زار أمير دولة قطر تميم بن حمد آل ثاني بريطانيا أمس الخميس والتقى برئيسة الوزراء تيريزا ماي، التي أكدت خلال لقاء لهما على أهمية الزيارة في تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين في مختلف المجالات، السياسية والاقتصادية، الإقليمية والدولية. لاسيما المستجدات على الساحة السورية وضرورة وقف إطلاق النار والتهجير القسري وتفعيل الحلول الدولية ووضعها حيز التنفيذ.
العلاقات البريطانية القطرية توصف بأنها متينة حيث تجاوز الاستثمارات المتبادلة والتجارة البينية بين البلدين الـ 50 مليار جنيه استرليني. كما لدى البلدين اتصال وتعاون على مستوى الدفاع والأمن. فلندن تشارك في دعم القوات القطرية في خططها لإعادة البناء وبرامج الإصلاح وتنمية القدرات.
معظم الغاز الطبيعي المسال المورد إلى أوروبا قادم من قطر بنسبة 13%.
أما مسألة الغاز فقد يكون لقطر في أوروبا شأن كبير في المستقبل، فالغاز القطري منافسًا للغاز الروسي الذي يستحوذ على حصة الأسد من واردات أوروبا، في الوقت الذي تسعى فيه أوروبا بالعدول عن الاعتماد على الغاز الروسي بشكل كبير من خلال التنويع، والتخلص من هيمنة روسيا وفرض سيطرتها على الغاز إلى أوروبا.
علمًا أن أوروبا تعاني من تعارض في المصالح بين الاستراتيجية السياسية الساعية إلى عزل روسيا وتكبيدها خسائر كبيرة بعد ضمها لجزيرة القرم والتدخل في أوكرانيا، وبين حصولها على الغاز الروسي الرخيص والمضمون.
وقد بدأت صادرات الغاز القطري إلى أوروبا تتزايد في الأعوام الفائته وباتت قطر تلعب دورًا مهمًا في توليد الطاقة لأوروبا وخاصة في بريطانيا. حيث سبق لبريطانيا أن وقعت مع “قطر غاز” اتفاقًا في العام 2013 لشراء نحو 3 ملايين طن من الغاز الطبيعي المسال سنويًا بقيمة 4.4 مليار جنيه استراليني، سيمتد الاتفاق لمدة أربع سنوات ونصف، ويعد امتدادًا للاتفاق الموقع في العام 2011 لتوفير الغاز لنحو 3 ملايين منزل، ما يعادل 13% من احتياجات الغاز الطبيعي السنوية في بريطانيا.
واعتبر وزير الطاقة البريطاني وقتها أن توقيع هذا الاتفاق يمثل حجر الأساس لأمن بريطانيا المستقبلي في مجال الطاقة، بفضل الاتفاق الطويل الأمد مع قطر التي وصفها بالمورد الموثوق للغاز المسال.
الغاز القطري بدل الروسي في أوروبا
إذا لم تتمكن شركة غاز بروم الروسية من تسوية خلافاتها القائمة منذ دخولها جزيرة القرم مع أوكرانيا، فإن إمدادات الغاز الطبيعي ستواجه نقصًا كبيرًا في أوروبا بحسب دراسة أوروبية تناولت آفاق الطافة في دول الاتحاد خلال الـ 35 عامًا الماضية وحتى العام 2050. حيث ستفقد أوروبا أكثر من 50 مليار متر مكعب من الغاز في حال إيقاف الحكومة الأوكرانية عبور الغاز الروسي نهائيًا إلى باقي دول الاتحاد الأوروبي.
تتراوح كميات الغاز الروسي الموردة إلى أوروبا بين 150 و 180 مليار متر مكعب سنويًا.
وفي مواجهة هذا النقص ستلجأ أوروبا إلى دول أخرى غير روسيا، وقد تناولت الدراسة دولة قطر كأحد الدول المرشحة لتعويض أوروبا عن الغاز الروسي، إلى جانب الغاز الصخري من الولايات المتحدة، إلا أن الدراسة أشارت أن الغاز الصخري غير قادر على المنافسة في أوروبا بسبب تكلفته العالية. حيث تعد كل من روسيا وقطر الدولتان الوحيدتان اللتان تملكان احتياطيات ضخمة ومنشآت لتصدير الغاز بسعر رخيص وثابت ومضمون على الأمد البعيد.
تمد روسيا الاتحاد الأوروبي بنسبة 40% من إجمالي الإمدادات الخارجية للغاز الطبيعي، والنرويج ما نسبته 37%. بينما ستختفي إمدادات الجزائر والمقدرة بنحو 7% في حال لم تحل الجزائر مشكلة الاحتياطيات المتناقصة والطلب المحلي المتزايد على استهلاك الغاز في توليد الكهرباء حيث أشارت إحصائيات صادرة عن شركة “بريتش بتروليوم” أن احتياطي الغاز الجزائري سيواصل التآكل في الوقت الذي يرتفع فيه الاستهلاك المحلي وأن الجزائر ربما توقف كليًا تصدير الغاز الطبيعي خلال الـ 12 عامًا مقبلة. بينما تمد ليبيا الاتحاد الأوروبي بنحو 2%.
سجلت قطر المرتبة الأولى عالميًا لتسعة سنوات في تصدير الغاز الطبيعي المسال
أثارت الدراسة فكرة توقف توريد الغاز الروسي كليًا عبر أوكرانيا، حيث قدرت الإمدادات الغاز الروسية بحوالي 54 مليار متر مكعب سنويًا. وأشارت الدراسة أن الغاز الطبيعي المسال من قطر سيتمكن من سد جزء من تلك الفجوة المُشكلة. وقد قابلت قطر خلال الأعوام الماضية الأسواق الأوربية باهتمام كبيبر حيث بلغت حصة صادرات أوروبا من الغاز القطري المسال نحو 50%.
تعد قطر أكثر دول العالم تصديرًا للغاز المسال في العالم حيث بلغت إمداداتها في العام الماضي حوالي ثلث الإمداد العالمي للغاز الطبيعي المسال، وبحسب تقرير صادر عن الاتحاد الدولي للغاز فإن قطر سجلت المرتبة الأولى عالميًا في العام 2014 بتصدير الغاز الطبيعي المسال للمرة التاسعة على التوالي حيث بلغ حجم التصدير لديها 76.8 مليار طن في حين بلغت الإمدادات العالمية للغاز الطبيعي المسال نحو 241 مليون طن. وفي حال انقطاع الغاز الروسي من أوكرانيا إلى أوروبا فإن قطر ستلعب دورًا أكثر أهمية على الساحة العالمية في صراع الطاقة بين الدول المصدرة.