خفضت مصر من الرسوم التي تدفعها لشركة الدعاية والاستشارات الأمريكية جلوفر بارك جروب GPG من 250 ألف دولار شهريًا، إلى 166.667 ألف دولار، وجرى تطبيق ذلك بأثر رجعي من أكتوبر الماضي، وفقا لمجلة بوليتيكو.
وقال موقع “إنتربريز” إن تقرير بوليتيكو لم يعط أي تفسير لتخفيض الأجر الشهري التي تدفعه مصر للمؤسسة التي جرى إنشاؤها قبل 15 عامًا من قِبل مسؤولين سابقين بالبيت الأبيض وحملة الحزب الديمقراطي، إلا أن مصدر مصري، لم يكشف اسمه، رجح أن يكون السبب “عدم قيام الشركة بالدور المطلوب منها، إضافة إلى أزمة الدولار وتقليص المطلوب منها”.
وتعاقدت مصر مع شركة “جلوبال بارك جروب” الأمريكية، منذ أكتوبر 2013 عقب انقلاب السيسي، لتحسين صورة النظام وتعزيز علاقاتها مع مسؤولين بالكونجرس ووسائل إعلام أمريكية، مقابل 250 ألف دولار شهريًا، وهو ما يزيد على ثمانية آلاف دولار يوميًا، حرص موقع “البوابة” المدعوم إماراتيًا، على تأكيد أن الحكومة الإماراتية هي التي تدفعها.
وفي 6 يونية 2015، كشفت صحيفة “الشروق” الخاصة المقربة من الحكومة المصرية، في معرض نشر تفاصيل زيارة رئيس أحد الأجهزة السيادية لأبو ظبي لإقناع مسؤولي الإمارات بالحد مما تعتبره القاهرة “تحركات غير مقبولة من جانب المرشح الرئاسي السابق أحمد شفيق والمقيم في الإمارات”، تم الكشف – ضمنًا – عن تولي الإمارات دفع مستحقات هذه الشركة الدعائية.
حيث نقلت “الشروق” عن مصدر رسمي مصري قوله: “لا يشكك أحد في الدعم الإماراتي لمصر سياسيًا واقتصاديًا وأنها قامت بدور استثنائي بعد 30 يونيو بما في ذلك تكفلها باستئجار شركة دعاية كبرى في أمريكا عملت خلال العامين الماضيين من أجل التصدي لمقولة أن إزاحة مرسي عن الحكم كان انقلابًا”، بحسب الصحيفة المصرية الخاصة.
وفي أكتوبر 2013، كشف موقع The Hill الأمريكي أنه حصل على وثائق تقدمت بها شركة Glover Park Group الأمريكية للترويج السياسي والإعلامي لوزارة العدل الأمريكية للحصول على إذن بعمل حملة دعاية (بروباجندا إعلامية وسياسية) لحكومة مصر و”خارطة الطريق” التي أعلنها عنها المشير (الرئيس الحالي) عبد الفتاح السيسي في 3 يوليه 2013، بعد عزله الرئيس محمد مرسي.
وتأسست مجموعة جلوفر بارك جروب في 2001 على يد “مايكل فيلدمان” و”جو لوكهارت” المسؤولين السابقين في إدارة بيل كلينتون، إلى جانب موظفين سابقين في حملة آل جور الرئاسية.
وتتعاون مصر مع شركات عالمية أخرى للعلاقات العامة، أبرزها شركة “بوديستا جروب للعلاقات العامة” Podesta Group الأمريكية، وشركة الاتصالات متعددة الجنسية WPP التي تتخذ من المملكة المتحدة مقرًا لها.
شركة “كلينتون” الدعائية
وسبق لموقع “ألتر نت” AlterNet الإخباري التابع لـ “معهد وسائل الإعلام المستقلة” غير الهادف للربح، أن ذكر في تقرير نشر في مارس الماضي أن هناك علاقة بين شركة الدعاية الأمريكية وهيلاري كلينتون، مشيرًا لأن نظام السيسي سيستفيد في حالة فوز كلينتون في انتخابات الرئاسة الأمريكية.
ولفت التقرير لإدارة أعضاء سابقين في إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون زوج هيلاري، للشركة، وأنها “يمكن أن تساعد مصر في مواجهة الانتقاد المستقبلي لانتهاكات حقوق الإنسان أثناء الوجود الجديد لعائلة كلينتون في البيت الأبيض”.
ونقل التقرير عن وثائق رسمية قدمت بموجب قانون تسجيل الوكلاء الأجانب أن سوزان بروفي، وهي إحدى مديرات الشركة، نظمت في 2014 حفلاً لجمع تبرعات لصالح هيلاري كلينتون أمكن خلاله جمع آلاف الدولارات للمرشحة الديمقراطية، حيث تبين تبرع موظفو جلوبال بارك من جانبهم بحوالي 16 ألفًا و200 دولار لدعم الحملة الرئاسية لكلينتون.
وسوزان بروفي هي مديرة بـ “جلوفر بارك” التي تتعاون مع القاهرة براتب 250 ألف دولار شهريًا، وسبق لنائبها تيم كاين سيناتور فرجينيا، والمعادي للتيارات الإسلامية، أن زار مصر عدة مرات والتقى السيسي قبل توليه الرئاسة، وهو مهندس استعادة العلاقات مع أمريكا بعد انقلاب 3 يوليه 2013.
وكاين هو حاليا عضو في لجنتي العلاقات الخارجية والخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ، ويترأس لجنة شؤون الشرق الأدنى في اللجنة الأولى.
ونقل التقرير عن دان أوبل الباحث الكبير في مركز السياسات المتجاوبة الذي يتعقب حملات الضغط في واشنطن، قوله أن “جلوبال بارك جروب سيكون لديها بالتأكيد ضمن موظفيها مجموعة من الناس لديهم اتصالات مهمة بالنسبة لمصر إذا تولت كلينتون الرئاسة”.
6 مليون دولار دفعتها مصر
وذكر التقرير أن الوثائق الرسمية تظهر أن مصر دفعت 5.2 مليون دولار للشركة منذ عام 2013، وحتى مارس 2016، ما يعني وصول المبلغ المدفوع الي أكثر من 6 مليون حتى الآن.
وقال إن الشركة ترتب لقاءات لمسؤولين مصريين مع مسؤولين في الكونجرس لهم تأثير بخصوص التشريعات التي تتعلق بمصر، بحسب وثيقة عبارة عن رسالة بالبريد الإلكتروني في أكتوبر 2015 من شركة دعاية السيسي إلى آدم يازرسكي الموظف في لجنة المخصصات بمجلس الشيوخ الأمريكي.
وأظهرت وثيقة أخرى من الشركة، رسالة بالبريد الإلكتروني إلى دانا سترول الموظفة في لجنة العلاقات الخارجية بالمجلس، ورسالة أخرى في مارس 2015 إلى مكتب السيناتور لينزي جراهام عضو لجنة المخصصات بالمجلس، والتي تعد قانون المساعدات العسكرية الخارجية، كما كشفت الوثائق عن اتصالات مكثفة بوسائل الإعلام والمراكز البحثية.
ونقل تقرير “إلتر نت” عن جيسون براونلي البروفسور في جامعة تكساس ومؤلف كتاب “منع الديمقراطية: سياسات التحالف الأمريكي المصري” قوله أن الحكومة المصرية تريد ضمان استمرار المساعدة العسكرية الأمريكية التي تصل إلى 1.3 مليار دولار سنويًا.
وأشار إلى أن ادارة الرئيس باراك لأوباما حجبت أجزاءً من المساعدة بعد مقتل المئات في فض اعتصام رابعة لمؤيدي الرئيس محمد مرسي في أغسطس 2013 لكنها أعادت المساعدة في مارس 2015، بفعل ضغط شركة الدعاية الأمريكية التي استعان بها نظام السيسي والتي لها علاقات بعائلة كلينتون.
وذكر براونلي أن الشرط الأول بالنسبة للكونجرس لاستمرار المساعدة العسكرية كان “وجود علاقة قوية بين مصر وإسرائيل”، مشيرًا أن إسرائيل سعيدة جدًا منذ مجيء السيسي إلى السلطة.
ويعد السيناتور تيم كاين من أشد المنادين بضرورة إصلاح واشنطن لسياستها تجاه مصر، واستعادة العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، بحسب تقرير نشره موقع “البوابة” المؤيد للسيسي والمدعوم من الإمارات.
وتقدم كاين بعد انتخاب الرئيس السيسي، بخطة عمل مكونة من 3 محاور لكيفية ترميم “الشرخ” الذي ظهر في الجدار المصري الأمريكي، وأن تلعب الولايات المتحدة دورًا أكبر في مساعدة مصر للخروج من حالة الفوضى ودعم النظام الجديد الذي فرض نفسه على الجميع.
حيث طالب في (المحور الأول) بمساعدة مصر أمنيًا على تجاوز أزمة الفوضى والإرهاب، وتحديث وتطوير قدرات الأجهزة الأمنية المصرية، وكان من أشد الرافضين لتقليص أو قطع المعونة العسكرية الأمريكية لمصر.
ودعا في (المحور الثاني) لحصول السيسي على “فرصته السياسية كاملة في إدارة مصر، ومساعدته على تخطى الأزمات السياسية الداخلية والخارجية”، فيما نادى في (المحور الأخير) الاقتصادي، بضرورة عمل الولايات المتحدة على مساعدة مصر اقتصاديا وتعزيز الاستثمارات الأمريكية فيها.
يترأس حملة كلينتون، جون بوديستا المستشار السابق للرئيسين باراك أوباما وبيل كلينتون، ومؤسس مركز “التقدم الأمريكي للأبحاث السياسية”، وهو شقيق توني بوديستا مؤسس شركة “بوديستا جروب للعلاقات العامة”، والتي تتعاون مع مصر أيضًا.
وتجمع توني علاقات ممتازة بالجيش المصري، وكبار قادته، ويظهر ذلك في زيارته المتكررة لمصر خلال الأعوام الأخيرة.
وتعد شركة “بوديستا جروب” واحدة من أهم شركات العلاقات العامة في الولايات المتحدة، وتعمل من مقرها في “واشنطن” على توطيد علاقة مصر بمراكز صناعة القرار في الولايات المتحدة، والدفاع عن ملفها في حقوق الإنسان أمام أي هجوم أو نقد.
WPP تبيض الانتهاكات الحقوقية
وسبق أن كشفت صحيفة “الإندبندانت” البريطانية نوفمبر 2015، أن وثيقة لشركة الاتصالات متعددة الجنسية WPP التي تتخذ من المملكة المتحدة مقرًا لها، وفازت بمناقصة للترويج لمؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي في مارس 2015، أظهرت دورها في “تبييض سجل مصر الحقوقي”، وصرف انتباه الإعلام العالمي عن تغطية الأخبار السلبية عن مصر في هذا الخصوص، بدلاً من الترويج للمؤتمر.
وجاء هذا الكشف في أعقاب زيارة الرئيس المصري لبريطانيا والتي قال مراقبون وإعلاميون في القاهرة إنها تحولت الي “فخ” للرئيس السيسي، بعدما فتحت صحف إنجليزية ملفات عن انتهاكات حقوق الانسان واختتمت الزيارة بأزمة دبلوماسية حينما أعلن رئيس الوزراء البريطاني في المؤتمر الصحفي مع السيسي سحب السياح البريطانيين، واعتبار ما جرى للطائرة الروسية في سيناء حادث تفجير مدبر.
ومنحت “دبليو بي بي”، بحسب وثيقة بعنوان: WPP’s report on Egypt أربع شركات تابعة لها مسؤولية تنظيم المؤتمر الذي أقيم في مارس الماضي بشرم الشيخ، وكشفت أن هذا أسهم في “تغيير تركيز الإعلام الذي كان يركز على قمع المعارضة في السابق”، وقدمت مجموعة من النقاط، وصفتها بأنها دليل على نجاح الحملة.
ونقلت الصحيفة عن دونالد كامبل رئيس قسم الاتصالات في “ريبريف” قوله أن “تصريحات شركة دبليو بي بي تشير إلى أنهم عملوا على صرف الانتباه عن الأجندة السياسية والتي كانت تركز على حملات قمع المعارضة وأحكام الإعدام الصادرة بحق المئات في السنوات الأخيرة”، برغم تأكيد منظمة “ريبريف” الحقوقية تزايد حالات الإعدام والمحاكمات الجماعية في ظل نظام السيسي.
المصدر: إيوان 24