إذا بحثنا عن سبب نشير إليه أصابع الاتهام عن ظاهرة مرض الناس المتزايد في سن مبكرة بأمراض القلب والكولسترول، وتساقطهم موتى نتيجة الأمراض السابقة، سيجمع الناس فورَا على أن الإفراط في تناول الدهون هو السبب الشيطاني وراء كل هذه الإصابات المؤدية إلى معدلات مرتفعة من الوفاة، ولكن ماذا عن الحلوى؟ لماذا لا تأخذ الحلوى نصيبًا من التهمة التي تُتهم بها الدهون من قبل الأطباء وخبراء التغذية، ماذا لو كانت مصانع الحلوى والسكر تخدعنا كل ذلك الوقت؟
نحن نقوم بالأبحاث المستمرة على العلاقة بين الدهون والأمراض المزمنة، ولكن هل سمعت من قبل عن الدراسات القائمة على تحليل أساليب التغذية التي تؤدي بنا إلى الأمراض المزمنة كالكوليسترول وارتفاع الضغط وأمراض القلب غير الدهون، ماذا عن علاقة الملح والسكر في نظام التغذية بتلك الأمراض المزمنة، هل يمكن أن يكون للسكر علاقة بأمراض القلب، أو بتآكل وتعفن الأسنان؟ أو هل يمكن أن نطلق صفة السم الأبيض على السكر بالفعل؟
ما العلاقة بين السكر والمرض؟
صور من تجربة ويستون برايس
كانت هناك تجربة بحثية لـ” ويستون برايس” طبيب الأسنان الأمريكي عن علاقة السكريات بصحة الأسنان وبالصحة الجسدية بشكل عام، قام ويستون بتجربة بحثية تضمنت على البشر البدائيين، وقام بفحص كامل لأسنانهم، ومراقبة نظامهم الغذائي، والذي لا يعتمد على دهون نباتية مصنعة كالتي يعتمد عليها نظامنا اليومي، حيث اكتشف ويستون الكثير من المناطق البعيدة عن الحضارة في كثير من البلاد الأوروبية في بداية تجربته، وقام بتحليل ما يتناوله من أطعمة في معمله، كما قام بتحليل حالتهم الصحية، ليجد أنهم في حالة جسدية سليمة، وأنهم يتمتعون بأسنان قوية، وسليمة الشكل والتركيب، كما أن لديهم مناعة قوية ضد الأمراض المزمنة وأمراض الأسنان وبالأخص ضد عفن الأسنان.
وجد ويستون أن أغلب تلك المجتمعات البدائية والبعيدة عن الحضارة والتي لا يوجد في متناولها أية فرصة لتناول الزيوت المهدرجة أو الدهون النباتية المصنعة، أو الحلوى المصنعة أو الأطعمة المحفوظة أن نظام غذائهم اليومي يتمحور على كل ما كان طبيعيًا، مثل الخبز، والمحاصيل الزراعية مثل الكرنب والبطاطا، كما كانوا يتناولون البسيط من اللحم، وهو ما كان مرة كل أسبوع، في حين إذا عقد ويستون المقارنة بين حالة هؤلاء الأطفال الصحية وأطفال الحضر، وجد أن أطفال الحضر يعانون من تآكل ملحوظ في الأسنان، وحالة جسدية ضعيفة، بالإضافة إلى قابلية شديدة لتلقي الأمراض، وبالأخص الخاصة بالأسنان، وبتحليل ويستون للنظام الغذائي لأطفال الحضر، وجد أنه يعتمد على الأطعمة التي تحتوي على كميات كبيرة من السكر، والدقيق، والحلوى، والكثير من الحلوى المحفوظة والشوكلاتة.
تجربة ويستون برايس
قام ويستون في النهاية بالتجربة على أخوين يعيشان في نفس المنزل أحدهما يتناول الطعام البدائي، والآخر يتناول الطعام المتمدين والحلوى المصنعة، ليجد أن الأول في حالة جسدية سليمة، وأسنان سليمة الشكل والتركيب، والآخر بدأ في التعرض لضعف المناعة، وبداية اضمحلال في الأسنان.
مقارنة بين المجتمعات المدنية والمجتمعات المتحضرة بالنسبة لسلامة الأسنان
ارتفعت معلات الإصابة بأمراض القلب بمعدل ثلاثة أضعاف عما كانت عليه في بداية القرن العشرين، وكان ذلك بالأخص في الولايات المتحدة الأمريكية، ليقوم أحد علماء جامعة هارفرد ويُدعى البروفيسور “كييز” بدراسة أطلق عليها دراسة السبع دول، والتي تضمنت مقارنة النظام الغذائي في سبعة دول تضمنت دول البحر المتوسط والولايات المتحدة الأمريكية، ليجد أن الدول المطلة على البحر المتوسط من أقل الدول إصابة بالأمرض القلبية، وبتحليل نظام غذائهم وجد أن دول البحر المتوسط تتمتع بنظام غذائي قليل الدهون وقليل السعرات الحرارية مقارنة بنظام الدهون النباتية المصنعة الذي يعتمد عليه المجتمع الأمريكي، ومن هنا، جاءت ثقافة الحمية الغذائية التي يدعو خبراء التغذية إليها، مشيرة إلى أن الدهون والزيوت المهدرجة هي السبب الرئيسي للإصابة بأمراض القلب والكوليسترول، حيث قدم خبراء التغذية نظام “الحمية ذات الدهون القليلة”، ليرضاه المجتمع ويبدأ العديد في تطبيقه، لكي لا يكونوا جزءًا من أعداد الوفيات المتزايدة بشكل جنوني نتيجة أمراض القلب.
السكر، السم الأبيض
اعتبرت شركات الأطعمة المحفوظة الشعار السابق شعارًا لمنتجاتها، حيث لن يشتري العامة كل ما يحتوي على الكثير من الدهون، ولكن بالطبع سيقومون بالتفكير مرة أخرى في شراءه إن كان عليه شعار “قليل الدهون”.
بدأت شركات الأطعمة في صناعة من نوع جديد، في عملية مبتكرة لتحويل للاعتماد الكامل على أن يجعل زبائنه مرضية بما يتذوقوه، وهو ما جعل تلك الشركات تعتمد على كل ما يمكن فعله لجعل المذاق واحدًا، حتى ولو كانت المكونات الداخلية مضرة، أو غير صحية، لتتجه صناعة الأطعمة نحو “السكر”.
“القليل من الدهون، ولكن المذاق واحد”
بدأت الدراسات البحثية حول السكر منذ عام 1808، والتي أفاد بعضها بأن السكر ليس مضرًا فحسب، بل هو سام، حيث قام الأبحاث الأولية باختبار السكر على الحيوانات، وذلك لأنه المكوّن الأكثر رخصًا بالنسبة لبقية أطعمة الحيوانات المختلفة، لتكون النتيجة غير مرضية على الإطلاق، والتي كانت موت العديد من الحيوانات بعد تناولهم السكر لفترة زمنية معينة، كما قام بعض العلماء بتطبيق التجربة على حيواناتهم المنزلية، ليجدوا أن الكلب الذي يشرب مياه تحتوي على سكر وزيت زيتون يموت أسرع بكثير من الكلب الذي يشرب مياه عادية، لتكون النتيجة البحثية أن السكر لا يحتوي فقط على فيمة غذائية، وإنما يقوم بالتأثير سلبًا على الصحة الجسدية.
ما الذي فعلته شركات السكر تجاه ذلك؟
قامت شركات انتاج السكريات بخداعك بكل حرفية. كوكا كولا، بيبسي، نستله، شركات الشوكلاتة والبسكويت، وإلى آخرها من الشركات التي تعتمد على السكر في إنتاجيتها، قامت بتطويع طريقة تسويقها للمنتجات لتناسب ما يفكر فيه المشتري، فلا يريد المشتري أن يشرب أو يأكل شيء ملييء بالدهون، لذا قامت الشركات بوضع المزيد والمزيد من السكريات من أجل تطويع المذاق، ومن ثم وضع ملصق على المنتج يشير إلى أنه لا يحتوي على الكثير من الدهون، فيشتريه العامة، ليستسيغوا المذاق، ويحبون الفكرة، وترتفع المبيعات بشكل جنوني، وذلك لأن المخ سيميل إلى إدمان السكريات بنفس الميكانيكية التي يدمن بها الإنسان الكوكايين، ويستطلب الأمر المزيد والمزيد من الاستهلاك، وهو ما حدث بالفعل.
لا يكون السكر في الحلوى فقط، أو كل ما كان حلو المذاق فحسب، لقد وجد السكر طريقه للتواجد في أغلب ما يتناوله الإنسان يوميًا في طعامه.
ستجد السكر في الهوت دوغ، وستجده في الخبز، وفي المعكرونة، ليجد السكر طريقه في أغلب مكونات الطعام تحت مسميات مختلفة على الملطق الخارجي، فليس شرطًا أن تجد كلمة سكر بذاتها وإنما ستجد جلوكوز، لاكتوز، دبس السكر، السكروز، وغيره من المسميات العلمية المختلفة، والتي لا تشير لشيء إلا أن هذا المنتج يحتوي على السكر بالتأكيد.
لا تتوقف تلك الشركات عند هذا الحد، بل قامت برشي العديد من مراكز الأبحاث العلمية بمبالغ نقدية ضخمة من أجل التلاعب بالنتائج البحثية الخاصة بالسكر، فكانت كوكا كولا، اكبر الشركات المصنعة للمشروبات السكرية، من الشركات التي أثبت عليها أنها قامت بالتلاعب النتائج البحثية من أجل إخفاء حقائق حول علاقة السكر المباشرة بظاهرة الإفراط في الوزن طبقًا لتقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز.
لطالما كانت الدهون المشبعة، والزيوت المهدرجة والدهون النباتية المصنعة محور اهتمام خبراء التغذية وتوصيات الأنظمة الحكومية الخاصة بالتغذية في الدول المتقدمة، ولا يتم الإشارة إلى تأثير السكر المباشر على أمراض القلب، وظاهرة الإفراط في الوزن وتسوس الأسنان، حيث بدأت منظمة الصحة العالمية مؤخرًا، بالتحذير بسيط اللهجة حول خطر الإفراط في السكر على الصحة الجسدية وصحة الأسنان.
لا يحبذ تناول السكر إطلاقًا في برامج الحمية الغذائية، كما أثبتت الدراسات الحديثة تأثيره السلبي على تعافي مرضى السرطان من المرض، حيث يُنصح مريض السرطان بالابتعاد تمامًا عن تناول السكريات، وذلك بسبب تأثيره السلبي على الجهاز المناعي لدى الإنسان.
لماذا يمرض الناس أكثر من ذي قبل، ولماذا ماتت الكلاب عندما شربت مياه محلاه بالسكر، ولماذا هناك المزيد من المصابين بإفراط في الوزن، ولماذا هناك المزيد من مرضى السرطان، ومن المتوقع زيداة الإصابة بالسرطان بنسبة 50% بحلول عام 2020، هل سألت نفسك لماذا من الصعب أن تخسر بعض الكيلوات من الوزن، أو لماذا تستمر في زيادة الوزن بشكل جنوني؟
ربما لأن العدو الأصلي يتم التحايل عليه بكل الطرق من قِبل الشركات المنتجة، وأننا بالفعل نتناول كميات أكثر بكثير مما نتخيله من السكر يوميًا، فإذا تخيلت كل منتج تقوم بتناوله يوميًا بأنه جرامات من السكر، ربما ستتوقف عن تناول السكر لبقية حياتك، وربما لأنه نوع آخر من الإدمان لا يأخذه الناس في الاعتبار، فالسكر يعمل عمل الهروين، حيث يقوم بإفراز هرمون الدوبامين ، وهو الهرمون الذي يشعر الإنسان بالسعادة، ويعطيه شعور بالانتعاش والطاقة، وهو ما يحتاجه الإنسان يوميًا ليقوم بالإنتاج.
“نحن نعلم أن هناك حملة مضادة، لذا سنحاول محاربتها قدر الإمكان” كان هذا هو ما قاله البروفيسور هيكسون من جامعة هارفرد في الخمسينات من القرن الماضي، وهو من قام بالتحايل على أبحاث جامعة هارفرد مقابل المال لجعل النتيجة تأتي في صالح السكريات، واخفاء الحقيقة الصادمة حولها!