“لم أكن أعلم حتى من أين سأجمع مثل هذه الكمية من القمامة” كان هذا رد الشاب حمدان صاحب شركة “ريسيكلوبيكيا” المختصة في إعادة تدوير النفايات الإلكترونية، حيث تلقت عرضًا من شركة في هونغ كونغ بشراء 10 أطنان من نفايات الأقراص الصلبة (هارد ديسك)، تلك كانت أول صفقة للشركة التي أسسها شاب مصري في مقتبل العمر في العام 2011 وحققت نجاحًا باهرًا.
استطاع خلال السنوات الماضية وعلى الرغم من ظروف عدم الاستقرارالتي مرت بها مصر إلا أنه تغلب على معظم العراقيل التي واجهت الشركة، واليوم يعمل في الشركة 20 شخصًا موزعين على أربعة مخازن ويبيع نفايات إلكترونية بقيمة 2.4 ملايين دولار سنويًا، ولم يكتف الشاب بجمع النفايات وبيعها فقط بل سافر إلى هونغ كونغ ليرى كيف تقوم شركة صينية بتكسير النفايات إلى أجزاء وفصل عناصرها وصهرها وبيعها لشركات أخرى، حيث أدرك من هذه العملية أنه بوسعه تطوير شركته للتخلص من دور الوسيط، فوقع عقدًا مع شركة ألمانية تقوم بتفكيك النفايات، ما قاده إلى تخفيض تكاليف الشحن على الشركة.
نفايات الأجهزة الإلكترونية
إلقاء عشرة آلاف طن من القمامة في مكب نفايات يخلق 6 وظائف فقط، في حين إذا تم تدويرها فإنها تخلق 36 وظيفة.
قد ينفر المرء حال سماعه العمل في النفايات أو القمامة، وقد يجدها البعض عملًا غير مشرف، ولكن هناك أشخاص آخرين استطاعوا تحويل النفايات إلى ذهب، ومن بينهم قصة الشاب المصري حمدان صاحب شركة “ريسيكلوبيكيا”.
مبادرة لجمع القمامة في الفيوم
قامت محافظة الفيوم في مصر بمبادرة لإحياء الاقتصاد الأخضر والحفاظ على البيئة من خلال التخلص من النفايات والقمامة بشكل آمن والاستفادة منها عبر تدويرها وتحقيق مكاسب مادية للمواطنين وللمحافظة بشكل عام.
وبحسب مصادر أكاديمية فإن من شأن تعميم مبادرة الفيوم على 27 محافظة في مصر تشجيع الاستثمار الداخلي، وخطوة نحو تحقيق اقتصاد أخضر غائب عن الدولة، ويقدر العائد على الناتج المحلي الإجمالي لاقتصاد مصر في حال تطبيق المبادرة على الـ 27 محافظة بنحو 100 مليار جنيه سنويًا.
لبنان يغرق بالنفايات
على الرغم من الدراسات العديدة لخبراء وبيئيين التي أبرزت الجدوى الاقتصادية من فرز النفايات المتراكمة وتدويرها إلا أن الدولة لم تنفذ أيًا من تلك التوصيات، في الوقت الذي صرفت الحكومة ملايين الدولارات على مطامر النفايات التي تقوم بطمرها تحت الأرض، حيث أفادت دراسات أن كلفة التخلص من النفايات في لبنان تصل إلى 200 مليون دولار سنويًا.
القمامة في لبنان
وبدل أن ينتقل لبنان من حالة الخسارة ودفع الأموال الطائلة بدون جدوى على المطامر، بإمكانه أن ينتقل إلى حالة الربح أو على الأقل التعادل إذا تم تدوير النفايات بالشكل الصحيح، حيث بينت دراسات أن 90% من النفايات الصلبة في لبنان هي نفايات منزلية تحتوي على 55% منها على مواد عضوية و15% ورق وكرتون، و12% بلاستيك، و5% زجاج، و3% معادن مختلفة، وهي كلها نفايات قابلة للتدوير وإعادة التصنيع من جديد أو يمكن تخميرها لتتحول إلى مواد محسنة للتربة، فبدل أن يشتري لبنان موادًا معادًا تصنيعها مستوردة من الخارج يمكنه الاعتماد على النفايات المحلية وتحويلها من عبء إلى مورد هام.
إن إعادة تدوير طن من الورق ينقذ 17 شجرة ويوفر 65% من الطاقة و57% من الماء و30 كيلوغرام من ملوثات الهواء.
وعلى الرغم من أهمية مشروع إعادة تدوير النفايات وعوائده الاقتصادية المجزية والبيئية والذي من شأنه أن يخلق آلاف من فرص العمل ويدعم الميزانية من جهة أخرى، خصوصًا في الدول التي لا تعتمد على تنويع إيرادات الميزانية لديها، إلا أنه غائب عن مظم الدول العربية. ففي الوقت الذي تهاوت فيه أسعار النفط، صار حريًا بالدول الخليجية خصوصًا التفكير ببدائل للدخل عبر تعزيز قطاعات اقتصادية غير تقليدية وتطبيق أفكار رائدة وخلاقة من شأنها أن تحفز وتدعم الاقتصاد الوطني. ولعل إقامة هكذا مشاريع من شأنها أن تعود على الاقتصاد والمواطن بالفائدة.
تحف وتصاميم من القمامة
الشاب أحمد جولاق من تركيا مدرسًا للفنون البصرية في تركيا يقوم بنحت تماثيل معدنية لتشكيل صورة فنية مستخدمًا النفايات المختلفة في ذلك لتتحول مواسير المياه المستخدمة والنفايات إلى تحف فنية وديكورات أو أدوات إضاءة متميزة، ليتمكن من تحويلها من شيء بلا قيمة إلى شيء بقيمة ويدفع عليه ثمن.