شكلت ثورات الربيع العربي في منطقة الشرق الأوسط وما خلفته من تيارات إرهابية منتشرة بالمنطقة مثل داعش بليبيا والعراق وسوريا، ناقوس خطر على المنطقة، لاسيما الدول العربية والخليجية منها على وجه الخصوص، ما دفعها للمسارعة في استيراد أسلحة جديدة بمئات المليارات من الدولارات من فرنسا وروسيا والولايات المتحدة والصين وبريطانيا، وأصبحت المنطقة سوقا رائجة للسلاح العالمي.
مصر.. سوق جديدة للسلاح
كانت البداية مع جمهوية مصر العربية التي بدأت التفكير في إعادة التسليح عقب الضربات الموجعة التي تعرضت لها كتائب الجيش بشبه جزيرة سيناء الحدودية الشرقية، ومنطقة الصحراء الغربية على الحدود مع ليبيا، على أيدي عناصر تنظيم أنصار بيت المقدس الإرهابي، الذي أعلن ولائه بعدها لتنظيم القردة المتوحشة داعش، ليغير إسمه إلى ولاية سيناء.
وفي الوقت الذي تعاني فيه مصر من زيادة معدلات التضخم لأكثر من أربعة أضعافها خلال السنوات العشر الأخيرة، وبلغت 15 %، وارتفاع معدلات الدين الداخلي الذي تخطى 2.7 تريليون جنيه، والخارجي الذي بلغ 53.4 مليار دولار، وقعت مصر خلال الفترة الأخيرة أكثر من صفقة أسلحة جوية وبرية وبحرية، ”
“منها صفقة مع روسيا” لشراء معدات عسكرية تشمل 48 طائرة MiG-35 وأنظمة صواريخ “بوك أم2″ Buk M2 و”تور أم2″ Tor M2، و50 من مروحيات كاموف كا52، كما حصلت على منظومة صواريخ” إس ـ 300″ الروسية التي تعد من الأنظمة المتقدمة عالميا في الدفاع الجوى، وكورفيت صورايخ.
ووفقا لعدد من التقارير الصحافية فقد بلغت قيمة الصفقة نحو 3.5 مليارات دولار، فيما قدرتها أخرى أنها تراوح بين 2 و4 مليارات دولار.
وبخلاف الصفقة الروسية، حصلت مصر على طائرات رافال فرنسية وحاملتى طائرات مسيترال وفرقاطة فريم و4 كورفيتات جويند و4 غوصات تايب 209 ألمانية، بينما حصلت من أمريكا علي طائرات اف 16 بلوك 52 وأباتشي وكورفيتات الصورايخ الامبسادور.
طائرات بدون طيار
كما تعاقد الجيش المصري علي درون Patroller بدون طيار الفرنسي، وسيقوم بتصنيعه في مصر في مصانع الانتاج الحربي، بعد أن وقعت شركة ساجيم “سافران”، والهيئة العربية للتصنيع مصنع-الطيران الصناعي المصري، اتفاقا حصريا للتعاون التجاري والصناعي على نظام المراقبة بدون طيار فرد الدورية، ويمتد الاتفاق أيضا على النظم الداعمة والتكليف بها.
وخلافا لذلك توجه النظام المصري للصين، للتوقيع على صفقة طائرات صينية متطورة “دون طيار”، كشفتها صحيفة “تشاينا تايمز” الصينية، من طراز “ASN-209” دون طيار ، التي تتميز بقدرات متوسطة على الارتفاع وقدرات متوسطة على التحمل مع متوسط طيران 200 كيلومتر، كما أنها تواصل العمل لمدة عشر ساعات بدون توقف، وتم الإعلان عنها لأول مرة في المعرض الأفريقي للفضاء والدفاع، الذي عقد في جنوب أفريقيا في الفترة بين 14-18 سبتمبر من العام الماضي.
المملكة وورطة اليمن
أما المملكة العربية السعودية فقد دفعتها الحرب في اليمن تحت مسمى “عاصفة الحزم”، إلى تخصيص 25% من ميزانيتها المرهقة بانخفاض أسعار النفط، وزيادة الإنفاق المحلي إلى التسليح، أي ما يعادل أكثر من ٨٠ مليار دولار، وهي الميزانية العسكرية الأعلى بين جميع دول المنطقة، بحسب تقرير معهد “ستوكهولم” الدولي لبحوث السلام (SIPRI)، وتأتي بعدها الإمارات في المرتبة الثانية، والتي خصصت ٢٣ مليار دولار لهذا الغرض.
وقامت المملكة بتطوير ترسانتها العسكرية من خلال عقد صفقات تسليح حصلت من خلالها على مجموعة كبيرة من أحدث الصواريخ والدبابات، أهمها صفقة مدرعات كندية بقيمة 13 مليار دولار.
وخصصت المملكة مليارا دولار لتطوير أنظمة الإنذار المبكر “أواكس”، JSOW C Block III بالإضافة لصفقة صواريخ بـ13 مليون دولار، و150 دبابة باكستانية من طراز “الخالد” بـ600 مليون دولار، و72 طائرة “يوروفايتر” من بريطانيا، و55 طائرة “بي سي 21” سويسرية لتدريب القوات الجوية، وطائرات من دون طيار من الصين وأمريكا، و25 طائرة نقل عسكري بقيمة 6.7 مليارات دولار، وصواريخ “تاو” المضادة للدروع بقيمة 1.7 مليار دولار، 69 دبابة m1a2 بـ132.7 مليون دولار.
الإمارات والصفقات السرية
على عكس المملكة العربية السعودية أحاطت الإمارات صفقاتها العسكرية بنوع كبير من السرية، وقامت بشراء كميات كبيرةً من الأسلحة دون الكشف عن طبيعتها، إذ أعلن منظمو معرض ومؤتمر الدفاع الدولي بالعاصمة أبو ظبي “ايدكس” في فبراير من العام الماضي عن توقيع الإمارات عقود صفقات شراء سلاح وصلت قيمتها إلى 18.328 مليار درهم.
وعقدت الإمارات صفقة تسليح مع الولايات المتحدة، في مطلع 2015، بقيمة 270 مليون دولار لشراء مدافع ميدان وأنظمة ملاحية ومعدات عسكرية، وهي جزء من صفقة أكبر لا تزال قيد النقاش بين شركة لوكهيد مارتن Lockhead Martin والدولة الإماراتية، وتشمل 30 مقاتلة إف-16 بلوك 60، ووفقا للصفقة ستحصل الإمارات على 4569 مركبة مجدّدة مقاومة للألغام، مقابل 2.5 مليار دولار، تلتها صفقة أخرى اشترت بموجبها الإمارات أنظمة صاروخية بعيدة ومتوسطة المدى بقيمة 900 مليون دولار، وفي الصفقة الأخيرة، وافقت وكالة التعاون الأمني الدفاعي الأمريكية DSCA على تزويد الجيش الإماراتي بـ12 نظاما صاروخيا من طراز هيمارس HIMARS و100 نظام صاروخي من طراز أتاسمس ATACMS.
غموض قطري
أما قطر.. تلك الدولة صغيرة الحجم والسكان والتي تستضيف أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في الخليج والمنطقة، وصاحبة أقل عدد للجيوش بالمنطقة، والتي تتمتع بعلاقات أكثر من ممتازة مع إيران المهدد الأول للخليج، وكل جيرانها كانت الأبرز من حيث كمية الصفقات التي أبرمتها علي مدار الثلاث سنوات الأخيرة، حيث وقعت مع فرنسا صفقة شراء 24 طائرة مقاتلة من طراز رافال، بقيمة 6.3 مليارات يورو في مايو قبل الماضي، وتضمنت الصفقة شراء صواريخ “إم.بي.دي.إيه”، وتدريب 36 طيارًا قطريًا و100 فني على أيدي خبراء من الجيش الفرنسي.
ومع ختام مؤتمر الدوحة الدولي الرابع للدفاع البحري (ديمدك)، في مارس الماضي، أعلنت الدولة الخليجية الصغيرة توقيعها اتفاقات مبدئية لشراء أسلحة تصل قيمتها إلى 23 مليار دولار، وتشمل السلة اتفاقات مبدئية مع شركات أمريكية بقيمة 7.6 مليارات دولار لشراء أسلحة منها 24 مروحية أباتشي Apache، وبطاريات صواريخ باتريوت Patriot الدفاعية المجهزة بقذائف من طراز “باك 3” PAC-3.
وارتفعت قيمة الصفقة مع الشركات الأمريكية إلى حوالى 11 مليار دولار، كما عقدت اتفاقاً مع شركة إيرباص Airbus لشراء 22 مروحية من طراز NH90 بقيمة 2.76 مليار دولار، بالإضافة إلى شراء 62 دبابة متطورة من نوع ليوبارد-2، وهي من أهم الدبابات الهجومية الألمانية، و24 عربة “بي زيد اتش 2000” من شركة كراوس مافاي فيغمان Krauss-Maffei-Wegmann الألمانية، وهي الصفقة التي أثارت سجالاً في ألمانيا بعدما انتقدت المعارضة اليسارية في البرلمان سياسة تسليح المناطق المتوترة في الخليج، لكن الحكومة الألمانية أجازت الصفقة.
صفقات عمانية مثيرة
أغرب صفقات التسليح بمنطقة الخليج كانت من نصيب سلطنة عمان التي أعلنت عقد صفقة أسلحة مع شركة رايثيون Raytheon الأمريكية بقيمة 1.28 مليار دولار في يناير الماضي، تقضي بشراء نظام صواريخ أرض – جو المتطور للدفاع الجوي “ناسامس” NASAMS، كما عقدت السلطنة صفقة مع شركة التكنولوجيا الإسبانية إندرا Indra لشراء أنظمة مراقبة جوية وأجهزة رادار “لانزا” الثلاثي الأبعاد Lanza 3D.
وطلبت شراء صواريخ هيل فاير موجهة أمريكية قيمتها 96 مليون دولار، وأبلغت وكالة التعاون الأمني الدفاعي الأمريكي التي تشرف على مبيعات الأسلحة الأمريكية للدول الأجنبية الكونجرس الأمريكي عن نيتها بيع حكومة سلطنة عمان 400 صاروخ موجه أمريكي من طراز “الرمح” مع مرفقاتها من معدات وقطع غيار ، بالإضافة الى خدمات التدريب والدعم اللوجيستي، وهي صفقة ستعزز قدرة سلطنة عمان في مواجهة التهديدات الحالية والمقبلة، وستوفر قدرا أكبر من الأمن للبنية التحتية لمنشآت النفط والغاز في السلطنة.
وتعاقدت سلطنة عمان على صفقة طائرات مقاتلة بريطانية تصل قيمتها إلى ملياري دولار , من خلال بيع 12 طائرة مقاتلة من نوع يوروفايتر تايفون, وهي الصفقة العائدة لأكبر شركة سلاح في أوروبا، والتي تكابد انكماشا في ميزانيات الدفاع الأوروبية والأمريكية، وتطمح إلى تعويض عقود خسرتها بالمنطقة.
بالإضافة للجانب الدفاعي عززت سلطنة عمان القدرات الهجومية لمقاتلاتها من طراز إف-16، من خلال طلب صفقة لشراء الإصدار الثاني من صواريخ جو – جو القصيرة المدى، “إيه آي إم-9 إكس-2 سايدوايندر”، وعددها 55 صاروخا، و6 وحدات توجيه تكتيكية خاصة بها، و36 صاروخًا مأسورًا للتدريب، مع 4 وحدات توجيه خاصة بها، وصاروخ دمية للتدريب الجوي، بالإضافة إلى مستوعبات وعتاد دعم الصواريخ واختبارها، وقطع الغيار والتبديل، وكتيبات ووثائق تقنية، إلى جانب تأمين تدريب الطواقم، وأجهزة التدريب، وخدمات الدعم التقنية واللوجستية الأخرى، بقيمة 86 مليون دولار أمريكي.
الكويت ورايثيون
الكويت هي الأخرى دخلت معمعة التسليح خلال الفترة الأخيرة بشراء أنظمة صواريخ باتريوت الدفاعية، في صفقة مع شركة رايثيون الأمريكية بلغت قيمتها 655 مليون دولار، بالإضافة لتكملة عقد 16 مروحية أباتشي، وعقود تطوير للمقاتلة الرئيسية إف 18 هورنت الكويتية، وفي صفقة أخرى اشترت الكويت قاذفات صواريخ متعددة من ألمانيا بعد موافقة الجانب الألماني على الصفقة في أكتوبر، فيما لازالت صفقة مقاتلات التايفون التي تريد شرائها من إيطاليا تتأرجح ولم يتم حتى الآن تحديد موعد للتوقيع على العقود.
العراق والصفقات الإجبارية
أما العراق فقد دفعها انتشار الهجمات الإرهابية لتنظيم داعش الإرهابي، إلى عقد صفقات أسلحة بقيمة قاربت الـ15 مليار دولار، معظمها مع الولايات المتحدة، ومن أبرزها صفقة بقيمة مليار دولار اشترى العراق بموجبها 24 طائرة حربية من طراز AT-6C Texan II وعربات مدرعة ومناطيد للمراقبة.
وعقد العراق صفقة أخرى بقيمة 600 مليون دولار شملت 46 ألف قذيفة لدبابات الجيش من طراز أم1 إي1 أبرامز M1A1 Abrams، وأخرى مع روسيا بلغت قيمتها نحو المليار دولار، تشمل أنظمة صواريخ “بانتسير-إس1” Pantsir-S1 الدفاعية وقاذفات دزيغيت Dzhigit المحمولة، وتسلمت بغداد طائرات هجومية روسية من طراز “سوخوي سو-25” Sukhoi Su-25 في يونيو الماضي، بالإضافة لصفقة أخرى مع روسيا بقيمة 7 مليارات دولار، تضم مقاتلات ميج35، وتجهيز العراق بلواء مدرع متكامل.
ولجأت بغداد للصين كذلك لشراء طائرة بدون طيار صينية الصنع من طراز CH-4 وهي تمثل الرد الصيني على الطائرات الأمريكية بدون طيار من طراز “المفترس”.
الأردن .. مدافع مضادة للطائرات
عدوى التسليح انتقلت كذلك للمملكة الأردنية التي أعلنت عن تعاقدها مع هولندا لنقل أول دفعة من فائض مدافعها المضادة للطائرات من طراز تشيتا Cheetah في صفقة بلغت قيمتها 29 مليون دولار، شملت أيضاً 350 ألف قذيفة مدفعية و22 مدفعاً مضاداً للطائرات من عيار 40 ملم من طراز بوفورز-40 إل-70 Bofors 40L70 و11 راداراً من طراز “ثالز فلايكاتشر” Thales Flycatcher و5 مدرعات من طراز “ليوبارد” Leopard.
وأعلن البنتاجون الأمريكي عن اتفاقاً آخر مع الأردن لبيعه 12 مركبة تكتيكية متوسطة الحجم تقدمها شركة أوشكوش Oshkosh للصناعات العسكرية خلال سنة ونصف السنة، كما أصبحت المملكة الهاشمية أيضاَ أول دولة تشتري الصواريخ الموجهة بالليزر من النظام المتقدم للأسلحة عالية الدقة APKWS من شركة باي سيستمز BAE Systems، بالإضافة لاتفاق آخر مع ألمانيا لشراء مدافع رشاشة.