صرح وزير الأمن الداخلي الأمريكي جيه جونسون مساء أمس قائلًا “إن وزارة الأمن الداخلي ترصد بصورة فعالة التحقيقات وتشارك فيها بشأن انفجاري كل من نيويورك ونيو جيرسي”.
وأشار جونسون إلى أنه تم وضع إجراءات أمنية خاصة لاجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك هذا الأسبوع، حيث تم نشر الآلاف من العناصر الاتحادية في المدينة تحت قيادة جهاز الاستخبارات.
وقال جونسون: “إن أي منطقة في مدينة نيويورك مرتبطة بـ (اجتماعات) الجمعية العامة ستخضع بالتالي إلى مستوى عالٍ بشكل استثنائي من المراقبة والأمن”.
وكان انفجار قوي وقع في صندوق للقمامة في حي تشيلسي بمانهاتن في نيويورك الليلة الماضية، مما أدى إلى إصابة 29 شخصًا.
وجاء حادث مدينة نيويورك بعد انفجار قنبلة كانت مخبأة في حاوية قمامة يوم السبت في ولاية نيو جيرسي بالقرب من طريق كان من المخطط أن تقام به فعالية ترعاها قوات مشاة البحرية للعدو من أجل جمع أموال للأعمال الخيرية، مما تسبب في وقوع إصابات.
وعلى خلفية التفجير والعثور على حقيبة مشبوهة قرب مسار السباق، قررت السلطات الأمريكية إلغاء السباق الذي كان من المفترض أن يشارك فيه نحو 5 آلاف شخص.
ويشار إلى أن ولاية بوسطن شهدت تفجيرين متتاليين خلال ماراثون مماثل عام 2013، أسفرا عن مقتل 3 أشخاص وإصابة 260 آخرين.
أي منطقة في مدينة نيويورك مرتبطة بـ (اجتماعات) الجمعية العامة ستخضع بالتالي إلى مستوى عالٍ بشكل استثنائي من المراقبة والأمن
أعمال إرهابية
كان عمدة نيويورك، أندرو مارك كومو قد صرح أيضًا، أمس الأحد، أن التفجير الذي وقع الليلة قبل الماضية في حي تشيلسي السياحي في منطقة مانهاتن في ولاية نيويورك، “يعد عملًا إرهابيًا”، مشيرًا في الوقت ذاته إلى عدم وجود أدلة حتى الآن تثبت صلة هذه العملية بجماعات خارجية.
وأوضح كومو في تصريحات صحافية أن سبب التفجير قنبلة، وأن الجرحى الـ 29 الذين أصيبوا في التفجير تمت معالجتهم وخرجوا من المستشفى، كذلك أوقفت السلطات الامريكية مساء الأحد خمسة مشتبه بهم في إطار التحقيق حول الاعتداء في حي تشلسي في نيويورك السبت، حسبما أوردت وسائل إعلام أمريكية.
وتابعت وسائل الإعلام أن المشتبه بهم الخمسة أوقفوا على متن عربة كانت تسير في بيلت باركواي الطريق السريع الذي يمر في جنوب حي بروكلين، وأوقفت السيارة عند وصولها إلى جسر فيرازانو الذي يصل جزيرة ستاتن إيلاند ببروكلين.
وقد أعلن مكتب التحقيقات الفدرالي (إف بي آي) في نيويورك في تغريدة اعتراض عربة مرتبطة بالتحقيق لكنه لم يؤكد عمليات التوقيف، وأضاف أنه: “لم يتم توجيه الاتهام إلى أحد”.
ومن جهته، رفض متحدث باسم شرطة نيويورك تأكيد عمليات التوقيف لوكالة فرانس برس مكتفيا بالقول أن “التحقيق متواصل”.
في حين أوردت صحيفة “نيويورك دايلي نيوز” أن المحققين حددوا هوية مشتبه به بفضل تسجيلات كاميرات المراقبة في تشيلسي، إلا أنه لم يعرف ما إذا كان المشتبه به من بين الركاب الخمسة على متن السيارة التي تم اعتراضها الأحد، بحسب الصحيفة.
وكان رئيس بلدية نيوجيرسي ج. كريستيان بولويدج قد أعلن العثور مساء الأحد على طرد مشتبه به في محطة إليزابيث في المدينة، وتابع رئيس البلدية أن الراكبين اللذين عثرا على الطرد لاحظا وجود أسلاك كهربائية وأنبوب معدني، وأغلقت المحطة، وتم تعليق حركة النقل في السكك الحديد.
المحققون حددوا هوية مشتبه به بفضل تسجيلات كاميرات المراقبة في تشيلسي
مآلات سياسية لهذه التفجيرات
تؤكد هذه التفجيرات سردية يمينية في الولايات المتحدة التي تقترب من الانتخابات الرئاسية في ظل صراع محموم بين المرشح الجمهوري المثير للجدل دونالد ترامب أمام السيدة الديمقراطية هيلاري كلينتون.
فيما يعتمد خطاب ترامب الأساسي للداخل الأمريكي على بث المخاوف والتعظيم من التهديدات المحدقة بالولايات المتحدة، وبالطبع هذه التفجيرات الأخيرة ستساعد في تنمية هذا الخطاب وتوسيع دوائر تأثيره، ما سيعود على السلوك الانتخابي للمواطن الأمريكي بمزيد من اليمينية المتطرفة، وهو ما قد يصعد بسلوك سياسي متطرف كظاهرة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض بكل سهولة.
كانت استطلاعات الرأي مؤخرًا تظهر تقدمًا كبيرًا في شعبية دونالد ترامب، بحيث أصبح المرشح الجمهوري يقارب منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون في الشعبية، بل ويتساوى معها في استطلاعين وطنيين صدرا في الشهور الماضية.
في الشهور التي سبقت حسم الترشح لصالح هيلاري كلينتون في الحزب الديمقراطي كان أهم سبب يفسر تقدم شعبية ترامب هو أنه تمكن من هزيمة منافسيه الجمهوريين، جون كيسيك، وتيد كروز، وأصبح مرشح الحزب الرسمي، في الوقت الذي كانت لا تزال فيه هيلاري كلينتون تتنافس مع بيرني ساندرز الذي لم ينسحب بعد.
فالمشرعون الجمهوريون والناخبون الجمهوريون كانوا بصدد الالتفاف حول مرشحهم في الوقت الذي لا يزال الحزب الديمقراطي يعاني فيه من الانقسامات، حتى حسمت كلينتون مقعد ترشح الحزب الديمقراطي الأمريكي، واستعادة شعبيتها عافيتها أمام ترامب.
تؤكد هذه التفجيرات سردية يمينة في الولايات المتحدة التي تقترب من الانتخابات الرئاسية في ظل صراع محموم على انتخابات الرئاسة
وقد قارن المراقبون هذه الحالة بالانتخابات السابقة التي تقدم فيها مرشح الحزب الجمهوري جون ماكين على أوباما بعد حصول ماكين على الترشيح عام 2008، لكن هذه الأرقام تغيرت بعد حصول أوباما على الترشيح وتغلبه على كلينتون.
لكن في حالة ترامب هذه وخطابه فإن الأمر قد يكون مختلفًا، بعيدًا عن مسألة الأرقام والتقارب في استطلاعات الرأي المختلفة، إذ يشير العديد من المراقبين إلى ازدياد فرص ترامب يومًا بعد يوم، رغم خطابه العنصري، ولكنه بث شعور الخطر في نفوس قطاع كبير من الأمريكيين، وهو ما يستلزم أدلة قوية عليه، بعيدًا عن قضايا المهاجرين واللاجئين، وتمثل تفجيرات نيويورك ونيو جيرسي مادة خصبة ودسمة لاستغلالها من جانب حملة ترامب، لتأكيد هذا الشعور في الفترة القادمة، وهو ما قد يحدث الفارق على مستوى السلوك الانتخابي.