في أعقاب عمليتها الأولى باستهداف سيارة رئيس مباحث بالفيوم، لم يهتم أحد باسمها، وعندما قامت بثاني عملية تستهدف علي جمعة مفتي مصر السابق، لفتت إليها الأنظار، والآن تعود للواجهة بعدما أعلنت اغتيال أمين شرطة في مدينة السادس من أكتوبر.
إنها حركة مصرية جديدة مسلحة تسمي نفسها “سواعد مصر – حسم”، التي ظهرت بعد اختفاء أنشطة جماعات أخرى مسلحة تقدر بـ 5 جماعات أعلنت عن عمليات استهداف للشرطة والقضاة ثم اختفى نشاطها ما يشير للقبض على أعضائها.
وجاء ظهور الأخيرة ليعيد طرح التساؤلات حول مستقبل العنف في مصر وتبني تيارات إسلامية جديدة له في ظل خلافات الإخوان والغضب المتصاعد من بطش الأجهزة الأمنية المصرية.
فقد أعلنت جماعة تطلق على نفسها اسم حركة سواعد مصر “حسم” مسؤوليتها عن عملية اغتيال أمين شرطة في مدينة السادس من أكتوبر، الخميس الماضي، ونشرت الحركة على موقعها الإلكتروني صورًا لجثمان القتيل، وأخرى لمتعلقاته الشخصية التي استولوا عليها بعد العملية، وهي الثالثة التي تتبناها الحركة منذ اﻹعلان عن تأسيسها منتصف يوليو الماضي.
وبرز دور الحركة الجديدة ومثيلاتها بالتوازي مع انخفاض ملحوظ لنشاط “جبهة المقاومة الشعبية”، كبرى مجموعات العنف الموجه ضد الشرطة والمسؤولين السياسيين، وهو الانخفاض الذي يتزامن مع الخلافات التي شهدتها جماعة اﻹخوان المسلمين.
ونشطت هذه المجموعات التي تطلق عليها الشرطة اسم “لجان العمليات النوعية” بعد إطاحة الجيش والشرطة، بالرئيس محمد مرسي في يوليو 2013، واتسم بعض المنتمين لتلك المجموعات بارتباطهم بعلاقات بجماعة اﻹخوان التي تبرأت أكثر من مرة من العنف.
بدأت “حسم” نشاطها في منتصف يوليو الماضي بعملية مقتل الرائد محمود عبد الحميد رئيس مباحث طامية بمحافظة الفيوم، وفي أول أغسطس الماضي، أعلنت الحركة مسؤوليتها عن محاولة الاغتيال الفاشلة التي تعرض لها مفتي الجمهورية اﻷسبق علي جمعة بالقرب من منزله في مدينة السادس من أكتوبر.
ونشرت الحركة صورة اثنين من مقاتليها أثناء تنفيذ الهجوم، كما نشرت الحركة صورًا قالت إنها لعبوات ناسفة قامت بزرعها في محيط نادي الشرطة بدمياط أوائل الشهر الجاري.
ولم يختلف النطاق الجغرافي لعمل الحركة عن النطاق الذي عملت فيه مجموعات مماثلة، وهي محافظات الجيزة والفيوم وبني سويف والشرقية بشكل أساسي.
خمس حركات مسلحة
وقبل الذكرى الرابعة للثورة في يناير 2015، أعلنت خمس مجموعات هي: حركة المقاومة الشعبية، والعقاب الثوري، وحركة إصرار، وإعدام، وحركة من أجل الثورة في بني سويف، عن اندماجها لتشكل جبهة عرفت باسم جبهة المقاومة الشعبية.
ومنذ تأسيسها، قامت الجبهة بتنفيذ عدد من عمليات العنف عبر محافظات مصر تزايدت معدلاتها عبر الشهور لتصل إلى ما يقارب الـ 90 هجومًا خلال شهر يوليو من العام الماضي.
وذكر “معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط“، وهو مركز دراسات مقره واشنطن، في تقريره السنوي عن الوضع اﻷمني في مصر أن الهجمات الإرهابية التي شهدتها مصر خلال النصف اﻷول من العام 2015 تفوق في عددها مجموع الهجمات خلال العامين السابقين.
لكن نشاط الجبهة شهد انخفاضًا كبيرًا، ففي التقرير اﻷمني لمعهد التحرير بشأن الربع الثاني من العام الحالي ظهر انخفاض معدل عمليات العنف خارج سيناء بالمقارنة بالربع اﻷول بما يزيد عن 50%.
فيما تركزت معظم هذه العمليات في الجيزة والقاهرة، مع انخفاض معدلها في محافظات كانت مركزًا معتادًا لها كالفيوم وبني سويف.
وأرجع التقرير انخفاض عمليات العنف في هذه المناطق إلى خفوت نشاط الجبهة، وهو ما يأتي متماشيًا مع المشكلات التنظيمية الكبيرة التي يواجهها تنظيم اﻹخوان في مختلف المحافظات.
وللمرة الأولي من بدء ثورة 25 يناير المعتمده على مبدأ السليمة “سلميتنا أقوى من الرصاص”، ظهرت في الذكري الرابعة للثورة، عدة حركات مقاومة شعبية تبنت عدة هجمات مسلحة وحرق منشآت والهجوم على قوات شرطة، ما يشير لتحول عنيف في مسار الثورة المصرية في عامها الرابع.
حيث ظهرت عدة حركات تحمل السلاح بعضها أعلن عن نفسه منذ عدة أشهر مثل “تنظيم أجناد مصر” الذي يعمل في سيناء ولكنه انتقل للقاهرة، إضافة إلى أربعة تنظيمات أخرى هي: (المقاومة الشعبية – العقاب الثوري – مجهولين ضد الانقلاب – أحرار).
وبحسب بلاغات من هذه المجموعات نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي نفذت قرابة 30 عملية في عدد من محافظات مصر، كان النصيب الأكبر فيها لجماعتي “العقاب الثوري”، و”المقاومة الشعبية”، حيث نشرت الجماعة الأولي مقطع فيديو على يوتيوب أعلنت فيه أنها نفذت أولى عملياتها المسلحة الأحد 25 يناير 2015.
ويظهر في الفيديو مجموعة من الأفراد الملثمين يقودون سيارة ويحملون رشاشًا ويطلقون النيران على كمين للشرطة، وهو ما أدى لمقتل جنديين بحسب العقيد عمرو البرعى، الضابط بالإدارة العامة لمباحث الجيزة، أعلى الطريق الدائري بالمريوطية بالهرم.
وسبق هذا الهجوم إعلان هذه الجماعة – العقاب الثوري – 24 يناير 2015، في بيانٍ لها منشور على موقع يوتيوب، عن تشكيل ما أسمته “هياكل لحماية الثورة في 15 محافظة”، متوعدة بتنفيذ عدد من العمليات في محافظات مختلفة سيتم الإعلان عنها تباعًا.
كذلك أعلنت حركة تطلق علي نفسها “أجناد مصر” في بيان، مسؤوليتها عن 5 عمليات استهدف بعضها الشرطة الأحد 25 يناير، وأكدت أن “عملياتنا كلها ضد الأجهزة الأمنية ولا علاقة لنا بأي عمليات تستهدف المواصلات العامة ولا المصالح العامة”.
كما أعلن ما تسمي “حركة أحرار” مسؤوليتها عن تفجير لغم في مدرعة في منطقة “الألف مسكن” شرق القاهرة، قالت إنها أدت إلى إصابة ضابطين.
فيما أعلنت حركة “مجهولين ضد الانقلاب” قتلها معاون مباحث قسم شرطة المطرية، وهو ما لم تعلن عنه الجهات الرسمية، وقالت إنها حصلت على “أسماء لواءات الجيش والشرطة المكلفين بغلق الميادين وأسماء الجنود والكتائب التي جاءوا منها والموجودون داخل المدرعات وأرقام الأسلحة الموزعة عليهم والتي وقع عليها كل جندي عند التسليم”.
وزعمت أن “الشرفاء من الجيش أمدونا بهذه الكشوف والله لن يفلت أحد من الحساب والله من سيطلق رصاصة على الثوار سيندم وسيدفع الثمن غاليًا”.
ومع خفوت نشاط هذه الحركات الخمسة، يبدو أن مجموعات أخرى تحاول احتلال الفراغ الذي تركته، من بينها حركة حسم.
حيث تتشابه عمليات حسم في أسلوبها مع النمط الذي تعتمده “الجبهة”، التي تميل عملياتها، والمجموعات المماثلة لها، إلى استخدام الأسلحة الخفيفة والعبوات الناسفة بدائية الصنع، بينما تتسم عمليات تنظيم الدولة اﻹسلامية بأنها أكثر تنظيميًا وتركيزًا.
وتتميز حسم بعودتها إلى تبني خطاب إسلامي واضح كانت الجبهة تحاول الابتعاد عنه بالتركيز على الطابع السياسي لعملياتها، وظهر هذا في التهنئة التي قدموها إلى “المجاهدين” في الشام بعد تحرير مدينة حلب السورية من قوات الجيش النظامي التابع للرئيس السوري بشار اﻷسد أوائل الشهر الماضي.
كما تظهر المجموعة انفتاحًا على التنظيمات المماثلة لها، فباركت عملية قامت بها مجموعة أخرى استهدفت أحد أكمنة الشرطة بالمنوفية، وأدت إلى مقتل ثلاثة من قوات الشرطة، كما رحبت بتدشين مجموعة جديدة تحمل اسم حركة “لواء الثورة”.
أنشطة “حسم”
وأصدرت هذه الحركة ثلاثة بيانات حتى الآن: الأول خاص بما أسمته “بلاغ عسكري رقم (1) حول استهداف سيارة رئيس مباحث طامية بالفيوم ومرافقيه، والثاني حول محاولة اغتيال على جمعة، والثالث حول اغتيال أمين الشرطة، كما نشرت الحركة صورًا قالت إنها لعبوات ناسفة قامت بزرعها في محيط نادي الشرطة بدمياط أوائل الشهر الجاري.
حيث أعلنت حركة “سواعد مصر – حسم” مسؤوليتها من قبل عن عملية استهداف الرائد محمود عبد الحميد رئيس مباحث مركز شرطة طامية وإصابة 2 من مرافقيه في 17 يوليو الماضي.
وأصدرت الحركة، بيانًا عبر حسابات تابعة لها على مواقع التواصل الاجتماعي تزعم خلاله مسؤوليتها عن الحادث الذي نتج عنه إصابة أحد حراس الدكتور علي جمعة بجروح طفيفة في قدمه.
وقالت الحركة “تمت عملية الاستهداف له وطاقم حراسته، ما أسفر عن إصابة طاقم حراسته، وذلك من خلال كمين تم إعداده له ولطاقمه”، زاعمه أن ظهور مدنيين في المشهد واتجاهه نحو المسجد منع إتمام الاغتيال.
وتعرض الدكتور علي جمعة، الشهر الماضي لمحاولة فاشلة لاغتياله في أثناء دخوله مسجد فاضل في منطقة غرب سوميد بمدينة 6 أكتوبر، بإطلاق مجهولين النار عليه ولاذوا بالفرار.
وذكر شهود عيان أن عددًا من الدفعات النارية أطلقت على الدكتور على جمعة، مفتي الجمهورية السابق، من قبل بعض المسلحين وتراوحت ما بين 5 إلى 7 دفعات نارية، وأن عدد الطلقات النارية التي تناثرت على الأرض من أسلحة نارية يصل إلى نحو 50 طلقة.
ونقلت “بوابة الأهرام” عن شهود عيان، أن عدد المسلحين يتراوح ما بين 2 إلى 4 مسلحين، وأنهم أطلقوا نحو 50 طلقة نارية استهدفت المفتي السابق.
المصدر: إيوان 24