تتواصل الاحتجاجات الاجتماعية، للأسبوع الثاني على التوالي، في مدينة فرنانة التونسية التي تقع في شمال غرب العاصمة تونس، على خلفية وفاة شاب أحرق نفسه، في وقت أعلن فيه رئيس الحكومة عن إقالة ثلاثة مسؤولين في الجهة دون ذكر أسباب القرار.
إقالة ثلاثة من كبار مسؤولي الجهة
بعد قرابة أسبوعين من الاحتجاجات المتواصلة التي تشهدها مدينة فرنانة، قرّر رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد، أمس الجمعة، إقالة ثلاثة من كبار مسؤولي محافظة جندوبة.
وجاء في بيان لرئاسة الحكومة، “قرر رئيس الحكومة يوسف الشاهد إعفاء كل من والي (محافظ) جندوبة، ومعتمد (مسؤول محلي) فرنانة، وكاتب عام بلدية فرنانة من مهامهم”.
ولم يذكر بيان رئاسة الحكومة المنشور على صفحتها الرسمية على “فيسبوك”، أسباب الإعفاءات، التي جاءت عقب حالة الاحتقان التي تعيشها منطقة فرنانة.
يرجع متابعون للشأن التونسي، سبب القرار الأخير لرئاسة الحكومة التونسية، إلى رغبة الحكومة في تخفيف الاحتقان
وسبق لرئيس الحكومة يوسف الشاهد، أن طالب بهدنة اجتماعية عن طريق العودة إلى العمل والكف عن الاحتجاجات والإضرابات، من أجل عودة الإنتاج والتسريع في نسق النمو الاقتصادي للبلاد، كما تعهد بالعمل على إيلاء ملف تنمية الجهات المحرومة الأولوية في برنامج عمل حكومته.
ويرجع متابعون للشأن التونسي، سبب القرار الأخير لرئاسة الحكومة التونسية، إلى رغبة الحكومة في تخفيف الاحتقان الذي تعيش على وقعه مدينة فرنانة شمال جندوبة في الأسبوعين الأخيرين.
ورحب أهالي الجهة بقرار إقالة المسؤولين الثلاثة، معتبرين هذا القرار بداية النصر على الظلم والفساد، على أمل تشكيل لجنة تشرف على مشاكل المنطقة، وترفع الظلم والتهميش عنها.
بداية الاحتجاجات
احتجاجات مدينة “فرنانة”، جاءت على خلفية المطالبة بنصيب المنطقة من التنمية والتشغيل وللتعبير عن تضامن المحتجين مع الشاب وسام النصري (39 سنة) صاحب المقهى الذي أقدم يوم الأربعاء السابق على حرق نفسه أمام مقر بلدية فرنانة، بسبب ما اعتبرها “ضغوطات اجتماعية حالت دون قدرته على تسديد معاليم خطايا وأداءات (ضرائب) مستوجبة لفائدة النيابة الخصوصية للبلدية”، حسب شهود عيان.
ورفع أهالي فرنانة خلال احتجاجاتهم شعارات تطالب بالحق في التنمية وأنهم جهة تعاني من الفقر والتهميش.
قام المحتجون بقطع كل الطرق والمنافذ الموصلة إلى المدينة وعدد من المؤسسات العمومية والخاصة
وفي السياق ذاته، حاول مئات المحتجين، اقتحام محطة ضخ المياه “بجنتورة” لقطع المياه الصالحة للشراب عن منطقة تونس الكبرى (محافظات تونس، وأريانة، ومنوبة، وبن عروس) قبل أن يتدخل الجيش والأمن ويمنعونهم من فعل ذلك.
كما قام المحتجون بقطع كل الطرق والمنافذ الموصلة إلى المدينة وعدد من المؤسسات العمومية والخاصة، ويصر المحتجون على عدم رفع الاحتجاجات حتى تحقيق مطالبهم، وتنفيذ مشاريع في المدينة التي تشكو من الإهمال والتهميش.
ويؤكّد الأهالي أن مدينتهم تعاني من ضعف التنمية والتهميش وافتقارها لأبسط المرافق العمومية ومقومات العيش، مطالبين بضرورة تدخل عاجل لتنفيذ مطالبهم التي أعلنوا تمسكهم بها إلى حين تحقيقها.
يعكس تطور الاحتجاجات في مدينة فرنانة وغيرها من المدن التونسية، حالة القلق العميق التي تعيشها المناطق الداخلية المهمشة
وفي بيان صادر عن أهالي مدينة فرنانة، طالب المحتجون بتركيز المنشآت العامة والخدماتية في المدينة على غرار المستشفيات وشركات المياه والكهرباء، إضافة إلى تغيير المسؤولين الإداريين وفتح تحقيق في شبهات الفساد في بعض الإدارات العامة في المنطقة.
وشدّد المتظاهرون كذلك على ضرورة استحداث منطقة صناعية في فرنانة توفر فرص العمل لشبابها وتوسعة المنطقة السقوية.
ويعكس تطور الاحتجاجات في مدينة فرنانة وغيرها من المدن التونسية، حالة القلق العميق التي تعيشها المناطق الداخلية المهمشة، الأمر الذي يستدعي تدخلاً عجلاً من الحكومة ووضع حد لتدهور القدرة الشرائية، وارتفاع نسبة البطالة خاصة عند فئة الشباب، لتفادي مزيد من الاحتجاجات التي من الممكن أن تعجل بإسقاط حكومة الشاهد.