ترجمة وتحرير نون بوست
أعربت زعيمة حزب “الجبهة الوطنية” وهي ممثلة اليمين المتطرف في فرنسا، قبل الانتخاب الرئاسية الفرنسية التي ستعقد سنة 2017، أن انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ووصول دونالد ترامب للرئاسة الأمريكية قد ساعداها في الوصول إلى مبتغاها.
وقد صرّحت مارين لوبان، بحضور الآلاف من أنصارها الذين يلوحون بالأعلام الفرنسية، أن “زمن الدولة القومية قد عاد”.
كما أشادت في تصريحها بانسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، كما قالت إن “الخطط لبناء حواجز وحدود في جميع أنحاء العالم بما في ذلك تلك التي ستُوضع لمنع دخول المهاجرين واللاجئين إلى بلدة كاليه الفرنسية، تُظهر بوضوح عودة “زمن الحدود”.
كما نددت لوبان بمخاطر الهجرة الجماعية والتعددية الثقافية التي فرضها الاتحاد الأوروبي على فرنسا، كما صرحت أنها تتعهد بالدفاع عن الهوية الفرنسية وباستعادة السيادة الوطنية، وعلى إثر تلك الكلمات، هتف جميع الحضور “الرئيسة مارين” و”هذا هو وطننا”.
وقبل سبعة أشهر فقط من بداية سباق الانتخابات الرئاسية الفرنسية، لا تزال مسألة من سيقود فرنسا مفتوحة وغير واضحة، لكن في حين أن الأحزاب الفرنسية الرئيسية سواء تلك التي تمثل اليسار أو اليمين لم تقم بعد باختيار مرشحيها، تقف لوبان بكل ثقة وهدوء مدعية أنها تملك الفرصة الأقوى لتولي رئاسة فرنسا عن بقية المرشحين.
وقد استضافت مارين لوبان مساء يوم السبت حفل عشاء في مؤتمر الحزب بمناسبة الاستعدادات التي تقوم بها للترشح للانتخابات الرئاسية الفرنسية لسنة 2017.
وتجدر الإشارة إلى أن كل استطلاعات الرأي تُبين أنه سوف تصل لوبان بكل سهولة للجولة النهائية للانتخابات الرئاسية لمايو/ أيار القادم، حيث إن الوضع المتوتر للمجتمع الفرنسي نتيجة مقتل أكثر من 230 شخصًا في الهجمات الإرهابية منذ يناير/ كانون الثاني لسنة 2015، وارتفاع معدلات البطالة والركود الاقتصادي الذي يُخيم على الحياة اليومية، كان ملهمًا لكل الأحزاب اليمينية واليسارية التي ركزت بدورها على الانشغالات الرئيسية للوبان المتعلقة بمسألة الهجرة والهوية الوطنية ومكانة الإسلام في فرنسا.
وبشكل حاسم، تعتقد لوبان أن المزاج الدولي العام يصب في صالحها خاصة الحملة التي قام بها المرشح الجمهوري الأمريكي دونالد ترامب والتصويت لصالح انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، والذي اعتبرته بمثابة انتصار للنخب الوطنية على النخب الحاكمة، وبذلك يمكن القول أن لوبان تعتبر من بين القادة السياسيين في فرنسا التي دعمت بصوت عالٍ انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وكذلك التوجه السياسي لدونالد ترامب.
وقد حققت زعيمة الحزب اليميني المتطرف الأكثر أهمية في أوروبا الغربية، والتي تُعرف بقوميتها الشديدة وبطابعها المناهض للهجرة والمعادي للانضمام للاتحاد الأوروبي والتي تريد أيضًا ترك استخدام عملة اليورو وإعطاء المزايا للشعب الفرنسي عوضًا عن تقديمها للمهاجرين، مكاسب انتخابية كبيرة في السنوات الأخيرة.
ففي السنوات الخمس الماضية، لم تكن تملك لوبان مقاعد هامة في كل من مجلس النواب ومجلس الشيوخ، ولكن في الآونة الأخيرة، توسعت قاعدتها الانتخابية التقليدية إلى مجموعات جديدة، بما في ذلك شملت كلاً من كبار العاملين في قطاع الشرطة والأمن والمستشفيات والمدارس.
وعلى الرغم من أن لوبان قادرة على بلوغ الدور النهائي من سباق الرئاسة، كما تشير كل استطلاعات الرأي، إلا أنها من المرجح أن تُهزم، وعلى الرغم أيضًا من رفض لوبان اتباع توجه والدها الذي كان أحد مؤسسي هذا الحزب، جان ماري لوبان، وسعيها الطويل إلى إزالة العنصرية، والصور المعادية للسامية، إلا أن غالبية الناخبين الفرنسيين لا يزالون يتساءلون عن مدى قدرة حزبها على حكم فرنسا.
وكذلك لا يزال هناك خوف على نطاق واسع من توجه هذا الحزب الذي لطالما اقترنت صورته بكراهية الأجانب أو العنصرية، كما لا يزال الحزب يواجه عوائق استراتيجية من قبل الأحزاب اليمينية واليسارية التي كانت لهم القدرة دائمًا على وقف عملية فوزه بالأصوات في الجولة النهائية التي وصفها حزب العمال الفرنسي بأنه “هجوم من أسطول”، حيث إن هذا الهجوم الذي يقوم به أحزاب اليسار واليمين ضد الجبهة الوطنية منعته من الفوز بأي دائرة انتخابية في الانتخابات الإقليمية للعام الماضي، على الرغم من حصوله على نسبة 6.8 % من الأصوات.
وقد أعربت لوبان، وهي تبتسم، أثناء تجاذب أطراف الحديث مع الصحفيين وراء الكواليس إثر انعقاد المؤتمر، أنها واثقة من أنها يمكنها توسيع قاعدة ناخبيها لتحقيق الفوز، كما صرّحت أن هدفها يتمثل في هذه الفترة، تقديم نفسها على أنها ذات مصداقية كبيرة، وبأن تحاول الابتعاد عن المواقف المثيرة للانقسام والتحلي بالهدوء الكافي من أجل توحيد قوى السلطة، كما قالت إنها سوف تعمل على قيادة حملة “مرحة” خلال هذا الموسم الانتخابي، وفي هذا السياق صرّح مساعدوها أنها تشعر أن حظوظها هذا الموسم وافرة أفضل من أي وقت مضى، كما أضافت لوبان “أن تعيين ترامب رئيسًا للولايات المتحدة، وانسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، يعتبران مؤشران على بداية صحوة عالمية”.
والجدير بالذكر أن مارين لوبان تريد تجنب المصير الذي واجهه والدها عندما صُدمت فرنسا من وصوله إلى الدور النهائي سنة 2002 حيث خرج أكثر من مليون متظاهر غاضبًا إلى الشوارع للاحتجاج ضد وصول لوبان الأب للجولة النهائية، والذي هُزم في وقت لاحق بفوز جاك شيراك بنسبة 82% من مجموع الأصوات.
ولكن هذه المرة صرّحت لوبان أنها إذا ما استطاعت الوصول إلى الجولة الثانية، فإنها من المرجح أن تعمل على تقليص حجم هذه الفجوة، ومن خلال الانتخابات البرلمانية التي ستعقب الانتخابات الرئاسية يمكن أن نلاحظ أن الجبهة الوطنية ستتمكن من تحقيق مكاسب تاريخية على الصعيد الوطني.
وتعتقد لوبان في الوقت الراهن أنها تمكنت من الفوز في معركة “الفكر” وذلك بعد أن أثبت الرئيس اليميني السابق الذي يسعى للحصول على ترشيح حزبه سنة 2017، نيكولا ساركوزي، تأييده لبعض أفكار لوبان المتعلقة بسياسة الهجرة والأمن والإسلام والذي اعتبر أعضاء حزب لوبان أنه يقوم بإضفاء المزيد من الشرعية على أفكار الجبهة الوطنية.
وفي حين أن ساركوزي قد دعا إلى إلقاء القبض على أي شخص مشتبه بأنه من جماعة المتطرفين حتى لو لم يرتكب أي جريمة، حاولت لوبان أن تتعامل مع المسألة بأخلاقية وأن تدافع عن سيادة القانون.
وفي هذا السياق، يقول عمدة فيرجيس، ديفيد راشلين، الذي سيقود الحملة الانتخابية للوبان، “إن وجهات نظرها تحظى بدعم الأغلبية في فرنسا”، كما تساءل أحد نواب البرلمان عن حزب لوبان، جيلبرت كولار، “من يستطيع القول أن كل شيء يسير على ما يرام في فرنسا وأن وضع الاقتصاد جيد وأن الأمن مستتب، وأنه تمت السيطرة على الإرهاب، وأن الشعب في أمان الآن؟ لأن الجميع مقتنع بأن أفكارنا ذات مصداقية، يقومون بتناولها وتأييدها”.
في هذا الصدد، يقول أمين عام حزب الجبهة الوطنية الفرنسية، نيكولاس باي، إن ترامب وانسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يصبان في صالح لوبان، كما أن ذلك يُظهر الدينامكية الوطنية للشعب الفرنسي التي تجاوزت الحدود الفرنسية إلى كامل العالم، ولذلك يمكن اعتبار هذه الحقبة من التاريخ، ربيع الأمة، على حد تعبيره
المصدر: الغارديان