الإخوان استمروا في التظاهرات السلمية بعد مقتل الآلاف من مؤيديهم
جاء موقف سلطات الانقلاب العسكري باعتبار جماعة الإخوان المسلمين “جماعة إرهابية” مفاجئا في ذاته متفقا مع بقية المواقف المتطرفة التي يُصر النظام العسكري في مصر على اتخاذها منذ الإطاحة بالرئيس محمد مرسي في ٣ يوليو الماضي.
القرار الحاد جاء الأربعاء الماضي، عندما أعلنت الحكومة -المُعينة من قبل الجيش- جماعة الإخوان “إرهابية” وجميع أنشطتها “محظورة”، واتهمتها بتنفيذ التفجير الذي استهدف مبنى مديرية أمن محافظة الدقهلية، شمالي البلاد، الذي وقع فجر الثلاثاء الماضي وأسفر عن مقتل 16 شخصا، وذلك رغم إدانة الجماعة للحادث، ونفيها المسؤولية عنه، وتبني جماعة تدعى “أنصار بيت المقدس” مسؤولية الهجوم.
ورغم التعدي الواضح من قبل السلطات التنفيذية، والتي تمثلها حكومة مصر، على اختصاصات السلطات القضائية والمختصة بإصدار توصيفات من هذا النوع، إلا أن سلطات الانقلاب العسكري سارعت بمخاطبة سفارات العالم لاعتبار الإخوان جماعة إرهابية، في رعونة كشفت حجم السذاجة التي يحكم بها الجيش مصر.
فعلى الرغم من أنه لا توجد أي أدلة على الإطلاق على كون الإخوان المسلمين جماعة إرهابية، إلا أن السلطات المصرية اعتقدت أن دول العالم ستستجيب لطلب الجيش المصري الذي يقف خلف الحكومة باعتبار الإخوان إرهابيون.
الاتحاذ الأوروبي على سبيل المثال يضع شروطا واضحة للغاية لاعتبار منظمة ما إرهابية، وتشترط لوائح وقواعد الاتحاد الأوروبي صدور قرار قضائي قبل حظر شخص أو مجموعة بتهمة الإرهاب، وفي الدول التي لا يوجد بها نظام قضائي فعال يمكن قبول قرار من السلطة التي تحل محل القضاء في هذا البلد.
وتوافق أعضاء الاتحاد الأوروبي في هذا القرار على تعريف الإرهاب بأنه “العمل العمدي الذي قد يؤدي – في طبيعته وسياقه- إلى إلحاق خسائر فادحة بدولة أو منظمة دولية ويعتبر جريمة وفق القانون الدولي ويشمل ذلك الهجمات على الأشخاص والتي تؤدي إلى الوفاة، والخطف واحتجاز الرهائن، وإلحاق الدمار الواسع بمنشأة عامة أو وسيلة مواصلات أو بنية تحتية، واختطاف الطائرات والسفن ووسائل المواصلات الأخرى، وتصنيع وحيازة وامتلاك ونقل وتوفير الأسلحة والمتفجرات والأسلحة الكيمياوية والبيولوجية والنووية، والمشاركة في أنشطة جماعة إرهابية بأي طريقة مع إدراك حقيقة أن مثل هذه المشاركة هي ضلوع في أنشطة اجرامية”.
ويشترط الاتحاد – لاعتبار هذه الأنشطة ارهابية – أن تهدف إلى إكراه العامة أو إجبار حكومة أو منظمة دولية على القيام أو الامتناع عن القيام بعمل أو زعزعة استقرار أو تدمير البنية الاجتماعية أو الاقتصادية أو الدستورية أو السياسية لدولة أو منظمة دولية.
ورغم أن العسكر في مصر يعتمدون في تمويلهم وفي الدعم السياسي على المال المتدفق من دول الخليج، إلا أن دولة الكويت تجاهلت أول أمس القرار المصري ورفضت اعتبار الإخوان منظمة إرهابية، وهو ما يؤكد أن دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لن يلتزما بقرار مثل هذا.
وبغض النظر عن تهافت ادعاءات السلطات المصرية، إلا أنه سياسيا، وبافتراض جدلي، حتى لو فكر قادة العالم خاصة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي باعتبار الإخوان منظمة إرهابية، فإن هذا سيكون طعنا مباشرا في شرعيتهم أمام شعوبهم، حيث أبدت دول العالم احترامها للانتخابات الرئاسية في مصر ونتائجها التي أتت بالإخوان، فيما أفردت صحف العالم صفحات طويلة للحديث عن الإخوان والتفرقة بين نموذجهم والنموذج “الإرهابي” الذي تمثله الجماعات التكفيرية والجهادية التي يعرفها الغربيون جيدا.