تحتل إيران لمرة أخرى محور النقاش المحتدم بين إدارة باراك أوباما والجمهوريين في الكونغرس، وهذه المرة كان النقاش يدور حول ما إذا كانت الولايات المتحدة دفعت مبلغ 1.7 مليار دولار لإيران كفدية لإطلاق سراح الرهائن الأمريكيين.
وبصرف النظر عما يتعلق بالدفع، فنتيجة اتفاق التسوية تتعلق بمطالبات قانونية بين البلدين منذ عقود، وهناك شيء واحد مؤكد، وهو أن طبيعة الدفع جميعها نقدية، وبعضها تم تسليمه في منتصف الليل ونقل إلى إيران من قبل شركة الطيران المعروفة بعلاقتها مع فيلق الحرس الثوري الإٍسلامي، دون شروط لضمان أن إيران لن تستخدم تلك الأموال في تمويل الإرهاب، وهذا أمر مثير للقلق.
كانت المعاملات النقدية تثير مخاطر تمويل الإرهاب، ووفقا لمجموعة العمل المالي، وهي هيئة دولية تضع معايير عالمية لمنع غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، إن نقل العملة عبر الحدود يعد أحد الطرق الرئيسية لمستخدمة لنقل الأموال غير المشروعة وغسيل الأموال وتمويل الإرهاب، وهذه المخاطر شديدة بشكل خاص في هذه الحالة، ووصفت وزارة الخارجية إيران على أنها واحدة من أبرز الدول الراعية للإرهاب، وهي البلد التي تدعم بشكل نشط منظمات إرهابية مثل حزب الله وغيرها، كما أنها تساعد الرئيس السوري بشار الأسد في اعتدائه على المدنيين.
وقال أوباما للصحفيين، “إن السبب في أنه علينا أن نعطيهم النقدية هو على وجه التحديد لأننا صارمين جدا فيما يتعلق بالعقوبات وليس لدينا أي علاقات مصرفية مع إيران لذلك لم نتمكن من إرسال شيك، ولم نتمكن من إرسال الأموال”.
وفي حين أنه صحيح أن الولايات المتحدة ليس لديها أي قنوات مصرفية عادية مع إيران، وأن حملة العقوبات الأمريكية والأوروبية ضد إيران تعيق بشكل خطير قدرتها على الوصول إلى النظام المالي الغربي، فالأمثلة التاريخية تشير إلى أن الولايات المتحدة لم يكن عليها أن تسلم هذه الأموال نقدا.
وفي عام 2007، وكجزء من المحادثات السداسية المتعلقة بالبرنامج النووي لكوريا الشمالية، سهلت الولايات المتحدة تحويل مماثل من خلال النظام المالي الرسمي، وكانت الولايات المتحدة حددت بنك دلتا آسيا، ماكاو، والمعروف بامتلاكه لأصول كبيرة للقيادة الكورية الشمالية، باعتباره متخصصا في غسل الأموال بشكل أولي وذلك بموجب قانون باتريوت.
ومثل إيران، تعتبر كوريا الشمالية شبه معزولة تماما عن النظام المالي الدولي، وكجزء من المفاوضات، قررت الولايات المتحدة إعادة 25 مليون دولار من أموال كوريا الشمالية المودوعة في حسابات بنك دلتا آسيا، لكنها وجدت أن المؤسسات المالية لم ترغب في نقل الأموال بسبب أنه لم يكن أحد يريد أن يتم النظر إليه كمتعاون البنك المعروف جيدا بتورطه في أنشطة غير مشروعة، وبدلا من 25 مليون دولار إلى كوريا الشمالية باستخدام المنصات النقدية، تدخل مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي.
ونقل بنك دلتا آسيا 25 مليون دولار من خلال مجلس الاحتياطي الفدرالي إلى البنك المركزي الروسي، والذي بدوره قام أرسالهم إلى بنك الشرق الأقصى، وهو بنك روسي في مدينة فلاديفوستوك، والتي أنشأت حسابات بالنيابة عن القيادة الكورية الشمالية. وعبر هذا النظام، تمكنت الولايات المتحدة من تسهيل توصيل أموال كوريا الشمالية للنظام، من خلال القنوات المالية الشرعية، وكان من الممكن أن يتم استخدام آلية مماثلة لدفع 1.7 مليار دولار لإيران.
وزعمت الإدارة أنها سلمت النقدية الأموال لإيران، لأن البلاد تحتاج بشكل فوري للحصول على الأموال لتلبية الاحتياجات الاقتصادية الحرجة، ولكن من جهة أخرى، توجد خيارات أقل غموضا من شانها أن تسمح بسرعة تسليم المال، وعلى سبيل المثال، وكجزء من خطة العمل المشتركة، والاتفاق المؤقت الذي سبق الاتفاق الإيراني النهائي، أنشأت الولايات المتحدة قناة مالية تعمل باستخدام المؤسسات المالية الأجنبية للتأكد من أن المساعدات الإنسانية والسلع الزراعية يمكن أن تتدفق لداخل إيران.
واعترفت الإدارة الأسبوع الماضي بأنها أرسلت آلاف الدولارات لإيران من خلال النظام المالي الرسمي في ذروة نظام العقوبات الأمريكي في يوليو من عام 2015. وقد تتمكن الإدارة من استخدام هذه القنوات أو ما يشبها من أجل إرسال الأموال.
يشار إلى أن الإدارة والكونغرس سيمضون قدما إذا كان الرئيس غير مستعد، ويجب التأكد من أن أي مدفوعات سيتم توجيها لإيران يتم تسهيلها من خلال النظام المالي الرسمي. وتعد مشاريع القوانين الحالية لمجلس النواب ومجلس الشيوخ خطوات في الاتجاه الصحيح. وكذلك يجب على الولايات المتحدة للحد من المخاطر المتعلقة بأن إيران تستخدم مثل هذه الأموال لدعم الإرهاب أو نظام الأسد.
وينبغي أن يتم تضمين هذه الخطوات: الاحتفاظ بالأموال في حسابات الضمان، والتحقق من أن المتلقين لا صله لهم بأطراف إيرانية، والمطالبة بتحرير الأموال على دفعات، بالتصديق الذي قدمه وزير الخزانة على أن الشرائح المسبقة لم يتم تحويلها للأشخاص المسموح بهم.
وفي حين أن الجمهوريين والديمقراطيين يمكنهم الاختلاف حول الحكمة من تقديم الأموال التي على أقل تقدير، تبدو للمسؤولين الإيرانيين على أنها فدية، ولا ينبغي على الإدارة أن ترسل هذه الأموال نقدا وتجاذف بالتمويل غير المقصود لدعم إيران للإرهاب. فيمكنها ويجب عليها أن تقدم ما هو أفضل في المستقبل.
المصدر: فورين بوليسي – ترجمة: التقرير