(وَكم ذا بمِصْرَ مِنَ المُضْحِكاتِ .. وَلَكِنّهُ ضَحِكٌ كالبُكَا)..لم تكن هذه الكلمات التي قالها المتنبي في قصيدته الخالدة ” ألا كل ماشية الخيزلى” من فراغ، بل هي إنعكاس لما وصل إليه حال المصريين، منذ العصر العباسي محل زمان القصيدة إلى الألفية الثالثة التي نحن بصددها الأن.
مصر الحضارة التي علمت العالم أبجديات الزراعة والصناعة والنهضة ، مصر التي كانت بالأمس قبلة للباحثين عن لقمة العيش من كل حدب وصوب، مصر التي كانت صومعة العالم القديمة، ومصدر غلاله الأول، مصر التي كان أهلها يتنعمون في سبل الحضارة والنمو، في الوقت التي كانت شوارع باريس ولندن لازالت تئن من الظلام، وشعبها غارق في الوحل والطين.
وبعد مرور الأف السنين على هذه الحضارة الشاملة، هاهم المصريون يأكلون لحوم الحمير، في ظل ارتفاع وحشي لأسعار السلع والخدمات، إلى الحد الذي بات فيه توفير المواطن لقوت أسرته يوما واحدا حلما يداعب الملايين من القابعين تحت خط الفقر.
جنون ارتفاع أسعار اللحوم
طيلة السنوات القليلة الماضية، ومنظومة الأسعار في مصر تعاني من إرتفاع جنوني مابين الحين والأخر، كما تقفز بخطوات غير مسبوقة لاسيما في المناسبات والمواسم الإجتماعية والدينية، كالأعياد وشهر رمضان، حيث يدخل المواطن في دوامة فكرية جرّاء عجزه عن تدبير تكاليف حياته.
ومع إقتراب عيد الأضحى المبارك، سجلت أسعار السلع الغذائية عامة واللحوم بصفة خاصة أرقاما قياسية، أقتربت قيمة الزيادة فيها من حاجز الـ50% من سعرها المتداول، حيث تراوح سعر كيلو اللحم مابين 90-130 جنيهًا حسب نوعيته ومكان بيعه، بينما وصل سعر كيلو الدجاج إلى 24 جنيهًا بعد تراجع خلال الفترة الأخيرة إلى 17.5 جنيهًا.
وبالرغم من استقبال المحاجر البيطرية المصرية لـ 51922 رأس جمال حية من السودان وإثيوبيا، إضافة إلى 16156 رأسًا من العجول الحية من السودان وأوكرانيا والمجر وإسبانيا وكرواتيا والصومال، و823 بقرة عشار من المجر، و5119 رأسًا من عجول التسمين من المجر وأوكرانيا، إلا أن الأسعار في الأسواق لازالت تعاني من الإرتفاع غير المبرر.
تراوح سعر كيلو اللحم مابين 90-130 جنيهًا، بينما وصل سعر كيلو الدجاج إلى 24 جنيهًا.
وأمام هذا الإرتفاع الجنوني للأسعار، سواء في اللحوم أو السلع الغذائية الأخرى، وجد المواطن نفسه في حيرة من أمره، فكيف له أن يدبر تكاليف بيته وأسرته وهو على مشارف عيد الأضحى، ما أغرى التجار إلى استغلال حاجة المواطن وفقره، من خلال تقديم لحوم بأسعار رخيصة أيا كان مصدرها، ومن ثم بات الحديث عن لحوم الحمير والخنازير والكلاب، والدجاج النافق، وغيره من السلع الفاسدة التي ماكانت لتخرج للنور إلا حين صدرها الإعلام للرأي العام، لتتكشف الفضيحة الكبرى التي ستظل سبّة في جبين الحكومة التي عجزت عن توفير الحدود الدنيا للحياة الكريمة لمواطنيها، ما دفعهم لأكل لحوم الحمير، وربما ماخفي حمل المزيد من الكوارث.
بسبب ارتفاع أسعارها..المصريون محرومون من اللحوم هذا العيد
الحمار في مصر القديمة
العديد من المواقع المعلوماتية أشارت إلى مكانة الحمار في الحضارة المصرية القديمة، وأنه كان رمزا لبعض الألهة لما يحمله من قيمة ودور محوري في حياة المصريين القدماء، وهو مافندته فاطمة الزهراء الجبالي، الباحثة والمعيدة بقسم الأثار المصرية بكلية الأثار جامعة الفيوم.
الجبالي في حديثها لـ”نون بوست” أشارت إلى أن “الحمار” لم يأت ذكره في تاريخ مصر القديم، إلا في أعمال الحصاد وتعداد الماشية، أما بخصوص الربط بين الإلة ست ( إله الشر عند القدماء المصريين) وبين الحمار، أشارت إلى أن صورة الإلة “ست” كانت عبارة عن “فرس النهر” وليس “الحمار” كما يردد البعض.
باحثة الأثار المصرية أشارت إلى أن الحمار على مدار التاريخ ومنذ 6000 سنة، كان يستخدم في أعمال الأجداد القدماء، أهمها، الزرع، وإخراج المياه، وغيرها كمرافقة الخيول أو حتى رعي للأغنام، وقليل منها يستعمل للحلب والأكل، كما هو الحال في جزر هيدرا اليونانية، ولأن المركبات ممنوعة هناك، كان يعتبر الحمار وسيلة النقل الوحيدة في هذه البلدان.
كما نوّهت الجبالي إلى أن هناك مايقرب من 44مليون حمار في دول العالم المختلفة في الوقت الراهن، تتصدرها الصين بـ 11مليون حمار، تليها باكستان ثم أثيوبيا والمكسيك.
الحمار أثناء حمله للحصاد عند المصريين القدماء
الكيلو بـ 45 جنيهًا
خلال الشهرين الماضيين تصدرت أخبار القبض على المتورطين في سرقة الحمير وذبحها وسلخها وبيعها داخل المجازر شاشات الفضائيات، وصفحات المواقع والمجلات، بصورة ملفتة للنظر، ألقت بظلالها على الساحة الإعلامية داخليًا وخارجيًا.
فمنذ أيام قليلة مضت، عثرت أجهزة الأمن في الجيزة، على أكثر من 100 حمار مذبوح ولحومه مشفاة بمنطقة العياط ، كما ضبطت قوات أمن القليوبية، شخصين بحوزتهما 7 حمير قبل ذبحها وتوزيع لحومها على محلات المأكولات بشبين القناطر، وبعدها بقليل ألقت مباحث القاهرة القبض على ثلاثة أشخاص، إثر قيامهم باستئجار مدبغة بمصر القديمة، واستخدامها في ذبح “الحمير” وسلخها وبيع جلودها، كما تمكن أهالي قرية الثلاثمائة التابعة لمركز يوسف الصديق بالفيوم، جنوب القاهرة، من القبض على اثنين من الخارجين عن القانون متلبسين بسرقة الحمير وذبحها، وقاموا بتسليمهما إلى قسم الشرطة.
وفي السياق نفسه تمكنت مباحث مركز قويسنا بمحافظة المنوفية، شمال القاهرة، من ضبط عاطل وذلك حال قيامه بذبح 6 حمير بالاشتراك مع عاطلين فرا هاربين، كما قررت نيابة منيا القمح بمحافظة الشرقية، شرق القاهرة، حبس تاجر حمير وصياد أربعة أيام على ذمة التحقيقات لقيامهما بذبح حمارين، فضلا عن ضبط عاطلين مقيمان بمنطقة السلخانة ثان بمدينة طنطا ( غرب القاهرة) أثناء قيامهما بسلخ 23 حمارا على شاطئ مصرف قرية إخناواى دائرة المركز وسرقة جلودها لبيعها.
كما تداول رواد مواقع التواصل الإجتماعي مقطع فيديو لجزار متخصص في ذبح الحمير على مرأى ومسمع من المواطنين بمحافظة الفيوم، ، كما حدد سعر الكيلو 45 جنيها للبيع، وهو ما أثار استفزاز المواطنين بشكل كبير، ما دفعهم لمطالبة الأجهزة الرقابية والحكومية بالتحرك الفوري لوقف ما أسموه بـ”الفضيحة”
كما أثارت صورة تداولها نشطاء “فيس بوك” لشاحنة كبيرة محملة بالحمير تسير على الطريق الدائري بالقاهرة، ردود فعل واسعة، لاسيما بعد تأكيد المواطنين على نقلها تمهيدا لذبحها مع اقتراب عيد الأضحى المبارك، وحسب التقارير تعد محافظات، الفيوم والشرقية والجيزة و إلمنيا، هي أكثر المحافظات ذبحاً للحوم الحمير وبيعها للمواطنين، إذ تم العثور خلال الشهر الماضي، على ما يزيد عن 4600 حمار مجهز للبيع والتوزيع، وتم تسريب ما يزيد عن 6500 كيلو من لحوم الحمير إلى المستهلك.
4.3 مليون مصري يأكلون لحم الحمير
في مفاجأة من العيار الثقيل، فجرها مدير مركز بصيرة، ماجد عثمان حين قال إن أكثر من 4.3 مليون مصري، اعترفوا بأنهم أكلوا “لحم حمير”، وفقًا للاستطلاع الذي أجراه المركز، إذ طرح سؤالاً على 55 مليون مواطن، وكانت نسبة المقرين بتناولهم هذه اللحوم 8%.
مدير مركز بصيرة المعروف بدعمه وتأييده للنظام الحالي أضاف إلى أن عادات الأكل عند المصريين لم تتغير كثيرا عن السابق، إلا فيما يتعلق بتناول لحم الحمير بهذه الصورة غير المعهودة، مشيرا إلى أن نتائج الإستطلاع أشارت إلى تصدر “المحشي” الطعام رقم واحد عند المصريين بنسبة 19%، يليه السمك بنسبة 12%، ثم الملوخية بنسبة 6.%، مطالبًا الحكومة بضرورة الاهتمام بصحة المواطنين، ومتابعة مصادر الغذاء، مشيراً إلى أنه يجب تشديد الرقابة بشكل أكثر فاعلية.
اكتشاف مزرعة لذبح الحمير بمدينة الفيوم (شمال صعيد مصر)
اختفاء 12 ألف حمار في ثلاثة أشهر
من المضحكات المبكيات أن مصدر بوزارة الزراعة المصرية أشار إلى إختفاء 12 ألف حمار من المسجلين بوزارة الزراعة، خلال الأشهر الثلاثة الماضية، دون معرفة الجهة التي ذهبوا إليها، وهو مادفع هيئة الرقابة الإدارية إلى التحقيق في هذه الواقعة التي تحمل دلالات ومؤشرات خطيرة.
المصدر بوزارة الزراعة، والذي فضل عدم ذكر إسمه في تصريحاته لإحدى الصحف المصرية، قال إن الجهتين المنوط بهما استلام الحمير لذبحها، وهي حديقة الحيوان، والسيرك القومي، لإطعام الحيوانات المفترسة بكل منهما، أكدتا عدم توريد أي عدد من الحمير المختفية إليها، مشددا على أن هذا يعني تسرب لحوم هذه الحمير إلى الجزارين، وبيعها باعتبارها لحوما بقرية.
إختفاء 12 ألف حمار من المسجلين بوزارة الزراعة، خلال الأشهر الثلاثة الماضية
وبحسب الصحيفة المصرية، فقط كشفت المعلومات عن أنه يتم التحقيق حاليا، مع عدد 58 جزارا متهمين ببيع لحوم الحمير، بعضهم مقيم بقرى كرداسة بالجيزة، وقرى القليوبية والقاهرة، كما يتم التحقيق مع عدد من أصحاب المحال الكبرى بالقاهرة، بعد أن باعت تلك المحال هذه اللحوم باعتبارها لحوما بقري، وطبقا لمستندات رسمية صادرة من وزارة الزراعة يتم التحقيق فيها حاليا، ومتورط فيها وزير الزراعة السابق، صلاح هلال، تتعلق بموافقته على تصدير 7300 قطعة جلد حمار، للصين خلال 3 أشهر، تلاها تصدير 4600 قطعة أخرى في أقل من شهر، وهو ما يعتقد معه بيع لحومها للمواطنين.
كما يتم التحقيق حاليا في واقعة اسيتراد إحدى الشركات الخاصة لحوما من دولة باراجواى، وإدخالها لمصر وبيعها للمواطنين بمستندات رسمية، وهو الأمر الذي دفع القنصلية المصرية، في باراجواي، لتوجيه خطاب رسمي لوزارة الزراعة، تطالبها فيه باتخاذ موقف من استيراد اللحوم من باراجواي، إذ إن شركة “مرفي” وهي من كبرى الشركات العاملة في اللحوم في باراجواي، تسخر مجازرها لذبح الحمير وتصديرها إلى مصر عبر الشركات المصرية المستوردة.
حديقة حيوان الجيزة تنفي تسلمها أي “حمير” خلال الفترة الماضية
حلال أم حرام؟
حالة من الجدل أنتابت الشارع المصري عقب الإعلان عن قيام بعض المجازر بذبح لحوم الحمير وبيعها للمطاعم الشهيرة والمحلات المعروفة، فضلا عما تم الكشف عنه مؤخرا بشأن تناول الملايين من المصريين للحوم الحمير منذ سنوات، وهو مادفع البعض للبحث عن الحكم الشرعي حول أكل لحوم الحمير، فما بين الحلال والحرام يقف المواطن المصري حائرًا..هل يأكلها أم لا؟
المؤيدون لجواز أكل لحم الحمير استدلوا بما جاء على لسان العلامة الراحل فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي، والذي يحتل مكانة كبيرة في قلوب المصريين، حيث تداول البعض مقطع فيديو للشيخ يؤكد فيه أن الله لم يُحرم أكل لحم الحمير، حيث أوضح في أحد أحاديثه التي تحدث خلالها عن الحكمة في تحريم أكل لحم الحمير، وتوضيح حديث أسماء بنت أبي بكر: “نحرنا فرساً فأكلناه على عهد رسول الله”.
الشعراوي أوضح أن الرسول كان يحرم أكل لحم الخيل والبغال لأنها كانت تفنى، خاصة وأنها كانت أدوات قتال وحمل، متابعاً: “فإذا كانت العلة انتهت .. ولسه الناس بتاكلها حتى الآن”.
واستكمل الشيخ الشعراوي متسائلاً : “الحصان شكله أجمل أم الجاموسة؟”، متابعاً: “الحصان أجمل، ولكن الله حلل لحم الجاموس وجعل طعمها أفضل”، مضيفاً أن لحم الحمار يأكله بعض الأفارقة ولا يصابوا بسوء، وأن العلة الوحيدة في تحريم اطعامه ألا تفنى الحمير لكنها ليست محرمة.
وفي السياق نفسه، قال الشيخ عبد الحميد الأطرش، نائب رئيس قسم الفتوى بالأزهر الشريف سابقا، أن لحوم الحمير ليست حراماً وأن أكله حلال، مستندًا إلى رأي الإمام مالك بتحليل أكل لحوم الحمير، موضحاً أنه اعتمد في فتواه على النص القرأني الذي يبيح أكل جميع الحيوانات إلا لحوم الحيوانات الميتة ولحوم الخنزير أو الدم المسفوح.
وأضاف الأطرش أن الكثير من المذاهب حرمت أكل لحوم الحمير، ولكن القرأن والسنة ليس به أي نص يحرم أكل تلك اللحوم، ومؤكدا أن واقعة استغلال البعض وغش الناس باستخدام لحوم الحمير بدلاً من الأبقار للتوفير يعد غش ويعاقب عليه.
وفي المقابل جددت دار الإفتاء المصرية، فتواها بحرمة ذبح الحمير للاستخدام الآدمى، حيث أعادت الدار نشر فتواها التى أطلقتها فى شهر يونيو من العام الماضى، وذلك على صفحتها بموقع التواصل الاجتماعى فيس بوك، مشيرة إلى أن الأصل فى الحمر الأهلية أنه لا يجوز أكلها ولا ذبحها، وهو ما يؤيد قرار وزارة الصحة رقم (517) لسنة 1986م بشأن ذبح الحيوانات وتجارة اللحوم، فى مادته الثالثة.
وأوضحت الفتوى، أن ذلك هو الذى اعتمدته دار الإفتاء المصرية عبر عقود مختلفة؛ بدءًا مِن الدكتور محمد سيد طنطاوى مفتي مصر الأسبق [فتوى رقم 180، وفتوى رقم 389 لسنة 1992م]، مرورا بالدكتور أحمد الطيب [فتوى رقم 202 لسنة 2002م]، وانتهاءً بالدكتور شوقى علَّام فى الرد على خطاب الهيئة العامة للخدمات البيطرية الصادر بتاريخ 16/ 1/ 2014م؛ حيث أفتَوْا جميعًا بحرمة ذبح الحمير للاستخدام الآدمى.
جددت دار الإفتاء المصرية، فتواها بحرمة ذبح الحمير للاستخدام الآدمى للمرة الثانية على التوالي
كما أتفق الداعية السلفي الشيخ مصطفى العدوي، مع ما طرحته دار الإفتاء، حيث أوضح انه لا يجوز أن أكل لحم الحمير نهائياً، قائلاً: “أما عن الحمير فالحمير لا يجوز أن تأكل بت الا الحمار الوحشي والحمير العادية حرام أكلها”، مشيراً إلى قول الرسول :”حرم لحم الحُمر آنية عام خيبر إلى الأبد.
العدوي نوّه أيضا إلى أن لحم الحصان جائز،مشيرًا أن القرآن لم يرد به ما يحرم أكل لحم الحصان ، لافتاً إلى أنه ورد به ما يفيد اباحة أكله، مستندا إلى حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها، حين قالت: “نحرنا فرساً في عهد النبي فأكلناه”، وهو في صحيح البخاري
وأضاف العدوي، أن من حرم أكل لحم الحصان؛ أستند إلى قول الله التعالى: }والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة، ويخلق مالا تعلمون{ (النحل: 8)، موضحاً أن الله سبحانه وتعالى قال أنها خلقت للركوب وللتزين بها عند الركوب، مؤكداً أن هذا النص ليس فيه مانع من أكلها، وأن السُنة النبوية مبينة للحلال والحرام.
لحوم الحمير غير ضارة
من المسائل التي فرضت نفسها مؤخرا على ساحة الإعلام الساخر لاسيما مواقع التواصل الإجتماعي التصريحات الشاذة الصادرة عن المسئولين بالإدارات الصحية والبيطرية المسئولة عن السلامة الغذائية في مصر، والتي جاءت في معظمها داعمة لفكرة تناول المصريين لحوم الحمير، وأنها غير ضارة ولا يوجد أي قلق من أكلها.
البداية كانت مع رئيس هيئة سلامة الغذاء التابعة لوزارة الصحة المصرية، حسين منصور، والذي قال إن لحم الحمير لايختلف عن نوعية اللحوم الاخرى، إذا اتبعت الإجراءات السليمة أثناء الذبح، مشيرًا إلى صعوبة التفريق بين لحوم الحمير والقطط والكلاب واللحوم العادية إذا تم “فرمها”.
الصحة المصرية: لحم الحمير لايختلف عن نوعية اللحوم الاخرى، إذا اتبعت الإجراءات السليمة أثناء الذبح
المفاجأة التي فجرّها رئيس هيئة سلامة الغذاء التابعة لوزارة الصحة المصرية أن تداول لحم الحمير والكلاب في الأسواق المصرية ليس جديدًا، بل منذ سنوات طويلة مضت، لكن الجديد هو اكتشاف الأمر وتداوله عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مضيفًا أن مشكلة لحم الحمير فقط أنه مخالف للشريعة ومقزز وممنوع ذبحه قانونًا، وختم حديثه ساخرًا: “متخافوش ولا هتنهقوا ولا هيحصلكم أي حاجة”، أما الدكتور مصطفى عبدالعزيز، النقيب الأسبق للبيطرين المصريين، فأكد أن لحوم الحمير لا تسبب خطورة على صحة الإنسان، وأن “طعمها أفضل من لحوم الأبقار؛ لارتفاع نسبة المواد السكرية بها” على حد قوله.
هل باتت لحوم الحمير هي الحل لسد الفجوة الغذائية في مصر؟
ومن أغرب التصريحات التي أصابت المصريين بالصدمة الأونة الأخيرة، تلك الصادرة عن الرئيس السابق لإدارة التفتيش على المجازر، لطفي شاور، والذي كشف خلالها عن تناول المصريين للحوم الحمير منذ فترات طويلة، كما أنها – أي لحوم الحمير – ساهمت في سد الفجوة الغذائية بمصر خلال السنوات الأخيرة، مشيرًا إلى أن المواطنين خدعوا كثيرًا، وتناولوا لحومًا مجهولة المصدر؛ بسبب رخص ثمنها، واصفا لحم الحمير بـ “الطرية والمستساغة”؛ لاحتوائها على نسبة كبيرة من الجليكولين، وهو ما يعطيها طعمًا “مسكرًا”، إضافة إلى أن أليافها ناعمة.
لحوم الحمير ساهمت في سد الفجوة الغذائية بمصر خلال السنوات الأخيرة
مماسبق وبعيدًا عن فكرة الحلال والحرام، والقيمة الغذائية من ضررها، إلا أن السؤال الذي يفرض نفسه بقوة الأن : ما الذي أوصل المصريين إلى هذه الحالة؟ وهل باتت لحوم الحمير رخيصة الثمن هي الملجأ للمواطن قليل الحيلة لسد رمق أولاده وأسرته بعدما وصلت أسعار اللحوم العادية إلى أرقام فلكية لا قبل للمواطن بها؟ كيف بدولة تملك كل هذه المقومات والموارد الإقتصادية تصل بمواطنيها إلى هذه الحالة المتدنية..ولكن السؤال الأكثر خطورة: إلى متى يتحمل المواطن في مصر هذه الحالة؟ وهل فعلا بتنا على أعتاب ثورة جياع قادمة؟