لم يتوان قصف الطائرات الروسية والسورية عن استهداف المدنيين والأحياء في سوريا فحسب، بل وجه ضربة للعالم برمته، من خلال استهداف قافلة مساعدات تابعة للأمم المتحدة والصليب الأحمر والهلال الأحمر السوري، مؤلفة من 31 شاحنة محملة بالمساعدات الإنسانية متوجهة إلى بلدة أورم الكبرى في ريف حلب لتوزيعها على البلدة ومحيطها حيث يتواجد 78 ألف شخص.
احتراق القافلة أشعل غضبًا وأعلن نهاية الهدنة
احترقت القافلة على الطريق بسبب قصفها بغارة جوية لم يظهر حتى الآن فيما إذا نفذت من قبل الطيران الروسي أو السوري، ولكن فيما لو كان الطيران السوري الذي نفذها فمن المؤكد أنها كانت برعاية روسية.
تقول مصادر مؤيدة للنظام إن القافلة قصفت لأنها كانت محملة بأسحلة وذخائر “للإرهابيين”، أما الأمم المتحدة فقد أعلنت عن مقتل نحو 34 مدنيًا بينهم 12 من متطوعي الهلال الأحمر بالإضافة إلى جرح العشرات، وعبرت عن غضبها من استهداف القافلة، كما عبر ستيفان دي مستورا عن غضبه أيضًا، وقال في بيان إن القافلة كانت “نتاج عملية طويلة من الموافقات والاستعدادات لمساعدة مدنيين في عزلة”.
وبحسب ما أشارت صحيف الغارديان البريطانية فإن الأمم المتحدة بعد استهداف قافلة المساعدات أوقفت كافة قوافل المساعدات في سوريا، كإجراء أمني مباشر في الوقت الحالي، لتقييم الوضع الأمني أكثر على الأرض، حسب المتحدث باسم الأمم المتحدة جينز لاركر.
أما الولايات المتحدة فصرحت باسم وزارة الخارجية الأمريكية أنها غاضبة إزاء استهداف قافلة مساعدات إنسانية وجهتها معروفة للنظام السوري وروسيا، لكن قتل فيها عمال الإغاثة وهم يحاولون تقديم المساعدة والعون للشعب السوري، وأضاف المتحدث أن هذه الضربة تعد انتهاكًا صارخًا لوقف الأعمال القتالية بموجب الاتفاق وقال سنقيم آفاق التعاون المستقبلي مع روسيا.
الأمم المتحدة توقف قوافل المساعدات الإغاثية في سوريا بعد استهداف قافلة لها أمس الإثنين.
وحتى لو تملصت روسيا من مسؤولية قصف القافلة فإن قصفها من قبل طائرات النظام السوري لا يعفيها من المسؤولية، فروسيا باتت وصية على النظام السوري في قراراته السياسية والعسكرية، وتحديد بنك الأهداف العسكرية لقصفها يتم بالتنسيق مع روسيا.
شاحنات قافلة المساعدات الأممية المستهدفة في الغارة الجوية
ناشطون إعلاميون أكدوا أن الطائرات الروسية أغارت أمس الإثنين على قرى غرب مدينة حلب وقصفت بالقنابل العنقودية حي السكري المحاصر شرقي المدينة ما أدى إلى مقتل 22 مدنيًا على الأقل، وأفادوا أيضًا أن كلا من الطائرات الروسية والسورية استهدفت قافلة المساعدات الأممية وأسفر القصف عن مقتل 12 متطوعًا في الهلال واحتراق العديد من الشاحنات، وكان من بين القتلى رئيس شعبة الهلال الأحمر في ريف حلب عمر بركات.
هدنة ولدت ميتة
بمرور الساعة السابعة مساءً أمس الإثنين تكون هدنة وقف إطلاق النار في سوريا بناءً على اتفاق لافروف – كيري قد انتهت دون إعلان أي طرف من الأطراف المعنية عن تمديدها.
منذ بداية الهدنة في أول أيام عيد الأضحى ولدت الهدنة ميتة حيث سجلت المعارضة السورية نحو 220 خرقًا على مدى أسبوع الهدنة، وعلى الرغم من المفاوضات المضنية بين روسيا وأمريكا في جنيف والخروج باتفاق يحمل بنودًا معلنة وأخرى سرية بعد 14 ساعة مفاوضات، إلا أن أسبوع وقف إطلاق النار لم يشهد تطبيق أي بند من بنود الاتفاق بين روسيا وأمريكا وعلى رأسها إدخال المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحررة والمحاصرة وخصوصًا في مدينة حلب حيث كان الشرط الأول لدى الأمريكيين ليتم الانتقال للبند الثاني وهو إنشاء الغرفة المشتركة وتبادل المعلومات الأمنية والاستخباراتية.
تصاعدت خلال اليومين الماضيين وتيرة الاخترقات للهدنة من قبل النظام وروسيا، وكذا المشادات بين كل من أمريكيا وروسيا بدءًا من إلغاء جلسة لمجلس الأمن من قبل الأمريكان لإعلان بنود الاتفاق وتبعها ضرب التحالف الدولي بقيادة واشنطن مواقع تابعة للنظام السوري مدعية أنها كانت تستهدف داعش فأصابت قوات تابعة للنظام السوري بالخطأ.
ومن ثم التوتر والاتهامات المتبادلة في جلسة مجلس الأمن التي دعت لها روسيا السبت الماضي بين سفيري الولايات المتحدة وروسيا على خلفية قصف التحالف الدولي لأهداف تابعة للنظام السوري، وفيما يبدو أن قصف القافلة كان رسالة واضحة وجهتها روسيا لأمريكا بشأن مصير الهدنة، وتبعها قصف المناطق المحاصرة في حلب.
أضف أن المساعدات الإنسانية طوال أسبوع الهدنة بقيت عالقة على الحدود السورية بانتظار موافقة النظام السوري لها بالمرور، على الرغم من أن القرار الدولي 2165 لا يتطلب موافقة النظام على إدخال المساعدات.
حيث أشارت مصادر في المعارضة السورية أن إيران لعبت دورًا في هذا الباب، بسبب عدم إطلاعها على نص الاتفاق بين الروس والأمريكيين، والأمر الآخر رغبة الإيرانيين في استعادة السيطرة على أغلب المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في حلب وريفها وريف حماة الشمالي.
النظام ينعي الهدنة والمعارضة سنستأنف القتال
في الساعة السابعة مساء أمس الإثنين نقلت وكالة سانا التابعة للنظام عن القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة إعلانها “انتهاء مفعول سريان نظام التهدئة المعلن يوم الإثنين الماضي 12 سبتمر/ أيلول بموجب الاتفاق الروسي الأمريكي”، شهدت بعدها العديد من المدن السورية قصفًا جويًا من النظام قتل على إثره نحو أربعين شخصًا من بينهم قتلى القافلة الإنسانية.
ومن المرجح أن تستأنف المعارضة السورية القتال علمًا أنها سجلت ملاحظات عديدة على الاتفاق وثغرات تقف ضد الثورة، فيما طلبت الولايات المتحدة تفسيرًا لبيان النظام السوري، وأعلنت أنها تسعى لاستمرار العمل في الهدنة المبرمة، ووجه جون كيري انتقادات للروس على هامش اجتماعات الجمعية العامة في نيويورك مطالبًا إياهم بالضغط على النظام السوري للحفاظ على الهدنة، وقال إن روسيا أخفقت في تطبيق التزاماتها بالاتفاق المبرم والتي قضت بوقف الأعمال العدائية لسبعة أيام، فالواضح على الأرض ينبئ أنه لم يتوفر الهدوء اللازم لتوزيع المساعدات الإنسانية.
من جهتها قالت وزارة الدفاع الروسية أنه لا معنى لالتزام القوات الحكومية السورية بوقف إطلاق النار من جانب واحد بينما تتعرض للهجوم من متشددين لا يمكن للولايات المتحدة كبح جماحهم على حد تعربيها، وأفاد أحد مسؤولي الدفاع الروس وهو الجنرال سيرجي رودسكوي، أن “الجنود السوريون والمواطنين المسالمين لا يزالون يموتون” على حد وصفه، والسبب يعود لعدم تمتع الولايات المتحدة بأي نفوذ مؤثر على المعارضة السورية وعدم درايتها بالوضع الحقيقي على الأرض.
في ضوء عدم التزام المتشددين ببنود وقف إطلاق النار فإن روسيا تعتبر أن التزام القوات الحكومية السورية به من جانب واحد لا معنى له
حجاب في نيويورك
أعلن رياض حجاب منسق الهيئة العليا للمفاوضات الممثلة للمعارضة السورية، في اجتماع وزراء خارجية الدول الداعمة للمعارضة السورية في نيويورك، في معرض حديثه عن رؤية المعارضة للحل في سوريا، أن النظام السوري فاقد للشرعية يعتمد في بقائه على تدخل قوى خارجية محملاً بشار الأسد التدهور الذي وصلت له البلاد.
وقال إن حل الأزمة السورية يكمن في تنفيذ القرارات الأممية المتعلقة برفع الحصار عن المناطق في سوريا مشددًا على ضرورة أن يضمن المجتمع الدولي تنفيذ هذه القرارات، واستعرض رؤية المعارضة السورية لمستقبل سوريا من خلال عملية تفاوضية تؤسس لمرحلة انتقالية تبدأ مع رحيل بشار الأسد وتشكيل هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات وصولاً إلى الانتقال النهائي من خلال انتخابات محلية وتشريعية ورئاسية.