قبل ساعات من دخول الهدنة الروسية الأمريكية حيز التنفيذ أغارت طائرات تابعة للنظام السوري وروسيا على مناطق سيطرة المعارضة في حلب وإدلب وريف دمشق. أكثرها دموية كان في إدلب حيث استهدفت الطائرات الروسية سوقًا شعبيًا يكتظ بالمدنيين، خصوصًا في هذه الأوقات حيث خرج الناس للتسوق لشراء حاجيات عيد الأضحى ومستلزماته.
إذ وثقت فرق الإغاثة العاملة في إدلب مقتل 60 شخصًا إلى جانب عشر جثث مجهولة المصدر تحولت إلى أشلاء، كما غصت مشافي المدينة بالجرحى بعدما فاق عددهم المئة. بينما اشتعلت أغلب الجبهات في الأمس بالقتال وبالأخص في جبهات جنوب حلب.
إبادة فصائل المعارضة
يقف الشعب السوري مذهولًا من هول اللحظة التي هو فيها، فبعد 14 ساعة من الاجتماعات المتواصلة بين وزيري خارجية كل من روسيا وأمريكا وإعلان الاتفاق والهدنة المزمعة فجر يوم الاثنين، من المفترض أن تهدأ الأجواء من أصوات الطلعات الجوية وتهدأ أيضًا جبهات القتال، إلا أن الطائرات الروسية أغارت وقصفت مناطق مدنية وأوقعت عشرات القتلى والجرحى، فهل هو إيذان ببداية الهدنة! أم هو كسب لمناطق جديدة من المعارضة قبل دخول الهدنة حيز التنفيذ! أم هو من مبدأ القوة!.
المتحدث باسم الهيئة العليا للتفاوض عن المعارضة السورية، رياض نعسان آغا وجه أمس السبت انتقادًا للاتفاق الروسي الأمريكي معتبرًا أن هذا الاتفاق لن يُقتل أحد أكثر من المدنيين، وبالتالي هو نوع من الإبادة للشعب السوري. وقد يكون هذا الاتفاق ذريعة لقتل الحاضنة التي يسمونها “حاضنة الإرهاب”. وتساءلت جهات معارضة كثيرة فيما إذا سيتم معاقبة النظام في حال خرق الهدنة، أم سيتم معاقبة الفصائل المعارضة في حال قامت بالرد.
سقوط 60 قتيلا ومئة جريح في قصف للطائرات الروسية على سوق شعبي في إدلب قبيل الهدنة المزمعة
وحسب مراقبون فإنه تحت شعار “مكافحة الإرهاب” اتفق الجانبين على تفاهم يقضي بتقاسم الغارات بين الروس الأمريكيين، لتصفية الفصائل السورية التي تحارب النظام دون ملاحظة الميليشيات المتعددة الجنسبة التي تقاتل إلى جانب النظام، وهي كثيرة، كما لم يأتي الاتفاق على ذكر أي نقاط للحل السياسي محددًا الملامح من دون وجود رأس النظام ورموزه؟.
الكل رحب بالاتفاق، النظام السوري، حزب الله، تركيا، الإئتلاف السوري المعارض، أغلب فصائل المعارضة السورية، إلا أن مواقف عديدة بدأت تشكك بمدى نجاح الاتفاق على الأرض، فصحف بريطانية أرجعت فرص نجاح الاتفاق إلى حجم الضغط الذي ستمارسه كل من أمريكا وروسيا على الحلفاء الإقليميين والمحليين.
كما أن المعارضة المعتدلة مطلوب منها أن تفك أي ارتباط سياسي أو عسكري مع جبهة فتح الشام تمهيدًا لضربها من قبل أمريكا وروسيا معًا بعد أسبوع من ننفيذ وقف إطلاق النار الذي يعتبر حجر الأساس في الهدنة المقررة.
وفك الارتباط بحسب صحيفة الإندبندنت التزام صعب بالنسبة لفصائل المعارضة نظرًا للعلاقات التي ربطت بين فتح الشام والمعارضة المعتدلة عندما تخلت أمريكا عن دعمها. بالإضافة لذلك أبدى عسكريون في الجيش الحر عدم تفاؤلهم بالاتفاق نظرًا للتجارب في الهدن المعقودة سابقًا حيث استهدفت كل من القوات الحكومية وروسيا مناطق المعارضة دون حساب ودون اعتباره خرقًا لوقف إطلاق النار.
ومن جهة أخرى أفاد أحد قادة كتائب نور الدين زنكي أن الاتفاق سيمنح الجيش الحكومي فرصة لحشد قواه أكثر والدفع بالمزيد من الجماعات المسلحة المدعومة من إيران في المعارك الرئيسية بمدينة حلب.
وفي خضم الإعلان عن اتفاق الهدنة، أطلقت فصائل المعارضة مع جبه فتح الشام معركة “قادسية الجنوب” للسيطرة على ريف القنيطرة الشمالي، حيث تسعى المعارضة للسيطرة على ريف القنيطرة الشمالي بغية فتح الطريق بين ريف القنيطرة وريف دمشق الغربي.
تفاصيل الاتفاق
الاتفاق يقتضي بتوقف القوات الحكومية السورية المدعومة من روسيا وروسيا نفسها وجماعات المعارضة المدعومة من الولايات المتحدة ودول الخليج عن القتال لفترة في إجراء لبناء الثقة بين الأطراف المتصارعة والداعمة لها. حيث ستدخل الهدنة حيز التنفيذ بدءًا من يوم الإثنين، تستمر لمدة 48 ساعة يتم تمديدها حتى سبعة أيام. فإذا صمد وقف إطلاق النار ستعمل كل من روسيا والولايات المتحدة لإقامة مركز تنفيذ مشترك لتبادل المعلومات لتحديد الأراضي التي تسيطر عليها جبهة النصرة وجماعات المعارضة. وسيعمل في المركز عسكريون وممثلو أجهزة الاستخبارات الروسية والأمريكية على حل مسائل قائمة بينهما، حيث سيتم تحديد مناطق يتواجد فيها “المسلحين الإرهابيين” ليتم استهدافهم من قبل الطيران الروسي والأمريكي حصرًا، دون مشاركة سلاح الجو السوري بذلك.
ومن المفترض أن يسحب كل من قوات المعارضة والحكومة قواتهما من طريق الكاستيلو الاستراتيجي في حلب لإقامة منطقة منزوعة السلاح حول مدينة حلب، ويتعين على جماعات المعارضة والحكومة توفير طريق آمن بدون عوائق إلى جنوب المدينة عبر الراموسة. حيث سيتيح هذا الإجراء بحسب جون كيري، إيصال المساعدات الإنسانية إلى المواطنين مشددًا على أن نجاح التسوية في حلب سيفتح الآفاق لاستئناف المفاوضات بين السوريين.