تسعى تركيا لتطوير العلاقات مع دول مجلس التعاون الخليجي وتتويجها باتفاقية للتجارة الحرة في أقرب وقت على حد قول وزير التنمية التركي لطفي ألوان، في كلمة ألقاها أمام مسؤولي بنك برقان ورجال أعمال كويتيين أثناء زيارة له للكويت للتباحث في العلاقات الثنائية بين البلدين ومن المقرر أن يتوجه إلى قطر اليوم الأربعاء للغرض نفسه.
التقارب التركي الخليجي عزز من استثمارات تركيا في دول الخليج ورفد استثمارات خليجية في تركيا للاستثمار في كافة المجالات، كما أن ارتباط تركيا مع بعض الدول الخليجية مثل الكويت وقطر بعلاقات متينة يشجعها أكثر على التفكير بإقامة منطقة تجارة حرة تجمع تركيا مع مجلس التعاون الخليجي.
وزير التنمية التركي لطفي ألوان
تركيا والخليج
نمت العلاقات الاقتصادية الخليجية التركية خلال الأعوام الماضية بشكل مطرد تضاعف على إثرها حجم التبادل التجاري بين دول مجلس التعاون وتركيا بشكل متسارع خلال العقد الأخير من حوالي ملياري دولار ليلامس 20 مليار دولار عام 2013، كما أن حجم التدفقات الاستثمارية المباشرة من دول المجلس إلى تركيا بلغ 208 مليار دولار ما بين الأعوام 2010 حتى 2014.
وعقد ولأول مرة المنتدى الخليجي التركي في العام 2012 بمشاركة 500 مشارك من رجال الأعمال من مجلس التعاون الخليجي وتركيا في قطاعات مختلفة، وتقرر عقد المنتدى الثاني في يومي الأول والثاني من شهر نوفمبر/ تشرين الثاني القادم بهدف تعزيز العلاقات الاقتصادية بين تركيا ودول المجلس وزيادة حجم التبادل التجاري بين الطرفين.
وأعلن أحمد بن هندي رئيس مجلس الأعمال البحريني التركي المشارك في غرفة تجارة وصناعة البحرين أن المنتدى سيتضمن 4 جلسات، سيتم فيه مناقشة العديد من المواضيع في الجلسة الأولى منها: الرعاية الصحية والسياحة العلاجية إلى جانب البنية التحتية والاستثمارات التخصصية وكيفية إنشاء آليات للتعاون الفعال بين الجانبين، والتطرق لمجال الدفاع والالتزام المأمول لسلامة واستقرار المنطقة وكذلك التطرق إلى شبكات النقل والخدمات اللوجستية وربط منطقة الخليج العربي بالعالم.
أما الجسلة الثانية ستكون مخصصة لتقديم عرض من قبل مجلس التنمية الاقتصادية حول بيئة الاستثمار في البحرين وعرض آخر من اتحاد غرف مجلس التعاون لدول الخليج العربية حول بيئة الاقتصاد بدول المنطقة.
ارتفع حجم التبادل التجاري بين تركيا والدول العربية من 7 مليارات دولار في العام 2002 إلى 57 مليار دولار في العام 2013
ويهدف المنتدى إلى تسويق الفرص الاستثمارية والتجارية المتوافرة لدى الجانبين إضافة إلى تعزيز قنوات التواصل بين الخليجيين ونظرائهم الأتراك، إلى جانب تفعيل دور القطاع الخاص في التنمية المستدامة وإزالة كل المعوقات التي تعترض مسيرة تنويع قاعدة الاستثمارات الخليجية في الخارج وفتح أسواق جدية للصادرات الخليجية في تركيا والعالم، وتسعى دول الخليج من خلال هذا المنتدى للاستفادة من التجرية التركية التي أثبتت نموها وتطورها في جميع المجالات الاقتصادية.
فتركيا باتت شريكًا تجاريًا لا يستهان به في المنطقة وتحتل مكانة تجارية مهمة لدول المجلس، حيث ذكر أمين عام اتحاد غرف دول مجلس التعاون عبد الرحيم النقي، أن الصادرات التركية للإمارات مثلت 3.3% من جملة الصادرات التركية وإلى السعودية 2.1% من جملة الصادرات التركية، وقد تركزت الصادرات التركية على السلع الاستهلاكية والأنسجة والملابس والزجاج والأحجار والمجوهرات والأدوات الكهربائية، في حين شكلت واردات النفط التركية من السعودية 10% من إجمالي الواردات النفطية التركية عام 2014.
وعليه فإن تطور العلاقات التركية الاقتصادية مع دول الخليج خلال الأعوام الماضية جعلها قادرة على عقد اتفاقات استراتيجية مع دول الخليج العربي، والتفكير بإقامة منطقة تجارة حرة تربط الطرفين بهدف تعزيز التبادل التجاري أكثر.
كما أن حركة تدفق استثمارات دول مجلس التعاون الخليجي في سوق العقارات التركية شهدت نموًا بنسبة 500% خلال الأعوام الثلاثة الماضية مدعومةً بخطوة تحرير قانون الاستثمار الأجنبي في تركيا في العام 2012.
لا تزال تركيا تحقق نموًا مضاعفًا في أعداد السياح القادمين سنويًا من منطقة الخليج العربي ويسهمون بنحو 5% من إيرادات السياحة التركية
تركيا وقطر
العلاقة التركية القطرية توصف بأنها استراتيجية وتعد الأقوى بين دول الخليج، حيث يربط بين البلدين اتفاقيات في العديد من المجالات المختلفة العسكرية والسياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية، آخرها كان توقيع اتفاق توأمة المدن بين أنقرة والدوحة.
تنشط الشركات التركية في قطر منذ العام 2005 وخاصة في قطاع البناء والتشييد، حيث استطاعت الشركات التركية الفوز بـ 119 مشروعًا بقيمة 15.1 مليار دولار بينما بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين نحو 1.13 مليار دولار في العام 2014.
وقد بلغ عدد القطريين السياح الذين زاروا تركيا في العام الماضي 2015 نحو 18 ألف قطري في حين لم يتعد 1400 زائر في العام 2002، كما تنشط الشركات القطرية في في تركيا في تطوير القطاع العقاري عبر امتلاكها الأراضي وبنائها وإنشاء المناطق والمنتجعات والفنادق السياحية.
تركيا والكويت
العلاقات الاقتصادية بين الكويت وتركيا توصف بالعميقة حيث شهدت الأعوام الأخيرة توقيع ما يزيد عن 36 اتفاقية في مختلف المجالات من بينها اتفاقية التعاون الاقتصادي واتفاقية التعاون العلمي والفني والصحي.
وقد بلغ التبادل التجاري بين تركيا والكويت نحو 700 مليون دولار، كما أن شركات المقاولات التركية قامت حتى الآن بإنجاز مشاريع في الكويت بلغت قيمتها 6.3 مليارات دولار، وبحسب وزير التنمية التركي ألوان، فإن هذه الأرقام غير كافية ولا تعبر عن حجم العلاقة التي تربط بين البلدين، مؤكدًا على ضرورة زيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى أكثر من ذلك.
وفي الزيارة التي يقوم بها وزير التنمية إلى الكويت عبر عن رغبة بلاده في نيل أكبر حصة ممكنة من المشاريع الضخمة التي تعتزم الحكومة الكويتية تنفيذها في البلاد خلال الأعوام الخمسة المقبلة، حيث تنوي الكويت تنفيذ مشاريع بقيمة 150 مليار دولار، ومن أبرز تلك المشاريع خط مترو الكويت ومطار الكويت الدولي إلى جانب 523 مشروعًا آخر في مجالات مختلفة.
وتزيد استثمارات الهيئة العامة للاستثمار في تركيا عن 1.56 مليار دولار تتوزع في العقارات ومراكز التسوق والقطاع المصرفي والاستثمار في البورصة ومجالات النقل الجوي.
ويحتل البنك الكويتي التركي المؤسس منذ العام 1989 المركز الأول على مستوى البنوك الإسلامية العاملة في تركيا من حيث حجم الأصول، وقد وصل عدد السياح الكويتيين إلى تركيا نحو 133 ألف سائح العام 2014.
تركيا والبحرين
بلغ عجز البحرين التجاري مع تركيا 118 مليون دولار لصالح تركيا في العام 2015 فيما يتعلق بالسلع غير النفطية، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين نحو 363 مليون دولار إذ بلغت صادرات البحرين إلى تركيا 122 مليون دولار وبلغت واردات البحرين من تركيا 241 مليون دولار.
فالبحرين تصدر إلى تركيا سلعًا تستخدم مادة خام في الصناعات التحويلية مثل خلائط الألومنيوم الخام، في حين تستورد من تركيا منتجات استهلاكية متنوعة مثل السجائر حيث تشكل 38% من واردات البحرين من تركيا.
تركيا والسعودية
زاد حجم التبادل التجاري بين السعودية وتركيا عدة مرات خلال السنوات العشر الماضية حيث ارتفع من 5 مليارات ريال إلى 22 مليار ريال في العام 2014 أي ما يعادل 5 مليارات دولار.
وقد بلغ عدد المشاريع المشتركة بين البلدين حوالي 159 مشروعًا منها 41 مشروعًا صناعيًا و118 مشروعًا في مجالات غير صناعية تختلف باختلاف نشاطاتها وبرأس مال مستثمر يبلغ مئات الملايين من الريالات، كما تم في وقت سابق توقيع اتفاقية التعاون التجاري وأخرى للتعاون الفني والاقتصادي للاستفادة من إمكانات الدولتين في تنويع الصادرات والواردات، بالإضافة إلى اتفاقات لتشجيع وحماية الاستثمارات وتجنب الازدواج الضريبي وتنظيم عمليات نقل الركاب والبضائع بين البلدين.
وتشهد العلاقات الاقتصادية بين البلدين توسعًا مستمرًا، فالتجارة الثنائية بين البلدين تقدر بنحو 7 مليارات دولار مع إدراك الطرفين بأن هناك فرصة أكبر للمزيد من التجارة والاستثمار في كافة المجالات بين البلدين وخصوصًا في مجال الدفاع والصناعات العسكرية التركية الصنع، والجدير بالملاحظة ازدياد الشركات التركية العاملة في السعودية في نشاطات متنوعة مع تواجد ما يقرب من 100 عامل تركي في السعودية يعملون في مجالات مختلفة.
وصل حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى 15 مليار دولار ويسعى كل منهما للوصول إلى 21 مليار دولار بحلول العام 2015.
تركيا وعُمان
يبلغ حجم الاستثمارات التركية في سلطنة عُمان 8 مليارات دولار حيث تعمل 20 شركة في مجال البناء والتشييد في حين تتواجد 11 شركة عُمانية في تركيا تقوم باستثمارات لا تتعدى الـ 10 ملايين دولار تعمل في مجال التعدين والاستيراد والتصدير والعقارات، وتتمتع العلاقة الاقتصادية بين البلدين بعلاقات جيدة في مجال الشراكة في المشروعات وقد أنجزت الشركات التركية في جميع أنحاء عُمان الكثير من المشاريع المختلفة.
تركيا والإمارات
عقدت العديد من المنتديات الاقتصادية في السنوات الماضية بين الإمارات وتركيا نظمتها غرفة تجارة وصناعة دبي، حيث كانت مخرجات الاجتماعات بين الجانبين تحث على تقديم تسهيلات للاستثمارات التركية في الإمارات مثل إلغاء التأشيرات وتمديد الإقامات والتسريع بإنجاز اتفاقية التجارة الحرة مع تركيا.
يبلغ حجم الاستثمارات المتبادلة بين الإمارات وتركيا نحو 12 مليار دولار
وقد ارتبطت الإمارات مع تركيا بعلاقة اقتصادية متصاعدة خلال الأعوام الماضية مدعومة بوجود أكثر من 600 شركة تركية تعمل في دولة الإمارات، منها 282 شركة في دبي تعمل في مجالات مختلفة كما ويعيش نحو 10 آلاف مواطن تركي في أراضي الإمارات.
وبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين نحو 7 مليارات دولار في العام 2015، حيث تصدر تركيا للإمارات بضائع بقيمة 3.2 مليارات دولار تشمل الذهب والمعادن والحديد ومنتجات صناعية، بينما تصدر الإمارات لتركيا منتجات بقيمة 8.2 مليارات دولار تشمل معادن ثمينة ومشتقات النفط، والجدير بالذكر أن مطار أبو ظبي يتولى إدارته شركة تركية كما أن شركات تركية أيضًا ساهمت في تنفيذ مشاريع متميزة في دبي مثل مترو دبي.
وفي الختام فإن الدول الخليجية بحاجة لتركيا لتعزيز العلاقات الثنائية معها والارتقاء بها للأفضل ففي ظل ما تعانيه دول الخليج من إدمان ميزانياتها على النفط وخلل في القطاعات الإنتاجية لديها، فإن تركيا من خلال ما تتمتع به وما تطمح إليه قادرة على تزويد دول الخليج بالمنتجات والصناعات الاستهلاكية الكلاسيكية التي تستوردها من دول أخرى بالإضافة إلى الدخول في عقد شراكات في مجال تكنولوجيا صناعة الأسلحة والدفاع لما تتمتع به تركيا من صناعات عسكرية محلية للطائرات والدبابات والمعدات العسكرية المتنوعة.