تعد الأعياد من أبرز المواسم التي تشتعل فيها المنافسة بين الأعمال السينمائية المختلفة، حيث يتصارع المنتجون والفنانون من أجل تحقيق أعلى إيرادات ممكنة دون النظر إلى مضمون ما يقدم، استنادًا إلى القاعدة الفقهية السينمائية (الجمهور عاوز كده).
وخلال هذا العيد اشتعلت شاشات السينما في مختلف محافظات مصر ومدنها بعدد من الأفلام التي انحصرت معظمها في الإطار الكوميدي المعروف، فما بين النقل والتقليد من جانب، والبحث عن أعلى إيرادات من جانب آخر، يقع المواطن ضحية هذا الصراع.
“نون بوست” في هذه الجولة الفنية السريعة، يستعرض أبرز الأفلام المقدمة في عيد الأضحى، وميزانيات إنتاجها، إضافة إلى ما حققته من إيرادات حتى الآن، وصولاً إلى استعادة الكوميديا النظيفة رونقها من جديد لتصبح نجم الشباك الأول بعد سنوات من التراجع أمام الأعمال المبتذلة، والتي لاقت رواجًا كبيرًا في المجتمع.
كلب بلدي
تدور أحداث الفيلم في إطار كوميدي فانتازي حول طفل ترضعه كلبة، وعندما يكبر يصبح صاحب قوة خارقة، تساعده على سرقة الكلاب وبيعها.
الفيلم من إخراج معتز التوني، بطولة أحمد فهمي وبيومي فؤاد وأكرم حسني.
تحت الترابيزة
تدور أحداث الفيلم في إطار كوميدي حول عاصم سنجاري المحامي الذي يتعرض لحادث قطار يجعله يتحول إلى شخص آخر هو حنكو، ويبدأ في الترافع في عدد من القضايا وهو تحت تأثير شخصيته الجديدة، ونظرا لتراجع إيرادات الفيلم على عكس المتوقع في ظل تكرار الدور الذي قدمه بطل الفيلم الفنان محمد سعد مع بقية الأدوار السابقة، تم سحب الفيلم من دور العرض بصورة مؤقتة.
الفيلم من إخراج: سميح النقاش، بطولة: محمد سعد، وعزت أبو عوف، وحسن حسني، ولطفي لبيب.
لف ودوران
تدور أحداث الفيلم في إطار كوميدي حول مرشد سياحي يتعرض للعديد من المواقف الكوميدية نتيجة لطبيعة عمله، مرشد سياحي شاب يعيش مع عائلته المكونة من أربع سيدات هن أمه وجدته وشقيقته وخالته، هو رجلهم الوحيد لكنه يحلم بالهجرة للخارج، بسبب موقف طارئ يسافر إلى شرم الشيخ مع امرأة أجنبية بصحبة قريباته الأربع، ليكتشف وجوده مع فتاة (دنيا سمير غانم) عليه التظاهر بأنها زوجته، فتتآمر القريبات معها من أجل إثنائه عن فكرة الزواج من الأجنبية والسفر.
الفيلم من إخراج: خالد مرعي، بطولة: أحمد حلمي، ودنيا سمير غانم، وجميلة عوض، وبيومي فؤاد.
حملة فريزر
تدور أحداث الفيلم في إطار كوميدي حول موجة من الصقيع تتعرض لها مصر، فيقرر رجال المخابرات السفر إلى إيطاليا لعمل شيء يوقف هذه الموجة، متنكرين في زي فريق عمل فيلم سينمائي، وهناك يتعاونون مع الممثل الفاشل مديح البلبوصي وتتوالى الأحداث.
العمل من إخراج: سامح عبدالعزيز، بطولة: شيكو، وهشام ماجد، وبيومي فؤاد، زنسرين أمين.
صابر جوجل
تدور أحداث الفيلم في إطار كوميدي حول صابر علي الطماني الشهير بصابر جوجل والمعروف ببراعته في استخدام علوم التكنولوجيا والإنترنت، مما يورطه في صراعات ضخمة مع العديد من رجال الأعمال.
الفيلم من إخراج: محمد حمدي، بطولة: محمد رجب، وسارة سلامة، ولطفي لبيب، وراندا البحيري.
عشان خارجين
تدور أحداث الفيلم في إطار كوميدي حول شاب وفتاة تجمعهما علاقة حب، لكنهما يواجهان العديد من الصعوبات في حياتهما مما يولد العديد من المفارقات الكوميدية وتتوالى الأحداث.
العمل من إخراج: خالد الحلفاوي، بطولة: حسن الرداد، وإيمي سمير غانم، ونسرين أمين، وبيومي فؤاد.
12 مليون دولار ميزانية الإنتاج
بلغت ميزانية إنتاج أفلام عيد الأضحى هذا العام ما يقرب من 100 مليون جنيه (12مليون دولار) متراجعة عن العام الماضي بحوالي 30 مليون جنيه (450 ألف دولار).
تصدر فيلم “لف ودوران” لأحمد حلمي ودنيا سمير غانم، قائمة الأفلام الأكثر ميزانية، إذ تجاوز حاجز الـ 20 مليون جنيه (2.5 مليون دولار)، وجاء في المركز الثاني فيلم “تحت الترابيزة” للمنتج وائل عبدالله، حيث بلغت ميزانية الفيلم حوالي 15 مليون جنيه (مليون و950 ألف دولار)، يليهما في القائمة فيلم “صابر جوجل” من إنتاج شركة “الريماس”، وتراوحت تكلفة إنتاجه ما بين 13 مليون جنيه (مليون و600 ألف دولار)
وجاء في المركز الرابع فيلم “كلب بلدي”، من إنتاج شركة “نيو سينشري”، بميزانية بلغت 11 مليون جنيه (مليون و400 ألف دولار)، كما ينافس المنتج أحمد السبكي هذا العام بفيلمين هما “حملة فريزر”، و”عشان خارجين” بميزانية تقترب من حاجز الـ 20 مليون جنيه،(2.5 مليون دولار)، علمًا بأنه قد تم تأجيل عرض فيلم “جواب اعتقال” لمحمد رمضان، بسبب عدم اكتمال مشاهده بعد.
8.5 مليون دولار إيرادات و”لف ودوران” في المقدمة
تجاوزت إيرادات أفلام العيد في مصر حاجز الـ 45 مليون جنيه (8.5 مليون دولار) بعد مرور أسبوع واحد فقط على بداية العرض، حيث تصدر فيلم “لف ودوران” قائمة الإيرادات بقيمة 17 مليون جنيه، إضافة إلى تحقيقه عدة أرقام قياسية كأعلى إيراد يومي، بعدما حقق الفيلم في يوم واحد 4 ملايين 669 ألف جنيه.
ثم جاء فيلم “عشان خارجين” في المركز الثاني بإجمالي إيرادات 8 مليون جنيه (مليون دولار)، وفي المرتبة الثالثة كان فيلم “كلب بلدى” بإيرادات وصلت 7 ملايين 235 ألف جنيه، (950 ألف دولار)، أما فيلم “حملة فريزر” فجاء في المركز الرابع بإيرادات تجاوزت حاجز الـ 6 ملايين 700 ألف جنيه (900 ألف دولار).
واحتل المرتبة الخامسة من حيث الإيرادات فيلم “صابر جوجل” بإجمالي 2 مليون و306 آلاف جنيه (600 ألف دولار)، ليتذيل فيلم “تحت الترابيزة” القائمة محتلاً المركز السادس بإجمالي إيرادات بلغت مليون و826 ألف جنيه (230 ألف دولار).
التقليد وغياب الإبداع
“المنتجون يقلدون بعضهم دون إبداع أو تجديد” بهذه الكلمات عبّر الناقد السينمائي طارق الشناوي عن رأيه في أفلام العيد هذا العام، مضيفًا أن هناك حالة من “العدوى” أصابت المنتجين حتى بات البحث عن قصة جديدة أو فكرة مختلفة دربًا من دروب الخيال.
الشناوي أشار في تصريحات له أن البحث عن الأرباح المضمونة هي السبب الرئيسي في سيطرة الطابع الكوميدي على الساحة السينمائية هذا العيد، مشيرًا أن شركات الإنتاج وبمجرد رؤيتهم فيلم كوميدي ناجح، على الفور يقومون بتقليده، حتى يضمنوا أكبر حصة من الإيرادات، مشيرًا إلى أنه إذا قدم أحد المنتجين فيلم أكشن كان سيجعل المنافسة أقوى لأن الاختلاف هنا سيجذب المشاهد.
أمّا الناقدة السينمائية حنان هيكل فأشارت إلى أن هناك حالة من الفوضى في وجبة أفلام هذا العيد، حيث غاب الإبداع والهدف تمامًا، فقلما تجد منتجًا أو مخرجًا قادرًا على عرض الهدف الرئيسي من وراء عمله الفني.
هيكل أشارت في حديثها لـ “نون بوست” أن الهرولة نحو تقديم أي عمل للمنافسة على “تورتة” العيد، تسبب في ضعف القيمة الفنية والمستوى الإبداعي لكثير من الأعمال المقدمة، لاسيما فيلم “تحت الترابيزة” للفنان محمد سعد، وهو ما أفقده بريقه بالرغم من تصدره طيلة السنوات الماضية.
وفي المقابل أشارت هناء وجيه، الصحفية المتخصصة في القضايا الفنية، أن أفلام هذا العيد أقل من المتوسط من حيث المستوى الفني المقدم، مضيفة أن الشكل العام الذي خرجت به لا يتناسب تمامًا مع الميزانية التي أنفقت على إنتاجها، وهو ما يجعل من كلفة الإنتاج السينمائي في مصر إهدارًا للمال العام.
وجيه في اتصال مع “نون بوست” أكدت أنها وبعد مشاهدة ثلاثة أفلام من إجمالي الستة المعروضين هذا العيد، لم تجد إبداعًا لا في الفكرة أو المعالجة أو أداء الفنانين، ملفتة أن هناك حالة من الشيزوفرينيا في التناول، ففي الوقت الذي يعاني فيه المجتمع من تراجيديا في كل مجالات الحياة، تقدم له شاشات السينما وجبة كوميدية دسمة تأتي بنتائج عكسية خلاف ما يعتقده البعض.
الكوميديا النظيفة تكسب
قديمًا كان أهل الإنتاج السينمائي يبررون تراجع المستوى الفني لأعمالهم السينمائية بأنها استجابة لرأي الجمهور، استنادًا إلى القاعدة الفنية المعروفة “الجمهور عاوز كده” إلا أن هذا العيد كان الأمر مختلفًا، حيث تحول معظم من شاهدوا أفلام الموسم إلى نقاد، لذا كان لـ “نون بوست” هذه الجولة السريعة مع بعضهم.
البداية كانت مع تامر سميح، صحفي بشبكة محيط الإخبارية، والذي أكد أن أفلام العام تعاني من مشكلة كبيرة ألا وهي “غياب الفكرة والموضوع” وهو ما أثر بشكل كبير في رأي الجمهور
سميح قال أيضًا: دخلت فيلم “عشان خارجين” والحقيقة أنني طيلة الفيلم لم أعرف ما هي قصته الحقيقية، الحبكة الدرامية الفنية اعتمدت بشكل أساسي على “إفيهات” الممثلين دون رابط بينهم ، أو قصة تفرض نفسها على أحداث الفيلم، مما أفقد العمل جاذبيته من أول عشر دقائق.
أما أشرف محمد، والذي عبّر عن إعجابه بفيلم “كلب بلدي” فأشار أن قصته جديدة وجذابة، وأنه يقدم فكرة جديدة في إطار كوميدي، لكن أيضًا يفتقد لترابط خطوطه في كثير من الأحيان، مشيرًا أن الاعتماد الرئيسي كان على مهارة وقدرات أحمد فهمي وأكرم حسني.
بينما أشاد مسعد السيد، مرشد سياحي، بفيلم “لف ودوران” مشيرًا أنه نقلة جديدة في مسيرة أحمد حلمي، الذي يعد الفنان الوحيد الذي يقدم كوميديا نظيفة وسط هذا الابتذال المعروض على شاشات السينما والفضائيات ليل نهار.
السيد في حديثه لـ “نون بوست” أكد أنه وبالرغم من الدور الجديد الذي يقدمه حلمي والذي يبتعد تدريجيًا عن القالب الكوميدي الواضح إلا أنه يمثل تطورًا كبيرًا في أدائه الفني، ليثبت للجميع أن الكوميديا النظيفة باتت هي نجم الشباك الأول بعد سنوات من احتكار الرقص والخلاعة والأعمال التي تعزف على أوتار الجنس والبلطجة.