخل القابل للإنفاق وأحدثت ضغوطًا على مستويات المعيشة للعديد من المواطنين.

يقول تحقيق رويترز: “في العقد الماضي انتهج كثير من السعوديين نمط حياة أكثر حداثة انعكس على عاداتهم الاستهلاكية فكان من الطبيعي أن يملك السعودي أكثر من هاتف محمول وأن يحرص على شراء أحدث الأجهزة والملابس وأن يسافر عدة مرات في العام، إلا أنه بالتركيز على استهلاك الأفراد نجد أن هناك تغير ملحوظ في عاداتهم الاستهلاكية وحجم الشراء الذي تقلص بشكل ملحوظ مقارنة بالعام الماضي.

أحدث هذا التراجع في إنفاق المستهلكين ضغطًا كبيرًا على الاقتصاد الكلي السعودي، وانكمش القطاع غير النفطي في المملكة 0.7% على أساس سنوي في الربع الأول من العام وهو أسوأ أداء في 5 سنوات على الأقل.

تأثر العمالة بالانكماش الاقتصادي

يبلغ معدل البطالة الرسمي بين السعوديين 11.5%، وحتى الآن لم يفقد سوى عدد قليل من المواطنين وظائفهم جراء التباطؤ الاقتصادي الذي شهدته البلاد هذا العام – لاسيما في قطاع المقاولات – إذ إن قوانين العمل السعودية تجعل من الصعب تسريح السعوديين، ولذا كان الوافدون البالغ عددهم نحو 10 ملايين هم الأكثر عرضة لفقد الوظائف.



ومع ذلك تأثر السعوديون العاملون في القطاع الحكومي الذي يوظف نحو ثلثي المواطنين العاملين بعد تبني تدابير تقشفية شملت خفض العلاوات والبدلات التي كانت ينظر إليها على أنها دخل إضافي منتظم.



وعلاوة على ذلك رفعت الحكومة أسعار البنزين والطاقة لتوفير الأموال التي تنفق على الدعم وهو ما دفع معدل التضخم للارتفاع لمثليه تقريبًا مسجلاً نحو 4%.



ونتاج لذلك اضطر المواطن السعودي هو الآخر للتقشف وتخفيض نفقاته، ويبدو التوجه لربط الأحزمة وخفض النفقات جليًا في مراكز التسوق والمطاعم في الرياض وجدة والمنطقة الشرقية المنتجة للنفط. 



فعلى مدى الأشهر القليلة الماضية انتشرت على واجهات المحال بمراكز التسوق لافتات كبيرة مثل “تخفيضات 70%” و”تخفيضات إضافية” و”تصفيات” لكنها بقدر ما نجحت في لفت الأنظار لم تنجح في جذب محافظ المشترين، وبدأت كثير من المطاعم أيضًا في تقديم عروض مخفضة لوجبات الغذاء، بحسب ما أوردت رويترز في تحقيقها.



وانعكس تراجع إنفاق المستهلكين هذا على نتائج الشركات العاملة في قطاع التجزئة إذ سجلت شركة جرير للتسويق التي تبيع الأجهزة الإلكترونية والأدوات المكتبية انخفاضًا بنحو 25% على أساس سنوي في صافي الربح بنهاية النصف الأول من العام نتيجة انخفاض المبيعات بنسبة 15% في نفس الفترة.



وعليه لا يتوقع الكثيرون تحسنًا قويًا لإنفاق المستهلكين، فعلى الرغم من إجراءات التقشف من المتوقع أن تسجل المملكة عجزًا في الميزانية يبلغ عشرات المليارات من الدولارات هذا العام، وقد صرح بهذا مسؤولون سعوديون بأن مزيدًا من إجراءات خفض الدعم مازالت قيد الدراسة.

وعلى جانب آخر بالرغم من تشجيع الرياض للمواطنين على تأسيس شركاتهم الخاصة للحد من اعتماد الاقتصاد على النفط، فإن التباطؤ الاقتصادي زاد الوضع صعوبة لبعض أصحاب الشركات الخاصة.

الراتب ما يكفي الحاجة

ويبدو أن أغلب السعوديين يتقبلون فكرة أن هبوط أسعار النفط يجعل إجراءات التقشف أمرًا حتميًا، ومع ذلك لجأ كثير منهم إلى تويتر لمناقشة فكرة ربط الأحزمة تحت هاشتاج “الراتب ما يكفي الحاجة”.



ومع اقتراب عيد الأضحى وانخفاض إنفاق السعوديين على الملابس والسفر وهو ما ليس معتادًا، أُطلق في السعودية هاشتاغ “#الراتب_ما_يكفي_الحاجة” وسط إجراءات تقشف لم تشهدها البلاد بعد الطفرة النفطية التي حققتها المملكة.

وقد عبر المواطنون عن شكواهم من عدم كفاية الأجور لحاجاتهم المعيشية، وناقشوا مسألة التقشف التي تخوضها المملكة حاليًا على الصعيد الحكومي، والتي انعكست بشكل كبير على المواطن السعودي.