كتب جوناثون مارتون وآمي شوزيك
ترجمة وتحرير نون بوست
ذكر أطباء هيلاري كلينتون الخاصين أن المرشحة الديمقراطية للانتخابات الرئاسية تعاني من مرضي التهاب الرئة والجفاف، وصرح الأطباء بذلك بعدما اضطرت هيلاري لقطع مشاركتها فجأة في حفل إحياء الذكرى 15 لأحداث 11 أيلول/سبتمبر في مدينة نيويورك، عندما أقلتها سيارة للإسعافات الخاصة إلى المركز الصحي.
جاءت هذه الحادثة بعدما حامت الشكوك لأشهر طويلة حول صحة المرشحة الديمقراطية، هيلاري كلينتون، وقد كان منافسها في سباق الانتخابات الأمريكية عن الحزب الجمهوري، دونالد ترامب المصدر الرئيسي لهذه الشكوك. وستزيد هذه الحادثة من الضغوطات المسلطة على كلينتون من أجل تقديم تفاصيل دقيقة حول حالتها الصحية لإثبات قدرتها البدنية على خوض السباق، وهو ما كانت هيلاري ترفضه باستمرار خلال الأشهر الماضية.
انتقلت هيلاري إلى المكان الذي سيحتضن مراسم الاحتفال بذكرى 11 أيلول/سبتمبر صباحا، واستقرت في شقة تخص ابنتها تشيلسي. وبعد 90 دقيقة من وصولها للشقة، ظهرت كلينتون في شرفة الشقة، وألقت التحية على الجماهير التي جاءت لاستقبالها.
وقالت كلينتون مخاطبة هذه الجماهير “أشعر أنني على أحسن ما يرام. إنه يوم جيد في نيويورك”.
اضطرت كلينتون إلى مغادرة الاحتفالات، دون أن تصطحب معها مجموعة الصحفيين الذين كانوا من المفترض أن يرافقوها خلال جولتها في ذلك اليوم. وقد ذكر المتحدث باسم حملتها الانتخابية، نيك شيرل أن هيلاري كلينتون توجهت إلى شقتها في نيويورك في حدود الساعة الواحدة بعد الظهر، لكنها لم تظهر للعلن منذ ذلك الوقت.
وأضاف شيرل أن المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون كانت تعاني فقط من “الحمى” خلال مشاركتها في المراسم. وبعد ساعات قليلة، ذكرت طبيبته الخاصة ليزا بارداك، أن هيلاري “بدأت تتعافى وتتماثل للشفاء”.
وأضافت الطبيبة بارداك، التي تنتمي لفريق الحملة الانتخابية لهيلاري كلينتون، أن المرشحة الديمقراطية “كانت تعاني من نوبة حادة من السعال مرتبطة بنوع من أنواع الحساسية”. وبعد تشخيص طويل لحالة هيلاري كلينتون، تبين أنها تعاني من أعراض “الالتهاب الرئوي”. ولذلك “وصفنا لها بعض المضادات الحيوية، ونصحناها بالخلود للراحة ومحاولة تغيير برنامج عملها”، وبعد مشاركتها في هذا الحدث “بدت عليها أعراض الحمى والجفاف”.
لم تقدم الطبيبة الخاصة لهيلاري كلينتون أي تفاصيل حول طبيعة الالتهاب الرئوي الذي تعاني منه، أو أي معطيات تتعلق بنتائج الفحص الطبي الذي خضعت له في الأسبوع الماضي، والذي يمكن أن يثبت ما إذا كانت كلينتون تعاني فقط من حمى عرضية، أو أن حالتها يمكن أن تتحمل تطورات إضافية خلال الأيام القادمة، ما قد يؤثر بطريقة مباشرة على حالتها الصحية.
وذكر أحد المشرفين على الحملة الانتخابية لهيلاري كلينتون يوم الأحد الماضي، أن المرشحة الديمقراطية قامت بإلغاء زيارة رسمية تدوم يومين لولاية كاليفورنيا، كانت مقررة بداية من يوم الاثنين الماضي.
وأظهر فيديو قام بتصويره أحد الحضور، هيلاري كلينتون وهي تحاول البقاء ثابتة في طريقها إلى سيارتها الخاصة أثناء حضورها في الاحتفال الأخير في نيويورك، فقام اثنان من مرافقيها، ممن ينتسبون للاستخبارات السرية بمعاضدتها، حتى تصل إلى سيارتها. كما كشفت صور أكثر دقة أنها كانت تكافح من أجل الوصول إلى سيارتها دون مساعدة، لكنها عجزت عن الثبات.
وأثارت هذه المعطيات تساؤلات حقيقية حول الحالة الصحية لهيلاري كلينتون، وقلة الشفافية التي تعاني منها حملتها الانتخابية قبل أقل من شهرين على حسم سباق الانتخابات الرئاسية الأمريكية، ولذلك يعتقد البعض أن غياب الشفافية قد يؤثر تدريجيا على حظوظ هيلاري كلينتون خلال الانتخابات.
وقد حاول الجمهوريون خلال الأشهر القليلة الماضية بكل الوسائل التشكيك في مدى قدرة المرشحة الديمقراطية، هيلاري كلينتون على خوض سباق المنافسة من أجل الفوز بكرسي رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية. وكان المشككون في القدرات البدنية لكلينتون، التي تبلغ من العمر 68 سنة، يحتجون دائما بنوبات السعال المفاجئة التي تنتابها.
وحاولت هيلاري كلينتون تجاهل مثل هذه المطالب، ولكن في الحقيقة ليست هيلاري كلينتون لوحدها من تواجه هذه المشكلة، فالمرشح الجمهوري، دونالد ترامب الذي يبلغ من العمر 70 سنة، لم ينشر سوى تفاصيل قليلة حول حالته الصحية، وهو ما يجعلهما أكثر مرشحين أمريكيين يتكتمان على طبيعة مؤهلاتهما البدنية في السباق نحو البيت الأبيض.
ولم يعرف عن هيلاري كلينتون أنها تعاني من التهاب في الرئة، إلا عندما انتشر الفيديو الذي يظهرها عاجزة عن الوقوف على قدميها. وفي البداية، عندما انتشر الفيديو، لم يقم أي شخص من الحملة الانتخابية للمرشحة الديمقراطية، بتقديم أي تفاصيل أو معطيات تفسر سبب مغادرتها للمنصة فجأة قبل موعدها، إلى أن دفعتها حالتها الصحية إلى تجاهل فريق الصحفيين الذين كانت مهمتهم متمثلة في نقل أخبار الحملة الانتخابية خلال مناسبتين في اليوم نفسه. ولم يبدي المشرفون على حملتها أي معطيات عما إذا كانت كلينتون تزور طبيبها بصفة مستمرة أو أنها كانت تتناول أدوية أخرى.
ورغم أن درجات الحرارة والرطوبة بلغت معدلات قياسية خلال يوم الاحتفال بذكرى 11 أيلول/سبتمبر في مدينة نيويروك، إلا أن هذه العوامل لم تأثر في دونالد ترامب وشخصيات أخرى مثلما أثرت في هيلاري كلينتون. بينما أكد بعض الحضور أن هيلاري كلينتون لم تكن تعاني من أي علامات ظاهرة للمرض عند وصولها في البداية لموقع مركز التجارة العالمية.
وقد ذكر بيتر كينغ ممثل بلدية نيويورك أن هيلاري كلينتون كانت “تبدو بصحة جيدة”، عند قدومها صباحا في حدود الساعة 08.30 صباحا، لكن بعد ساعة من ذلك الوقت كانت هناك ضجة غير عادية بين الضيوف. وعندما التزم المشاركون الصمت احتراما لأسماء ضحايا العملية الإرهابية، قامت هيلاري كلينتون فجأة بمغادرة المنصة.
وكثفت هيلاري كلينتون خلال الأسبوع الماضي نشاطاتها من أجل جمع تبرعات مادية لصالح حملتها الانتخابية في ولايات أوهايو، وفلوريدا، وكارولينا الشمالية، وميسوري. ويوم الأربعاء الماضي، شاركت في مناظرة تلفزية في قناة “أن بي سي” حول الأمن القومي، بينما شاركت يوم الجمعة في حملة أخرى لجمع التبرعات في ولاية منهاتن، حيث وصفت نصف مساندي ترامب بأنهم “مجموعة من البائسين”.
تحدث الضيوف خلال كلمتهم الافتتاحية عن ضحايا أحداث 11 أيلول/سبتمبر، وعندما أخذ ترامب الكلمة لم يتعرض لموضوع مرض هيلاري كلينتون. لكن ذلك لا ينفي أن المرشح الجمهوري والمساندين له، كانوا يعملون باستمرار على إثارة مسألة الكفاءة الصحية لهيلاري كلينتون خلال الأشهر القليلة الماضية. وقد أثار ترامب شكوكا عديدة حول صحة هيلاري بسبب نوبات السعال المتكررة، وطالب بإصدار كلا المرشحين لتقرير طبي مفصل يوضح حالتهما الصحية، بينما اكتفى هو بنشر تقرير غير دقيق حول حالته الصحية.
ليست هذه المرة الأولى التي يثور فيها جدل واسع حول القدرة الصحية للمرشحين للانتخابات الرئاسية الأمريكية، لكن بعد تطور البيئة الإعلامية الحديثة لم يعد من الممكن التستر على تفاصيل مهمة تتعلق بصحة المرشحين الرئاسيين، مثلما حدث مع روزفلت الذي طغت مسألة قدرته البدنية على مواصلة سباق الانتخابات على حملته الانتخابية في سنة 1944، لكن حملته القوية، وقدرة مساعديه على إخفاء المشاكل الصحية التي يعاني منها روزفلت على مستوى القلب، كانت حاسمة في سباق الانتخابات لكنها بدت عاجزة عن تقديم تبريرات كافية بعدما تداولت كل وسائل الإعلام ذلك الخبر خلال عام واحد من فوزه بالانتخابات الرئاسية.
وبعد روزفلت، واجه بوب دولي، ورونالد ريغن، وجون ماكين الذين خاضوا سباق الانتخابات الرئاسية خلال السبعينيات أسئلة مماثلة حول وضعيتهم الصحية في السباق نحو البيت الأبيض. وقد ذكر سكوت ريد، مدير الحملة الانتخابية للمرشح الجمهوري بول دولي في سنة 1996 أن “المسائل الجسدية التي تتعلق بالمرشح الرئاسي، تبقى من بين أكثر الأمور حساسية مقارنة بموضوع الصحة العقلية، حتى في وجود الطائرات الخاصة، وخدمات الحماية السرية”.
وقد واجه ترامب انتقادات عديدة، بسبب تردده في نشر تفاصيل دقيقة حول حالته الصحية، وقد اكتفى بإعادة نشر تفاصيل غير مهمة كان قد نشرها في شهر كانون الثاني/ديسمبر الماضي. وفي تعليق حول غياب بعض التفاصيل من التقرير الطبي تتعلق بمعدل ضربات القلب، ومعدل الكولسترول في الدم أو تاريخ عائلته، ذكر ترامب أنه “سيكون من بين أكثر الرؤساء الأمريكيين صحة”.
وحاول المشرفون على الحملة الانتخابية لهيلاري كلينتون محاربة هذه الشائعات بطرق مختلفة، من بينها نشر رسالة كتبتها طبيبة هيلاري كلينتون، تؤكد فيها أن المرشحة الديمقراطية “في صحة جيدة”. لكنهم رفضوا دائما الإجابة عن هذه التساؤلات التي اعتبروا أنها محاولة للتهرب من القضية التي تتعلق بالأداء الضريبي لدونالد ترامب.
وفي شهر تموز/يوليو الماضي، أصدرت هيلاري كلينتون وثيقة طبية تتكون من صفحتين، ذكرت فيهما تفاصيل دقيقة حول حالتها الصحية في السنوات الأخيرة، وأشارت فيهما إلى أنها تعرضت لإصابة على مستوى الدماغ عندما كانت وزيرة للخارجية في سنة 2012، وقد تسببت لها هذه الحادثة في ذلك الوقت في نزيف داخلي، ورؤية مزدوجة. وقد ذكرت الطبيبة بارداك أن هيلاري تعافت من هذه الأعراض خلال شهرين من إصابتها بها.
وقد ذكر بيل كلينتون، أن زوجته مرت بستة أشهر عصيبة قبل أن تتمكن من تجاوز مشاكلها الصحية، وهو ما سمح بإثارة تساؤلات عديدة حول مدى خطورة تلك الإصابة، ومحاولة التستر على طبيعة الإصابة التي تعرضت لها هيلاري عندما كانت وزيرة للخارجية، رغم أن هذه الشكوك لم تكن تستند على أي تقارير طبية.
وعندما وجه أحد الصحفيين سؤالا لهيلاري كلينتون حول مدى تأثير مثل هذه الأخبار على سباق الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي اقتربت من خط النهاية، ذكرت المرشحة الديمقراطية أنها “لم تعد تهتم لنظريات المؤامرة التي يوجد الكثير منها”.
المصدر: نيويورك تايمز