يصلي صلاة الفجر ثم يتناول الإفطار مع أهله، وبعدها يتوجه إلى المسجد لأداء صلاة العيد مع سكان القرية، وما إن تنتهي الصلاة، حتى يقفل راجعًا إلى بيته ليغير ملابسه ويرتدي ملابس الذبح، ويتوجه إلى من اعتاد الذبح لهم من جيران وأقارب وأصدقاء.
ساسي مادي ذو الـ 32 ربيعًا، حاصل على الشهادة الجامعية في الجباية (الضرائب)، إلا أنه امتهن الذبح منذ نعومة أظافره في محل والده، يتهافت عليه أهالي قرية بشري من محافظة قبلي جنوب تونس، لحسن أخلاقه وإتقانه لعمله، تراه صباح عيد الأضحى حاملًا عدة الذبح، متنقلًا من مكان إلى آخر، يبدأ ببيت أهله فيذبح لهم، ثم ينتقل إلى جيرانه فأقربائه فأصدقائه.
قبل الذبح يقوم مادي بـ “تكتيف الأضحية جيدًا ثم يوجهها نحو القبلة ويقوم بـ “الطبطبة” على رأسها حتى تهدأ
يقول ساسي لنون بوست “أبي جزار وأخي أيضًا، يوم العيد ننظّم عملية الذبح فيما بيننا، كل واحد منا يمسك بحي حتى نتقاسم العمل”، ويضيف “من أذبح لهم معلومين، إلا أنه يحدث أن يأتيك شخص لم تعتد الذبح له فيدعوك لذبح أضحيته”، ويفضل ساسي المنازل القريبة لبيته لتوفير الوقت، وذبح أكبر عدد من الأضاحي.
قبل الذبح يقوم مادي بـ “تكتيف” الأضحية جيدًا ثم يوجهها نحو القبلة ويقوم بـ “الطبطبة” على رأسها حتى تهدأ وتطمئن، وما إن تطمئن حتى يقوم بذبحها بشكل سريع بسكين حاد كي لا تتعذب.
بعد الذبح، يثقب ساسي إحدى أرجل الأضحية ثم ينفخ فيها بفمه حتى تنتفخ ليسهل تجريدها من جلدها، بعد انتفاخها يقوم “ساسي” بتعليقها بمعية أحد أفراد المنزل صاحب الأضحية، على الجدار لنزع الجلد.
ما يميز الجزار الشاب “ساسي مادي”، على باقي الجزارين أنه يذبح دون مقابل
وعن خروج بعض الشباب للذبح يوم العيد، يقول ساسي أشجع كل من يريد تعلم الذبح رغم أن الأمر ليس سهلًا، فالذبح السليم له أصوله، وتقطيع اللحم أيضًا له أصوله، وكلما ازداد عدد الذابحين إلا وكان راحة لنا، ويستغرق ساسي مادي في ذبح الخروف أقل من 10دقيقة، حسب حجم الضحية.
وما يميز الجزار الشاب “ساسي مادي”، عن باقي الجزارين أنه يذبح دون مقابل، فأجره على الله كما يقول، حتى إنه يرفض أكل لحم الضحية التي يذبحها، ويفضل الدعاء له.
بعد الانتهاء من الذبح صباح العيد، يبدأ ساسي مادي، في تقطيع لحم الأضاحي حسب الأولوية، بعض الأضاحي يقوم بتقطيع لحمها في المنازل وبعضها في محله وسط القرية، ويترك الاختيار لصاحب الأضحية، إلا أن “ساسي” يفضل التقطيع في محله لتوفر كل المستلزمات.
يدخل “ساسي”، يوم العيد، بيوتًا مختلفة ويقابل أناسًا جددًا وأطفالًا آخرين
لا يرتاح مادي، كامل أيام العيد الثالثة، فتراه من منزل إلى آخر، حاملاً عدته، ولم يثنه التعب عن الابتسامة واللعب مع أطفال الحي.
يدخل “ساسي”، يوم العيد، بيوتًا مختلفة ويقابل أناسًا جددًا وأطفالًا آخرين، ويستمتع معهم بقضاء بعض الوقت، يمزحون معه ويمازحهم، واعتاد سكان جنوب تونس الذبح في منازلهم عوضًا المسالخ التي تغص بمرتاديها صباح العيد، خصوصا مع سهولة الحصول على جزار.