قبل أن تخمد نار الرباعية الدولية، وقبل أن تذرو رياح المقاومة شروطها الأربعة التي أحرقت ظهر القضية الفلسطينية لسنوات، ظهرت إلى الشعب الفلسطيني رباعية جديدة تحمل اسم الرباعية العربية، وكأن ما عجزت عن تحقيقه الرباعية الدولية ستحرص على تحقيقه الرباعية العربية التي تتكون من دولتين عربيتين لهما علاقات دبلوماسية مع دولة الصهاينة، ولهما أطول حدود آمنة وهادئة ومستقرة مع أعداء العرب، ودولتين عربيتين أخرتين لهما اتصالات وجولات وزيارات ولقاءات لا تنقطع مع الصهاينة، وقد يكون الجنرال “أنور عشقي نموذجًا”.
فلماذا ظهرت الرباعية العربية على ساحة فلسطين فجأة؟ وهل تهدف الرباعية العربية إلى تحرير الأراضي الفلسطينية المحتلة أم قصرت دورها على تسوية سياسية تتلاءم مع علاقاتها المتشابكة مع الإسرائيليين، لتعلن عن نفسها في هذه المرحلة التي يتحفظ فيها نتانياهو على الدور الفرنسي، ويعرب عن تقديره للدور المصري شرط تعديل مبادرة السلام العربية؟
ولماذا كانت أولى خطوات الرباعية العربية على الساحة الفلسطينية هي الدعوة للمصالحة داخل حركة فتح، وتقديم الدعم الكامل لعضو اللجنة المركزية المفصول محمد دحلان، والهدف هو إيجاد حائط صد منيع، يتحدى حركة حماس التي أعلنت عن موافقتها للمشاركة في الانتخابات المحلية، ويلوي ذراعها لقبول المصالحة وفق شروط الرباعية العربية؟
من يتابع الأحداث في المنطقة يدرك أن هذه الرباعية العربية لم تغب عن ساحل العرب، فهي موجودة في ليبيا من خلال الجنرال “حفتر” وموجودة في اليمن بعدة أسماء، وهي موجودة في سوريا، ولبنان، وهذه الرباعية العربية هي نفسها التي سيرت الجيوش، وشكلت جسر عبور للقوات الأمريكية الغازية لدولة العراق قبل سنوات.
ومن سوء حظ الرباعية العربية أنها صارت العنوان الأكبر للفشل والخراب والدمار في المنطقة، ولم يكتب التاريخ لهذه الرباعية أي نصر في أي ساحة عربية دخلت إليها، حتى في ساحة العراق الذي لما يزل يتفجر قنابل بين يدي الرباعية العربية.
وحتى هذه اللحظة سجلت الرباعية العربية فشلاً ذريعًا على صعيد المصالحة داخل حركة فتح، بل وصل الأمر بالسيد محمود عباس أن استخف بالرباعية العربية، وتحداها علانية، وهدد من يتعاون معها، وكأنه يعرف مكامن قوتها، وسر ضعفها، وفي الوقت نفسه يعرف إمكانياته الشخصية، وتحالفاته الإقليمية والدولية التي قد تتفوق على الرباعية العربية.