ترجمة وتحرير نون بوست
كل يوم جمعة، يتم إغلاق المساجد التي لا تحمل ترخيصًا وذلك يعتبر بمثابة إجراء جديد تعتمده السلطات الأردنية لمنع المتطرفين دينيًا من اعتلاء منابر هذه المساجد وإلقاء الخطب الدينية المحرضة على العنف والتعصب.
كل أسبوع وقبل يوم من صلاة الجمعة، تأمر السلطات الأردنية بإغلاق المساجد غير المرخصة بصفة وقتية وذلك لأجل غير مسمى، وقد قامت السلطات المعنية بإغلاق ثلث المساجد العشوائية في البلاد والتي تقدر بـ 6000 مسجد غير مرخص له، ومن الإجراءات الأخرى التي يتم تطبيقها قبيل كل صلاة جمعة، تقييد الأئمة بخطبة يتم إرسالها لهم عن طريق هواتفهم الخاصة ولا يتم التعامل إلا مع الأئمة المعينين من قبل الدولة والمتوافق على تأديتهم لخطبة وصلاة الجمعة.
وقال وزير الشؤون الدينية بالمملكة الأردنية وائل عربيات، إن “خطبة الجمعة تعتبر وسيلة خطرة قد تحمل في طياتها رسائل تطرف”.
للحكومة عدة أسباب تبرر هذا الخوف خاصة وأن مساندة المنتمين لتنظيم الدولة أمر شائع في عدة مناطق من عمان خاصة الغربية منها، في السوق يتبادل المتسوقون آخر مستجدات تنظيم الدولة، وكل هذا يحدث بينما يقضون حوائجهم.
وقام إمام خطيب، من مسجد عثمان بن عفان، باتهام الحكام بعرقلتهم أداء فريضة الجهاد والدفاع عن المذهب السني ضد إسرائيل ونظام بشار الأسد، وفي نفس السياق قال أحد المؤيدين لتنظيم القاعدة في أحد المقاهي الفاخرة في عمان إن “الجهاد يجب أن ينطلق من هنا، من الأردن”، مضيفًا أن “نصف مليون أردني مقتنعون بقضيتنا، وأربعة آلاف أردني التحقوا بالجبهة في سوريا للجهاد”.
وتقول مجموعة صوفان، وهي شركة استشارات مقرها نيويورك، إنه “قد انضم المزيد من الأردنيين إلى صفوف مقاتلي تنظيم الدولة أكثر من أي دولة عربية أخرى، باستثناء تونس التي تعتبر الأولى في عدد المجندين”.
خسارتهم لأراضيهم في فلسطين وسوريا والعراق تجعل اللاجئين في الأردن جاهزين للانضمام لتنظيم القاعدة والانقلاب ضد الحكومة في أي لحظة، لكن إذا تم إغلاق الطرق المؤدية إلى الجهاد فإن المتعاطفين مع الجهاديين قد يوجهون جهودهم نحو تأسيس خلايا خاصة بهم قد تجعل الأردن ساحة معركة.
في يونيو/ حزيران ترجل لاجئ من سيارته متجهًا نحو مقر وكالة الاستخبارات واقترب من غرفة الحراسة الأمنية وأطلق النار على الضباط، قال شاهد عيان من ساكني المنطقة والذي حاول تحذير جيرانه من هذا الخطر الداهم إن “معظمهم هللوا”، وقال أحد المسؤولين إن “هناك انقسامات داخل البلاد، وإن لم نجد حلاً لهذا الوضع فستدفع الأردن الثمن غاليًا، وليست أمريكا أو بريطانيا”.
بعد مرور سنتين على التفاوض، تم إطلاق سراح قائدين للجماعات الجهادية وهما أبو محمد المقدسي وأبو قتادة الفلسطيني في محاولة من الحكومة لاستمالة أتباعهم في حربها القائمة ضد تنظيم الدولة، لكن انقلبت الموازين في الآونة الأخيرة وحصل ما لم يكن في الحسبان، فالخلايا الكبرى التي كانت تحاول الحكومة احتواءها انقسمت إلى عدة خلايا ناشطة وأخرى نائمة، بالإضافة إلى ذلك تمت هذه السنة إحالة 1100 أردني على المحاكم العسكرية بتهم متعلقة بالإرهاب، من بينهم المحاضر الجامعي في دراسات الشريعة الإسلامية الدكتور أمجد قورشة، الذي يمضي شهره الثالث في الحجز وهو على ذمة التحقيق على خلفية الفيديو الذي قام بتصويره قبل عامين، والذي قام فيه باستجواب الناس لمعرفة رأيهم حول التحالف الأردني مع الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل.
كما تلقى الشيخ محمد الوهاش تحذيرات أخيرة من قبل وزارة الشؤون الدينية بسبب المسجد الذي يملكه في جنوب عمان والذي يقوم فيه أسبوعيًا بوعظ قرابة ثلاثة آلاف شاب، وبين هذا الشيخ أنه أصبح محط شك بسبب انتقاده اللاذع لسياسة فلسطين.
يعتقد البعض أن الخدمات العمومية من شأنها أن تساعد في حل المشكلة وذلك بفضل إيلاء الأولوية للخواص وللمانحين الخليجيين الذين ساعدوا في تحسين البنية التحتية من خلال ترميم المدارس مع تهيئة الطرقات وتعمير القرى المهمشة، بينما يتساءل البعض الآخر عن جدوى هذه الخدمات والإجراءات للحد من مشكلة التطرف والإرهاب، وفي هذا السياق قال الوزير الأردني السابق والأستاذ الجامعي بكلية الشريعة بسام العموش، إن “الناس يقولون إنني أهاجم الإسلام وينصحونني بإغلاق الملاهي الليلية بدل المساجد”.
المصدر: الإيكونومست