الحرب الرابعة في غزة.. مسألة وقت فحسب!

al-gaza-strip-0807e

هناك قناعة لدى الكثير من الفلسطينيين ردًا على سؤالهم حول احتمال نشوب حرب جديدة على قطاع غزة، “أنها مجرد مسألة وقت لا أكثر، ونحن في انتظار مزيد من التصعيد”.

وفي الآونة الأخيرة، تنوعت الشائعات وكثرت التكهنات حول الحرب الإسرائيلية التي لا مفر منها علي قطاع غزة بسبب ظهور عدد من المؤشرات، بما في ذلك قصف إسرائيل لعدد من مواقع المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة.

وأيضًا، ما يثير احتمال وقوع حرب وشيكة في العقل الفلسطيني هو رحلة الطائرات الحربية الإسرائيلية المستمرة والمروحيات، وطائرات الاستطلاع، وكذلك الانتخابات البلدية القريبة في الضفة الغربية وقطاع غزة، وإمكانية الرد الإسرائيلي ضد حماس إذا فازت في الانتخابات (أعلنت المحكمة العليا ملحوظة أن السلطة الفلسطينية ستقوم بالتعليق المؤقت للانتخابات المحلية في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة).

ويقول مدير المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية، إن الحرب القادمة ستكون كارثية

متى سيتم كسر هذه الحرب؟

حاولنا العثور على إجابة على هذا السؤال، من خلال طرح أسئلة على عدد من المختصين والمعنيين في الشؤون الإقليمية والدولية، ووصف صلاح عبد العاطي، مدير المركز الفلسطيني لدراسات أبحاث السياسات والاستراتيجية، الهجوم الصاروخي الذي عانى منه القطاع مؤخرًا (أكثر من 60 غارة إسرائيلية)، بأنه “ينذر بحرب حقيقية من شأنها أن تجلب المزيد من الكوارث على قطاع يعاني من ظروف استثنائية ناجمة عن ثلاث حروب في أقل من خمس سنوات علي مدى عشر سنوات”.

وأوضح عبد العاطي أنه يتوقع حجم الخسائر البشرية والمادية في حالة اندلاع حرب جديدة على قطاع غزة، قائلاً: “إن معدل الفقر في قطاع غزة 65٪، ومعدل البطالة 47٪، وهناك مأساة حقيقية تتعلق بالأوضاع الإنسانية السيئة والوصول البطيء لمواد البناء إلى غزة، ولذلك، يخشى المواطن الفلسطيني من أن إسرائيل قد تستغل الظروف الإقليمية التي شغلت العالم وتشن عدوانًا جديدًا”.

في حين يتوقع عبد العاطي أن الحرب القادمة على غزة ستكون “كارثية”، وقال إنه يعتقد أن إسرائيل تسعى لفرض معادلة “الهدوء مقابل الهدوء” أو “الهدوء للمرافق الإنسانية”، على أمل الاستفادة من هذا الوضع لسلطة الاحتلال.

وقال صلاح عبد العاطي أيضًا: “إن سلطات الاحتلال تفعل ما تريد، لأنه لا يتم محاسبتها، ونحن نرى ما تقوم به في الضفة الغربية كالإعدام بدم بارد، وتوسيع المستوطنات، ومحاولات التهويد المستمرة للقدس، لذلك، هناك حالة خوف حقيقية  لدى المواطنين من أي عدوان مقبل، خصوصًا في ظل عدم وجود احتمال جدي لتحقيق المصالحة الفلسطينية التي يمكن أن تؤدي على الأقل إلى العقل المدبر وراء قرار السلم والحرب داخل المجتمع الفلسطيني”.

وقد فشل الفلسطينيون في صياغة استراتيجية نضالية أو قيادة جماعية

وقال صلاح عبد العاطي: “ولا يسعى قادة الفصائل الفلسطينية إلى الحرب، فهم يدركون تمامًا الوضع الإنساني الخطير، ولكن في حال تم فرض حرب من قبل العدو الإسرائيلي، فلن يقف هؤلاء القادة مكتوفي اليدين، لكنهم سيدافعون بكل قوتهم، وهو حقهم وفقًا للقانون الدولي”، وأكد أيضًا أنه في ظل الظروف الحالية، ليست هناك حاجة لأي عدوان محتمل، حيث أن ميزان القوى لا يسمح للفلسطينيين بتحقيق اختراقات، وبالتالي عليهم تجنب المزيد من الخسائر.

وشدد عبد العاطي أيضًا على أن الوضع في الضفة الغربية مرتبط بالتطورات في المنطقة، بسبب إصرار الفلسطينيين على جعل قضيتهم معتمدة على قضايا الآخرين، بالإضافة إلى فشلها في وضع استراتيجية نضالية أو قيادة جماعية.

وقام عبد العاطي بوضع عدد من السيناريوهات لمستقبل الوضع في قطاع غزة، مشيرًا إلى أن أفضل هذه السيناريوهات هو “تحقيق المصالحة الفلسطينية لإعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني، وتجنب خطر العدوان، واستمرار الحصار، وبطء آلية إعادة الإعمار”.

“ومع ذلك، هناك أيضًا سيناريوهات لفرض العدوان على قطاع غزة من أجل خلق دويلة في قطاع غزة، أو هدنة يمكنها أن تؤدي إلى فتح ميناء غزة، وبالتالي المساعدة في تشريد الناس”، وأوضح عبد العاطي، أن هناك خوفًا حقيقيًا على مستقبل غزة وفصلها عن الضفة الغربية إذا استمر الوضع الحالي، وأضاف أن الاحتلال يريد هذا السيناريو، والذي  تساعد فيه بعض المنظمات من خلال إطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل من دون إجماع وطني على عملها.

  • محلل سياسي: الجانبان يعدان للحرب كما لو أنها سوف تندلع غدًا

ووفقًا لهاني حبيب، المحلل السياسي، فإن كلا الطرفين (حماس وإسرائيل) يستعدان لهذه الحرب الجديدة كما لو أنها سوف تندلع غدًا، على الرغم من أنهما يؤكدان مجددًا أنهما لا يريدان ذلك.

وقال حبيب: “إن الوضع الحالي يتحدث عن الحرب أكثر بكثير من الحديث عن هدنة أو تهدئة”، مضيفًا أن “كلا الطرفين يدعوان لتجنب التصعيد، ولكن في الوقت نفسه، هما على استعداد، ولا تزال آلة الحرب تعمل حتى في جو من الهدوء المصطنع”.

ويرى حبيب أيضًا أن الحرب القادمة لن تكون الأخيرة، لأنها لن تشكل تهديدًا وجوديًا لأي من الطرفين، لافتًا إلى أن “الحرب القادمة هي مجرد بداية لحروب قادمة، حتى إذا استقر انتصارًا أكثر وضوحًا لأي من الطرفين، والنصر الحقيقي الذي يمكن أن يوقف الحروب هو إنهاؤه من قبل أحد الطرفين، على الرغم من أن هذا ليس مستبعدًا، ومع ذلك، فإنه من المستحيل وفقًا للوضع الحالي”.

  • خبراء استراتيجيون: يتم تحميل سماء غزة بالصواريخ

ويرى إبراهيم حبيب، الخبير الأمني ​​والاستراتيجي، أن التحليق المكثف لطائرات الاستطلاع – المصحوبة أحيانًا بالطائرات الحربية – في سماء قطاع غزة، لا ينذر بالضرورة على أن إسرائيل قد تشن حربًا قادمة ضد غزة، مشيرًا إلى أن “هذا يتطلب أن تكون المقاومة حذرة، لأن الوضع السائد في سماء غزة يشير إلى أن هناك حربًا حقيقية”.

وأوضح حبيب أن الرحلات المفرطة لطائرات الاستطلاع هي للوصول إلى أهداف محددة، وخاصة عرض الطائرات الاسرائيلية في سماء غزة المحمل بالصواريخ، وهذا يعتبر مؤشرًا خطيرًا في ظل الظروف الإقليمية المعقدة التي ليست في صالح الفلسطينيين على الإطلاق.

وأكد الخبير الأمني ​​أن العوامل الداخلية الإسرائيلية لا تشير إلى ظهور الحرب، وأضاف أنه على الرغم من عدم قدرة تل أبيب على القضاء على المقاومة في غزة لكن قد تحاول إسرائيل في النهاية استغلال الوضع الإقليمي السيء للعرب، وشن حرب ضد غزة كجزء من استراتيجية “قتل الناس” التي تتبناها ضد المقاومة الفلسطينية.

وقال ثابت العمور، المحلل السياسي، إن الوجود المفرط لطائرات الاستطلاع الإسرائيلية ينبع من حقيقة رغبة إسرائيل في مراقبة كل التحركات في غزة، وإعداد بنك جديد من الأهداف لمعرفة كل التفاصيل، أو لمراقبة محاولات التسلل من داخل قطاع غزة المحتل.

  • مواطن فلسطيني: الجدار العازل والانتخابات القادمة.. أسباب كافية للحرب

وأكد بعض المواطنين احتمال اندلاع حرب قادمة على الفور بعد بدء الاحتلال فعليًا في بناء الجدار العازل تحت الأرض على الحدود مع قطاع غزة، والذي سيجتمع مع رد الفعل العنيف للمقاومة، وربما جر المنطقة إلى حرب شرسة، وخاصة إذا كانت هناك خسائر أو أسرى من جنود الاحتلال خلال هذه الفترة، أو من الجانب الفلسطيني إذا ردت القوات الإسرائيلية بعنف نحو قصف المقاومة الفلسطينية للجدار العازل.

وتخطط السلطات الإسرائيلية لإقامة جدار خرساني، فوق وتحت الأرض على طول الحدود مع قطاع غزة لمواجهة خطر الأنفاق، وفقًا لتقرير نشرته.

وأكد المواطن الفلسطيني محمد المصري البالغ من العمر 26 عامًا، أن الشارع الغزي لا يرغب في أي حرب مقبلة، وقال إنه من المتوقع أن تشن إسرائيل الحرب لو فازت حماس في الانتخابات البلدية المقبلة، أو إذا قامت بعض الفصائل – التي لا تريد للانتخابات أن تنجح – بضرب أهداف داخل الأراضي المحتلة مما سيجر الجميع إلى حرب قوية وإنهاء حلم الانتخابات الفلسطينية، (أعلنت المحكمة العليا في السلطة الفلسطينية التعليق المؤقت للانتخابات المحلية في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة).

وأكدت أم يوسف النجار، وهي امرأة فلسطينية في الأربعينات من عمرها، أن الشعب الفلسطيني لا يرغب في تذكر أي مظهر من مظاهر الحرب، قائلة: “نحن لا نريد الحرب، ولا نريد أن نسمع صوت الصواريخ والقذائف، والتي تذكرنا بالحرب قبل سنتين، ويخشى أطفالي أيضًا من الاصوات المرعبة والتي تحرمنا حتى من القدرة على النوم”.

  • المتحدث باسم حماس: نحن لا نسعى لحدوث حرب، لكننا لسنا خائفين من المواجهة

وقال المتحدث باسم حماس سامي أبو زهري، إن “حماس لا تسعى الحرب أو التصعيد، ولكن الحركة ليست خائفة من المواجهة، وتستعد للدفاع عن شعبها في أي وقت”، لافتًا إلى أن الحديث الإسرائيلي  المتكرر حول الحرب يهدف إلى تحقيق عدة أهداف، بما في ذلك التأثير على أفراد المقاومة، وإرضاء الجمهور الإسرائيلي الداخلي، خصوصًا بعد تصاعد الانتقادات لأداء الحكومة الإسرائيلية في الحرب الأخيرة على غزة.

ولم يخفِ المتحدث باسم حماس حقيقة أن الشارع الفلسطيني غير مستعد للدخول في حرب جديدة، قائلاً: “إن الشارع لا يريد الحرب بسبب الإجرام الإسرائيلي وحجم الهمجية التي يتعامل بها جيش الاحتلال مع الشعب الفلسطيني، الأمر الذي جعل المهتمين يتابعون تلك التهديدات بقلق، ولكن أعتقد أن شعبنا يثق في المقاومة”.

وأضاف أبو زهري: “عززت الحرب الأخيرة ثقة الشعب الفلسطيني بالمقاومة، وخلقت معادلة جديدة، وجعلت من الصعب على الاحتلال شن أي عدوان أو عمل ضد غزة، وهو ما يتضح من خلال السلوك على أرض الواقع”، ويتمنى المتحدث باسم حماس من دول المنطقة تشكيل ضغط دائم على الاحتلال لمنعه من ارتكاب أي جريمة في غزة.

تحذير وسائل الإعلام الإسرائيلية

وتتحدث الصحف الإسرائيلية ووسائل الإعلام بلا هوادة وبشكل يومي تقريبًا حول التحذير من حرب قادمة على غزة، وقد ادعت القناة العبرية الثانية أن الحرب المقبلة التي ستطلقها إسرائيل على قطاع غزة ستكون أكثر “عدوانية” من الحروب السابقة.

وذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية أيضًا بأنه سيتم تحديد ما وصفته بـ”تفوق إسرائيل” من قبل حركة القوات البرية على الأرض، وأن جيش الاحتلال قرر إيلاء المزيد من الاهتمام إلى القوات البرية التي من شأنها أن تكون “أكثر فعالية” في أي مواجهة مقبلة.

وقال أوها عوفر، مراسل موقع (ان ار جي) الإسرائيلي، إن الهدوء السائد على الحدود مع قطاع غزة، ربما، لأن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) لا تزال تتأثر بردع الحرب الأخيرة في عام 2014، مضيفًا أن العديد من الإسرائيليين يطالبون بشن “حرب نهائية” على غزة.

وأكد الكاتب الإسرائيلي أن حماس ليست متحمسة للدخول في مواجهة جديدة مع إسرائيل، وأن هذا لا يعود إلى التأثر بالردع فقط، ولكن لأنها استخلصت العبر من الحرب السابقة، وأضاف أن حماس تسعى أيضًا إلى تحسين نظام للمكافحة من خلال التدريبات الميدانية، وبناء شبكة من الأنفاق، وإجراء تجارب صاروخية باتجاه البحر، والتخطيط لتنفيذ عمليات مسلحة في الضفة الغربية، وذلك استعدادًا للحرب القادمة.

وكشفت معاريف أن الجيش الإسرائيلي يقوم ببرامج تدريب ومناورات عسكرية للتعامل مع أي طارئ في كل من قطاع غزة ومرتفعات الجولان، بما في ذلك إخلاء الجرحى، والتعامل مع القناصة في المدن.

المصدر: ميدل إيست أوبزرفر – ترجمة: التقرير