سنتان مرتا على اختفاء الصحفيين التونسيين، سفيان الشورابي ونذير القطاري في الأراضي الليبية، بعد أن قصدها الاثنان في الثامن من سبتمبر سنة2014، لإجراء تحقيق صحافي لجهات لم يكشف عنها.
سنتان ولم يعرف بعد مصير الصحفيين، إن كانا على قيد الحياة أم لا، الأمر الذي دفع بوالدة القطاري للتوجه نحو التراب الليبية وتحمّل الرحلة المضنية للبحث عن المختفيَين، بعد أن تأكدت من صمت الحكومة التونسية وتجاهلها قضية ابنها وزميله.
والدة القطاري تتحول على ليبيا
يوم22 أغسطس الماضي، تحولت سنية القطاري والدة المصور الصحفي نذير القطاري إلى ليبيا، حيث بدأت رحلة البحث عن ابنها وزميله سفيان الشورابي.
والدة القطاري، ركزت خلال رحلة التقصي عن مصير ابنها نذير القطاري وزميله سفيان الشورابي في البحث في السجون الموجودة شرق ليبيا، بعد أن وصلتها معلومات من تونسيين كانوا محتجزين في السجون الليبية، أكّدوا رؤيتهم للصحفيين في أحد هذه السجون.
و أكّدت القطاري، في كلمة لها بمقر النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، أمس الخميس، بمناسبة اليوم الوطني لحماية الصحفيين، انطلاقها في اتخاذ الإجراءات القانونية عبر الاتصال بوزارة الخارجية الليبية وتقديمها طلب تفتيش والوزارة. وبيّنت أنها ستقوم بالاتصال بجميع الجهات على غرار وزارتي العدل والداخلية والسجون الليبية، و أن الرد سيصلها بعد أسبوع.
وقالت إنّه كان من المنتظر أن تلتقي باللواء خليفة حفتر لكنها واجهت تعطيلات في تونس حالت دون ذلك فتم تأجيل اللقاء.
يتهم عديد التونسيين، الدولة التونسية، بإهمال ملف الصحافيين وعدم إيلائه ما يستحق من عناية
وانتقدت القطاري ما وصفته بصمت الدولة التونسية وتجاهل ملف الصحفيين المختفيين. وقالت في هذا الشأن إن ”أطرافا في وزارة الخارجية الليبية أكّدت أنّ ليبيا لم تتسلم أي وثيقة أو طلب سواء شفاهي أو كتابي من تونس يتعلق بملف نذير القطاري وسفيان الشورابي ”.
ويتهم عديد التونسيين، الدولة التونسية، بإهمال ملف الصحفيين وعدم إيلائه ما يستحق من عناية، خاصة أنّ الرئيس التونسي، الباجي قايد السبسي، تعهّد عند بداية ولايته بالاهتمام بالموضوع والتواصل مع كل الأطراف الليبية من أجل التوصل إلى حلّ لهذا الملف.
ولم تظهر مجهودات منظمات المجتمع المدني، و الأطراف الرسمية التونسية نتائجها بعد. وفي السياق نفسه، أرسل “مركز تونس لحرية الصحافة” لجنة لمتابعة الموضوع، وقرر تدويل القضية من خلال شكوى إلى مقرري الأمم المتحدة الخاصين بحقوق التعبير وبقضايا الاختفاء القسري وحقوق الإنسان. وكلف المركز عضويه، الرئيسة السابقة للكونفدرالية الدولية لحقوق الإنسان سهير بلحسن، والحقوقي جلال الماطري بمتابعة الملف في الأمم المتحدة، وممارسة كل أنواع الضغط الممكنة من أجل الوصول إلى الحقيقة.
انتقاد “لا مبالاة” السلطات التونسية والليبية بمصير الصحفيين
انتقدت منظمات غير حكومية تونسية ودولية أمس الخميس “لا مبالاة” السلطات التونسية والليبية بمصير الصحفيين التونسيين سفيان الشورابي ونذير القطاري المفقودين في ليبيا منذ 8 سبتمبر 2014.
دعت المنظمات، الحكومة التونسية الى تفعيل “لجنة وطنية مشتركة” شكلتها الحكومة في 8 سبتمبر 2015 لمعرفة مصير الصحفيين
وقالت المنظمات وبينها هيومن رايتس ووتش ومراسلون بلا حدود ونقابة الصحافيين التونسيين في بيان مشترك في ذكرى مرور عامين كاملين على اختفاء الصحافيين “في إطار هذه المناسبة المحزنة، تلاحظ (المنظمات) لامبالاة السلطات التونسية و نظيرتها الليبية في التعامل مع ملف الشورابي/القطاري”.
ودعت المنظمات، الحكومة التونسية الى تفعيل “لجنة وطنية مشتركة” شكلتها الحكومة في 8 سبتمبر 2015 لمعرفة مصير الصحفيين.
من جهته، دعا نقيب الصحفيين التونسيين ناجي البغوري، كل السلطات الوطنية والدولية لمزيد التحرك في التراب الليبي نظرا لتقلص حدة التوتر في المنطقة خلال هذه الفترة، مؤكدا أن كل المنظمات في تونس ستلجأ للقضاء الدولي و رفع قضية ضد كل الأطراف التي قد تكون متورطة في اختطاف الصحفيين
الثالث من سبتمبر، بداية القصة
واعتقل الصحفيين التونسيين سفيان الشورابي و نذير القطاري اللذان يعملان لدى تلفزيون “فيرست تي في” التونسي الخاص، للمرة الاولى في الثالث من سبتمبر 2014 في شرق ليبيا وافرج عنهما بعد ايام ثم اعتقلتهما، مجددا، مجموعة مسلحة قيل أنها تابعة للواء المتقاعد خليفة حفتر، وفقدا في منطقة بشرق ليبيا في الثامن من الشهر نفسه.
وفي الثامن من يناير 2015، أصدر المركز الإعلامي لتنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش) في منطقة برقة الليبية، أخباراً وصوراً أعلن فيها إعدامه للصحفيين التونسيين سفيان الشورابي ونذير القطاري، الامر الذي رفضت السلطات التونسية تأكيده في ظل غياب أدلة مادية.
وبعد مرور شهرين على هذا البيان، أعلنت وكيلة شؤون حقوق الإنسان بوزارة العدل بحكومة طبرق الليبية، سحر بانون في 29 أبريل2015، عن مقتل سفيان ونذير على يد مجموعة مسلحة تتكون من ليبيين ومصريين، وقالت إنّه تمّ القبض على المجموعة، واعترف أفرادها بقتل الصحفيين التونسيين من دون تحديد مكان دفنهم.
أعلن الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي, الثامن من سبتمبر من كل سنة “اليوم الوطني لحماية الصحافيين
بعدها مباشرة، أعلنت حكومة الشرق الليبي أن خمسة موقوفين (ليبيان وثلاثة مصريين) اعترفوا خلال التحقيق معهم بمسؤوليتهم عن قتل سبعة صحافيين هم طاقم قناة “برقة” الليبية المكون من أربعة ليبيين ومصور مصري، والتونسيان الشورابي والقطاري.
وفي مايو2015، أرسلت تونس قاضي تحقيق الى مدينة البيضاء الليبية (شرق) حيث استمع الى اقوال اثنين من المصريين الموقوفين “كشاهدين” ثم أصدر بطاقة جلب دولية ضدهما خلال الشهر نفسه، وفق النيابة العامة بمحكمة تونس الابتدائية.
وبطلب من منظمات أهلية، أعلن الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي, الثامن من سبتمبر من كل سنة “اليوم الوطني لحماية الصحافيين”.