ترجمة من الإسبانية نون بوست
سيصوت الروس يوم الأحد المقبل، من أجل انتخاب برلمان جديد، ولا أحد يشك أن الفوز سيكون من نصيب حزب روسيا الموحدة، أي حزب فلاديمير بوتين، إلا أنه هناك شكوك تحوم حول ما سيحصل فيما بعد.
ويروج حول هذه الانتخابات أنها الأكثر مللاً في العالم بالنسبة لهذه السنة، كما أنه من المتوقع جدا أن تكون النتيجة في صالح الحكومة الحالية. ومن الواضح أن الروس أصبحوا منهكين من المطالبة بتغيير الأمور، وأصبحوا متراخين على القيام بذلك.
ومن ناحية أخرى، فإن الانتخابات البرلمانية القادمة، هي اختبار جديد لسلطة بوتين وشعبيته التي بلغت نسبة 82%، كما أن هذه الشعبية، حجة قوية للرئيس الروسي للترشح مرة أخرى للانتخابات الرئاسية في عام 2018، ومنافسة القائد الثاني للاتحاد السوفياتي، ستالين، من حيث عدد السنوات المقضاة على كرسي الحكم.
وتأتي هذه الانتخابات في فترة زمنية تعاني خلالها روسيا من شلل سياسي، ركود اقتصادي ضاعف من نسبة البطالة وأثرت سلبًا على الالتزام بوعود مثل الزيادة في الأجور، كما أنه بسبب الأزمة الاقتصادية، التهمت الدولة جميع المنح المعلن عنها، جراء التضخم الذي عرفته البلاد في عام 2015، والذي بلغت نسبته حوالي 13%.
وتجدر الإشارة إلى أنه يوم الأحد، سينتخب الروس نواب مجلس الدوما (مجلس النواب في البرلمان الروسي) وأعضاء المجالس التشريعية الإقليمية ورؤساء عدة مناطق اتحادية في جمهورية الشيشان، كومي، أوسيتيا الشمالية، تولا، تفير وأوليانوفسك، إلا أنه في المناطق التي يسيطر عليها الحزب الشيوعي، هناك إمكانية جني صفر من الأصوات، في هذه المناطق الأكثر تضررًا من الأزمة الاقتصادية.
وفي هذا الإطار، قال زعيم الشيوعيين الروس، غينادي زيوغانوف: “ما يحدث الآن على أرض الواقع، هو تحديدًا، تلقي وعود من قبل المتواجدين على رأس السلطة بضمان انتخابات نزيهة وذات مصداقية، إلا أنه في حقيقة الأمر، لا يوجد أي حوار سياسي، وكل شيء قذر ومثير للاشمئزاز”.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن الحملة الحالية للانتخابات التشريعية التي ستباشر في 18 من أيلول/ سبتمبر، هي الأقذر على الإطلاق منذ سقوط الاتحاد السوفيتي، كما أنه تلت الانتخابات الماضية، الكثير من الجدل، خاصة عند الإعلان في أيلول/ سبتمبر 2011 عن أن “فلاديمير بوتين سينافس من أجل الوصول إلى الكرملين من خلال الانتخابات الرئاسية في عام 2012”.
وقد شهدت روسيا إثر احتفالات رأس السنة التي تلت احتجاجات الربيع العربي، أعمال شغب في موسكو وحركة من الاحتجاج التي ساهمت في تآكل شعبية الرئيس الروسي.
دون صدمات أو احتجاجات
هذه المرة يلاحظ أن الشوارع هادئة، كما فشلت المعارضة خارج البرلمان، في توسيع نطاق جدران السلطة حتى الآن، وأصبحت لا تشترط جدول أعمال الحكومة أو تتدخل في ذلك، وأصبحت لا تتدخل إلا في الإجراءات القضائية الخاصة بها، وحروبها الداخلية وأصبح يلاحظ أنه يخيم عليها نوع من الخوف.
وفي هذا الإطار، يحذر المحلل إيكاترينا شولمان من أن “الانتخابات الحالية تحمل نتائجًا متوقعة وعواقب غير متوقعة”، ويذكر شولمان أن “مجلس الدوما يعتمد على الحكومة، وتعتمد الحكومة على أسعار النفط”.
وجدير بالذكر أن البرلمان المقبل والذي ستحدد مصيره انتخابات يوم الأحد، سيشهد إعادة انتخاب الرئيس أو نائبه على مستوى رئاسة الدولة في عام 2018، كما أن شعبية بوتين لا تزال في ارتفاع ولكن الحزب الحاكم أصبح يعاني من تراجع شعبيته وباستمرار.
وفي هذا السياق، اتهمت الحكومة الروسية هذا الشهر، المركز الرئيسي لعمليات المسح المستقلة للبلد، مركز ليفادا، بتلقي تمويلات من الولايات المتحدة الأمريكية والعمل لصالحها، وكنتيجة لذلك تم وضعه على قائمة “العملاء الأجانب”.
ومن الواضح أن وضعه على رأس هذه القائمة، سيكون من الأسباب التي ستعرقل عمل ليفادا وتعقد وظيفته في هذا البلد الذي يتم فيه مطاردة العاملين لدى مراكز عمليات المسح ويتهم العمال الأجانب داخل ترابها “بالتجسس”.
وفي نفس الإطار، تجدر الإشارة إلى أن جزء من تمويلات مركز ليفادا متأتية من الولايات المتحدة الأمريكية، على سبيل المثال من خلال منحة مقدمة من جامعة ويسكونسن، ووفقًا لوزارة العدل، فإن الجامعة تشرف على منظمات وهياكل من بينها البنتاغون.
وقد بدأت عمليات “المطاردة” في عام 2013، وذلك من خلال مضايقة المنظمات غير الحكومية ولأسباب مماثلة، ولكن لا أحد تقريبًا يتذكر هذه الممارسات، والسؤال الذي يطرح في هذه المرحلة، هو أين سيحوم السخط هذه المرة؟
من الممكن أن تأتي بعض المفاجآت، مثل ظهور محتمل لنواب مستقلين أو حطام من أسماء مهمة من المعارضة، من خلال إنشاء نظام جديد ومختلط للانتخابات بما يتناسب مع مجلس الدوما.
في المجموع هناك 450 نائبًا، سيتم انتخاب 225 منهم من قبل الدوائر الفردية و225 وفقًا لقوائم الحزب، وبالإضافة إلى ذلك، فقد تبنت العديد من الحركات السياسية في روسيا، بما في ذلك “روسيا الموحدة”، في الآونة الأخيرة، عمليات انتخابات تمهيدية لاختيار مرشحيهم.
ويعتقد الكاتب ناتاليا إنتونوفا، أنه “رغم أن التلفزيون يتحدث عن الاستقرار، فإن الناس يعرفون أن ما يبثه مجرد مهزلة لا تمثل الواقع، وذلك لأنهم على يقين بأن الاقتصاد لا يمكنه الصمود كما أن كل النظام يعتمد على فلاديمير بوتين”.
كما يرى الكاتب أن الشعب الروسي يمر “بأزمة في حركة بطيئة، وعلى الرغم من أن نتائج يوم الأحد لا تخيف الروس، إلا أن ما سيترتب عن هذه الانتخابات سيحدث حلقات من عدم اليقين.
المصدر: الكونفسديال