نشرت مجلة “جون أفريك” الفرنسية تقريرا؛ سلطت فيه الضوء على كاتبة الدولة في وزارة التشغيل والتكوين المهني في تونس، سيدة الونيسي، التي لا تتجاوز 29 سنة من العمر، موضحة أن هذه الشخصية السياسية تعتبر من أهم الوجوه الجديدة الصاعدة لحركة النهضة.
وقالت المجلة في تقريرها الذي ترجمته، إن سيدة الونيسي كانت تخطط لتقديم أطروحة الدكتوراة في فرنسا عام 2019 ، إلا أنها أصبحت اليوم مضطرة لإعادة النظر في مشاريعها والتركيز على وضع “السياسات الاجتماعية وإجراءات إصلاحية جديدة”.
وتعتبر سيدة الونيسي التي تسلمت منصبها في 20 آب/ أغسطس الماضي، وهو قطاع لا يحظى باهتمام كبير من السياسات العامة، ولكنه ضروري لتحقيق الانتعاش الاجتماعي والاقتصادي، العضو الأصغر عمرا داخل التشكيلة الحكومية الجديدة.
ونقلت المجلة عن الونيسي، وهي إحدى المتحدثات باسم حركة النهضة، قولها: “قوتنا الشبابية هي المصدر الرئيسي للثروة، وإن توفير مناخ التعلم والإبداع والابتكار سيكون هدفنا الرئيسي. كما أننا نسعى لاستعادة ثقة الجميع في قدراتهم ولإعادة تكوين ثقافة العمل”.
وعند بداية احتكاكها بقادة النهضة، قبل فترة وجيزة من انطلاق الانتخابات البرلمانية سنة 2014، كانت أبعد ما تكون عن المشاركة في الحياة السياسية.
وذكرت المجلة أن الونيسي كانت طفلة في الخامسة عندما عبرت الحدود إلى الجزائر بشكل غير قانوني، سنة 1992 مع والدتها وأشقائها للالتحاق بوالدها، عبد القادر، الذي كان يخضع لملاحقات من قبل نظام زين العابدين بن علي.
ومنذ أن استقرت في المنفى في باريس، انقطعت علاقتها مع تونس، قبل أن تعود لقضاء العطلات فيها سنة 2007.
ومع عودتها، اكتشفت الونيسي بلدا برموز اجتماعية غير معروفة، حيث كان نظام ابن علي وقراراته القمعية، وخاصة تلك التي تحظر الحجاب وتزيد من التضييق على النشاطات السياسية. وقالت إن في الوقت الذي كانت تمارس شعائرها الدينية بحرية في فرنسا، كانت تعاني من الإسلاموفوبيا.
ولفتت المجلة إلى أن سقوط ابن علي سنة 2011 سمح لهذه الشابة التي تنحدر من الجنوب التونسي، وتحديدا ولاية تطاوين، بالحصول على دورة تدريبية في البنك الإفريقي للتنمية. وفي بلد عُرف بأوضاعه المحتقنة، لاحظت الونيسي صعوبات العيش وشعرت باختناق شديد عندما عبّر أحد “التقدميين” في إحدى الأيام عن عدم ارتياحه لارتدائها الحجاب، إلا أن ذلك لم يدفع بها إلى التطرف.
في ذلك الوقت، كان تحضر بصفة منتظمة خطب مسجد الفتح، قبل أن يسيطر عليه السلفيون، ثم ابتعدت عنه تماما. وقالت: “لم أكن أريد أن أصلي مثل حيوان منغلق في زاوية مسجد”. وأعربت عن تأييدها لمراقبة الخطاب الديني في المساجد.
وفي هذا السياق صرّحت النائبة، التي تمتلك شخصية مختلفة وتصريحات تختلف عن الخطاب الإسلامي التقليدي، أن “الأمر المؤكد هو عدم وجود فرص عمل”. وبوضوحها هذا ستساعد الونيسي على ضخ طاقات إيجابية والبحث عن جيل شاب قادر على التمييز بين ممارسة الشعائر الدينية والعمل السياسي.
وانتخبت الونيسي عام 2014 نائبة في البرلمان التونسي عن شمال فرنسا.
وقالت عضو لجنة التشريع العام في البرلمان التونسي، إنها تناضل من أجل دولة تضمن سيادة القانون والحريات المدنية، واقتصاد اجتماعي متصالح مع قوانين السوق، وتطوير الشراكة بين القطاعين العام والخاص، والحد من الفجوة الرقمية لضمان تمتع الجميع بتقنيات التواصل المتطورة، ناهيك عن “الحرب ضد الإرهاب”.
وكان راشد الغنوشي، زعيم حركة النهضة، قد قدم في مؤتمر الحزب الذي انعقد في شهر آيار/ مايو الماضي؛ هذه الشخصية السياسية على أنها من أهم الوجوه الصاعدة في الحزب. وبعد انضمامها إلى المكتب التنفيذي للحركة، كانت إحدى أبرز أعضاء الوفد الذي أحاط بالغنوشي خلال زيارته الرسمية لباريس في حزيران/ يونيو الماضي، حيث أُعجبت وسائل الإعلام بطلاقة لسانها في اللغة الفرنسية.
وعلى النقيض من الاتجاه العام للحزب، تدافع الونيسي عن ثنائية اللغة كمصدر للتقدم والثراء المعرفي إلى درجة إقدامها بصفة تلقائية على الكتابة والتعليق باللغتين العربية والفرنسية على شبكات مواقع التواصل الاجتماعي.
وتجدر الإشارة إلى أن كاتبة الدولة في وزارة التشغيل والتكوين المهني متأثرة بعائشة الذوادي، وهي ناشطة إسلامية عانت من التضييقات التي فرضها نظام ابن علي.
وفي هذا الإطار، قالت الونيسي إن “عائشة الذوادي علمتنا كيف نكون نساء، ودرستنا دينا نقيا بعيدا عن الأحكام المسبقة والتقاليد التي تقيدنا، وأثبتت لنا أنه يمكن أن يوجد نموذج للمرأة التونسية المسلمة، والمتعلمة والحرة”.
المصدر: جون آفريك – ترجمة: عربي 21