انطلقت في فنزويلا السبت 17 أيلول/ سبتمبر، أعمال القمة الـ 17 لدول “عدم الانحياز” تحت شعار “متحدون على طريق السلام”، وبدأت الجلسة الافتتاحية بتسلم رئيس فنزويلا نيكولاس مادورو رئاسة القمة من نظيره الإيراني حسن روحاني، الذي قال في كلمته، “إن القوى الكبرى لها الدور الأكبر في استمرار النزاعات والحروب، التي أدت إلى مقتل الملايين من الأبرياء في مختلف أرجاء العالم، والقمة تنعقد في الوقت الذي يواجه فيه السلام بجميع أبعاده، وفي كل أنحاء العالم الخطر والتهديد، إذ تنتهك السيادة الوطنية للدول النامية تحت ذرائع مختلفة وأشكال متنوعة”.
تحاول فنزويلا استثمار انعقاد القمة لحشد تأييد دولي لإتفاق عالمي لتعزيز أسعار النفط في اجتماع منتجي النفط في الجزائر هذا الشهر.
حركة عدم الانحياز واحدة من نتاجات الحرب العالمية الثانية والحرب الباردة بين المعسكر الغربي والشرقي، وهدف التأسيس الابتعاد عن الحرب الباردة، وتأسست من 29 دولة، وأول تجمع منظم لها عام 1955م، ومن بنات أفكار رئيس الوزراء الهندي جواهر لال نهرو والرئيس المصري جمال عبد الناصر واليوغوسلافي تيتو، وانعقد المؤتمر الأول للحركة في بلجراد عام 1961، وحضره ممثلو 25 دولة، والمؤتمر الأخير بطهران عام 2012، ووصل عدد الأعضاء في الحركة إلى 118 دولة، وفريق رقابة مكون من 18 دولة و10 منظمات.
ركزت أهداف الحركة على تأييد حق تقرير المصير، والاستقلال الوطني، والسيادة، والسلامة الإقليمية، ومعارضة الفصل العنصري، وعدم الانتماء للأحلاف العسكرية المتعددة الأطراف، وابتعاد دولها عن التكتلات والصراعات بين الدول الكبرى، والكفاح ضد الاستعمار بكافة أشكاله وصوره، والكفاح ضد الاحتلال، والاستعمار الجديد، والعنصرية، والاحتلال والسيطرة الأجنبية، ونزع السلاح، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، والتعايش بين جميع الدول، ورفض استخدام القوة أو التهديد باستخدامها في العلاقات الدولية، وتدعيم الأمم المتحدة، وإضفاء الطابع الديمقراطي على العلاقات الدولية، والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وإعادة هيكلة النظام الاقتصادي العالمي، فضلاً عن التعاون الدولي على قدم المساواة.
جاءت معظم الكلمات بالدعوة لمجابهة الإرهاب، وما يتطلب من الدول في مواجهة الظاهرة وشمول كافة التنظيمات الإرهابية، والعمل على محاربة الفكر المنحرف بالوسائل المتاحة للقضاء على الإرهاب وجهات تمويله، وهذا يتطلب حلولاً سياسية للصراعات التي يستغلها الإرهاب، أو من يستخدم الإرهاب للصراعات، وبذلك يسيطر على الشعوب وأراضيها.
إن الدول المشاركة في القمة بعض منها تورط بقضايا إرهابية، وآخر انتمى لأحلاف أو أسس أحلاف لردع الشعوب، وأصبح أداة أخرى تضاف لخطر الإرهاب، كالتدخل في شؤون الدول واحتلال أراضيها كما هو حال القوات التركية التي تسيطر على جزء من أرض العراق دون موافقة حكومته وشعبه، وهذا ما كان واضحًا على لسان وزير الخارجية إبراهيم الجعفري عند لقائه وزير الخارجية التركي، وأوصل كلمة العراق والأتراك على نفس الموقف.
مشكلة النفط وتهديدات الدول النامية، من أهم مشكلات دول الحركة، والأخطار التي تواجهها بفعل صراعات عالمية هي ضحيتها بتعاون بعض أعضائها.
تشكل حركة عدم الانحياز اليوم ما يقارب الـ 120 دولة، وهذا يعني لو أن الحديث كما هو في أهداف التأسيس لما استطاعت دولة فرض إرادتها على دول غير منحازة إلاّ للشعوب وسيادة الدول والسلام، إلاّ أن الواضح أن في حركة عدم الانحياز انحياز عند بعض دولها إلى الصراعات العالمية، والأدهى من ذلك أن بعض منها تورط بشكل مباشرة في دعم الإرهاب وإرقة دماء كثير من شعوب المعمورة.
إذًا لو كانت المؤتمرات تحمل بمعنى كلمات وشعارات، وأن هذا المؤتمر بالفعل دوله ستكون متحدة نحو السلام، فعليها نبذ العنف وتشخيص منابعه ومصادر تمويله، وإخراج الدول المنحازة إلى التطرف والتكفير والإرهاب وانتهاك سيادة الدول، وكان لكلمة ممثل سوريا أثر بالغ لجرأته حيث سمى دول الإرهاب بأسمائها، وكنا نتمنى لو وزير خارجيتنا فعلها أيضًا.